أصالة المكان.. وهوية الفرد - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 2:58 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أصالة المكان.. وهوية الفرد

نشر فى : الثلاثاء 15 أكتوبر 2024 - 6:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 15 أكتوبر 2024 - 6:50 م

يرى علماء البيئة ومصممو المدن أن أصالة المكان متعلقة بالتجارب الحسية. وهذا يعنى أن الأماكن الغنية بالمحفزات الحسية مثل الأصوات والروائح والمشاهد التاريخية هى التى تعزز الإدراك بأصالة المكان من خلال إشراك حواس الفرد وخلق تجارب لا تُنسى. ومع ذلك، تكشف الأبحاث الأخيرة أن تجربة الأصالة أكثر تعقيدًا من أن تساهم  التجارب الحسية وحدها فى الشعور بالأصالة.

توضح الكاتبة أن أصالة المكان تتعلق بشخصية الفرد وجوهره، أى بالأبعاد الثقافية والتاريخية والروحية للفرد. بعبارة أخرى، تساهم الروابط العاطفية والنفسية التى تربط الناس بالأماكن فى إدراكهم بالأصالة. فإن ارتباط الناس بحانة ذات أرضيات خشبية يعود تاريخها إلى قرون مضت فى لندن يجعلها أكثر أصالة من الحانة التجارية حديثة النشأة فى الولايات المتحدة.

تؤكد الكاتبة أن الأماكن التى تحافظ على سلامتها التاريخية والثقافية تعمل كمرسيات للهوية، وتوفر الشعور بالانتماء والاستقرار والتذكير بالتفرد وسط تجانس الحياة اليومية. وعلاوة على ذلك، فإن أصالة المكان مهمة لهوية الفرد الشخصية بمعنى الشعور بالصدق مع الذات الذى يسعى إليه المرء وسط ديناميكيات الحياة الحديثة المتغيرة باستمرار.

زعم الفيلسوف مارتن هايدجر أن «السكن» الحقيقى ينطوى على أكثر من مجرد كونه سكن مادى؛ فهو الاتصال الهادف بما يحيط بالفرد ليعزز شعوره بأنه «فى المنزل». وبالمثل، يتحدث مفهوم الطوبوفيليا (حب المكان)، الذى اقترحه الجغرافى يى فو توان، عن الرابطة العاطفية بين الناس والأماكن، مما يشير إلى أن البيئات الغنية بالتاريخ والثقافة والتجارب الحسية تعزز الرفاهية الشخصية والهوية. ويتضح هذا الترابط فى تفضيل الناس زيارة المتاجر المحلية أو الأحياء التاريخية بدلاً من الأماكن التجارية الكبيرة.

بناء على ما سبق، يستطيع مصممو المدن خلق بيئات تعزز الشعور بالأصالة من خلال دمج العناصر المأخوذة من روح الثقافة المحلية والتاريخ وقيم المجتمع. على سبيل المثال، نجح ممشى نهر سان أنطونيو فى تكساس فى إدخال التراث الثقافى والتاريخ الغنى للمنطقة فى تصميمه من خلال دمج عناصر من جذور المدينة الاستعمارية الإسبانية، مثل استخدام الحجر الجيرى الأصلى وأعمال البلاط فى المعمار. كما تتضمن الممرات والجسور والمناطق ذات المناظر الطبيعية الفنون الشعبية والمنحوتات المكسيكية التقليدية التى تساعد فى الشعور بعبق الماضى، وهذا يشجع على مشاركة المجتمع والاحتفال بالتقاليد المحلية.

قول آخر، تشير الكاتبة إلى أن حب الفرد للمكان الذى يعيش ويعمل فيه يمكن أن يؤثر بعمق على حياته العاطفية والنفسية. لذلك تنصح الكاتبة بالبحث عن البيئات التى توفر روابط عميقة مع المجتمع والتاريخ، فقضاء الوقت فى الأماكن التى تتوافق مع قيم الفرد وعواطفه، ستجعل لتجربته الحياتية معنى.

ختاما، تقول الكاتبة، من واقع تجربتها، إنها تفضل الذهاب إلى مقهى صغير بالقرب من منزلها، حيث تنتشر ــ فى كل أرجائه ــ رائحة القهوة الطازجة، ويوفر لها فرصة العمل بهدوء. وتضيف الكاتبة، «أصبح قضاء الوقت هناك بمثابة طقس يساعدنى على الشعور بمزيد من التركيز، ويذكرنى بهويتى بعيدًا عن انشغالات الحياة اليومية».

موقع «Psyche»

ترجمة وتلخيص: وفاء هانى عمر

النص الأصلى

التعليقات