بحث كُتاب الأفلام عن القصص المضمونة بكل الوسائل باعتبار أن المشاهد العربى وأيضا العالمى، يحب رؤية القصص الحقيقية خاصة المنشورة فى صفحات الحوادث أو الجريمة بالصحف والمجلات، وفى تاريخ السينما المصرية هناك أفلام مأخوذة بالكامل من نسيج الواقع، وكل ما فعله المؤلف أن كتبها وصاغها بطريقته، ولعل من أشهر تلك القصص، ما شاهدناه فى أفلام منها: (العتبة الخضراء) إخراج فطين عبدالوهاب 1958، وإحنا التلامذة إخراج عاطف سالم 1958، واللص والكلاب إخراج كمال الشيخ عام 1962. وكم من أفلام أخذت من الواقع بعضها من القصص ذوات العلاقة بالأمن ومنها حكاية السائق الذى فوجئ بأن صاحب العمل قد طالب الأطباء بنقل كلية سائقه إليه لحاجته الضرورية إليها، وكانت هذه الأحداث مسار جدل كبير فى نهاية الثمانينيات، وفى هذه الفترة أيضا اقتبست السينما حكاية الفلاحة التى تم القبض عليها فى ميدان رمسيس وهى أقرب إلى فقدان الأهلية حاملة طفلتها واتهمت أنها سارقة الطفلة، وكان عليها من خلال إحدى الصحفيات فى جريدة الأخبار أن تثبت أن المخطوفة هى ابنتها وسرعان ما تم تحويل هذه القصة إلى فيلمين هما: «وعد ومكتوب» إخراج جان يانى و«لعدم كفاية الأدلة» إخراج أشرف فهمى، وفى نفس الشهور تم تحويل قصة وكيل الوزارة الذى يعمل بمهنة الشحاذة عقب انتهائه من وظيفته. وتحولت القصة أيضا إلى فيلم من إخراج عاطف سالم باسم «حد الصيف».
فيلم «إلحقونا» الذى كتبه إبراهيم مسعود وأخرجه على عبدالخالق قد حول إحدى قصص الواقع إلى فيلم جمع من جديد مؤلف ومخرج عملا كثيرا معا خاصة فى سينما التجسس ومنها «بئر الخيانة» و«إعدام ميت”»، ومن الواضح هنا أن الاثنين ابتعدا عن أجواء سينما التجسس وعاشا فى موضوع مدنى غرابته أشد إثارة من الواقع، فهناك صاحب العمل رأفت الذى استأجر سائقا، وأغدق عليه بالمكافآت وكسب ثقته لدرجة أن قرشى السائق تعاطف معه وقبل أن يتبرع له بالدم عندما احتاج المريض دم السائق، لكن بعد العملية بدأت حالات إغماء تصيب قرشى وبعرضه على الطبيب اكتشف أن كليته قد تم نقلها من جسده إلى رجل الأعمال، الذى تصرف بشكل فج مع السائق، حين عرف الحقيقة فقام بطرده من العمل دون أى إنذار وعلى طريقة بعض الأفلام التى ذكرناها هنا فإن السائق اتجه إلى الصحافة؛ حيث تبنت إحدى الصحفيات، فى بطولة وحيدة للفنانة فادية عبدالغنى، فحملت لواء فضح الحقيقة فى جريدتها وصار الأمر هو قضية رأى عام، أى أننا أمام فيلم تختلف فيه الحبكة الرئيسية والأساس هو كشف نوع جديد من الجرائم ظهر فى الثمانينيات حول سرقة أعضاء أشخاص يتمتعون بصحة دون إذن منهم أو تعلم بذلك، إنها اللعبة القديمة بين المقتدرين وبين المعوزين الذين يحتاجون إلى أجورهم لعيش بكرامة لكن رأفت طرد سائقه، وكان بالغ الخشونة رغم أن فى جوفه الآن قطعة ثمينة هى كلية السائق ويبدو قرشى هنا شخصا موفور الصحة، يمكنه أن يعيش بكلية واحدة حسبما يقول الأطباء، لكن هذه سرقة جديدة سارت فيما بعد منتشرة سواء برضاء الطرف الآخر مقابل مبلغ جيد من المال وعلى حد علمه فإن رجال الدين أدلوا فتاواهم يحللون ويحلون هذه الظاهرة للتخفيف عما يحدث فى المجتمع.