رغم انتعاش الاقتصاد الأمريكي.. لماذا تراجعت شعبية بايدن؟ - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 4:57 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رغم انتعاش الاقتصاد الأمريكي.. لماذا تراجعت شعبية بايدن؟

نشر فى : الأحد 13 أغسطس 2023 - 8:15 م | آخر تحديث : الأحد 13 أغسطس 2023 - 8:15 م
قدمت إدارة بايدن حزما تحفيزية لمواجهة موجة التضخم، أدت هذه البرامج إلى زيادة القوة الشرائية الأمريكية، وانخفاض معدل البطالة، ومع ذلك تحصد الإدارة الأمريكية تقييما منخفضا في استطلاعات الرأي! في ضوء ذلك، نشر موقع Syndicate Project مقالا للكاتب باري إيشنجرين، يقول فيه إن موجة التضخم سببها عدة عوامل وهي؛ تعطل سلاسل التوريد بسبب الجائحة، وتأخر الاحتياطي الفيدرالي في توقع التضخم والتصرف باستباقية، أي أن الخطأ ليس خطأ إدارة بايدن، لكن الناس يميلون عندما يواجهون أسعارا مرتفعة على السلع والوقود إلى إرجاع ذلك لإدارة حكومتهم، بينما عندما ينعمون بأحوال اقتصادية مستقرة ينسبون ذلك لاجتهادهم الفردي! رأي كاتب المقال أن على بايدن الترويج لإنجازاته، وإخبار الشعب الأمريكي أن حجم المشكلة قد انخفض كثيرا في عهده، لكسب ثقتهم مرة أخرى... نعرض من المقال ما يلي.

يكاد الرئيس الأمريكي جو بايدن وفريقه لا يحظون بأي تقدير لجهودهم في إدارة الاقتصاد الأمريكي. وإدراكا من الرئيس أن الانتخابات الرئاسية لعام 2024، على غرار معظمها، سوف تنقلب على الظروف الاقتصادية، أو ما يتعلق بها من تصورات، فقد بدأ الرئيس حملاته الخطابية، مكررًا شعاره القائل Bidenomics is working "بايدنوميكس فعالة" أو سياسة بايدن الاقتصادية فعالة. ولكن في حين أن سياسة "بايدنوميكس" قد تكون ناجعة، فإن تأثيرها السياسي ليس كذلك. إذ أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكةCBS وشركة YouGov الذي أجري بين 26 و28 يوليو الماضي أن معدل تأييد اقتصاد بايدن بلغ 34 في المئة فقط.

إن لهذا الانطباع السلبي تفسيرا مباشرا. إذ ينظر الناس إلى التضخم على أنه ضريبة على دخولهم. فعندما تكون معدلات البطالة منخفضة وينجحون في العثور على عمل معين، فإنهم يعزون حظهم الجيد إلى الاجتهاد والمبادرة الفردية، وليس إلى إدارة حكومتهم للاقتصاد. ولكن عندما يواجهون أسعارا مرتفعة في محلات البقالة أو محطات تعبئة الوقود، فإنهم يعتبرون ذلك- ليس إلى حد المبالغة- خطأ من جانب شخص آخر.

وبالطبع، يبقى السؤال المطروح هو: من ارتكب هذا الخطأ؟ وهذا السؤال معقد لكون نوبة التضخم الأخيرة في أمريكا سببتها عوامل كثيرة. وهذا لا يُعفي إدارة بايدن من المسئولية. فقد قدمت خطة الإنقاذ الأمريكية المتمثلة في حزمة التحفيز البالغة 1.9 تريليون دولار دعما قويا للإنفاق، أعلن عنها في 20 يناير 2021، وهو أول يوم للرئيس في منصبه.

ويمكننا القول: أنه كان قويا جدًا. فبالإضافة إلى الحزمتين التحفيزيتين اللتين أقرهما الكونجرس في عام 2020، وهما قانون المساعدة والإغاثة والأمن الاقتصادي في ضوء كورونا (CARES)، الذي تبلغ قيمته 2.2 تريليون دولار والذي وقعه الرئيس دونالد ترامب في مارس، ومشروع قانون الإغاثة الاقتصادية المتعلقة بكوفيد 19 الذي بلغت قيمته 900 مليار دولار، والذي وقعه ترامب في ديسمبر، قدم الكونجرس والرئيس 200 مليار دولار شهريًا في شكل تخفيضات ضريبية وزيادات في الإنفاق للتعويض عن النقص في الدخول الشهرية بمقدار 30 مليار دولار. وعززت القوة الشرائية الإضافية التي تتمتع بها الأسر مواردها المالية وحالت دون تعرضهم للأزمات، ولكنها أعطت أيضا دفعة للتضخم.

وفي الوقت نفسه، منع النقص المرتبط بـجائحة "كوفيد" واضطرابات سلسلة التوريد الشركات من تلبية هذا الطلب المتزايد. فعلى سبيل المثال، أعاق نقص أشباه الموصلات إنتاج السيارات، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات الجديدة والمستعملة.

والأهم من ذلك أن الاحتياطي الفيدرالي أخفق في توقع الضغط التضخمي والتصرف باستباقية. فقد انتظر بنك الاحتياطي الفيدرالي حتى مارس 2022، عندما وصل معدل التضخم الرئيسي إلى نحو 8 في المئة، لبدء رفع أسعار الفائدة. فلو بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي في اتخاذ الإجراءات اللازمة قبل عام من ذلك، أي منذ الوهلة الأولى لتسارع وتيرة التضخم، لاتخذت الأمور مسارا مختلفا.
• • •
من المرجح أن ينسب المؤرخون المستقبليون فشل بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى تحليله للظروف الاقتصادية في سياق ما كانت عليه في الماضي. فقد كان الخطر الحقيقي والقائم خلال معظم العقد الماضي هو الانكماش وليس التضخم. واستغرق الأمر الكثير من الوقت- قبل أن يدرك صناع السياسة النقدية أن الظروف قد تغيرت وأن يتخذوا إجراءات الاستجابة وفقا لذلك.

وفضلا على ذلك، تعتبر السياسة النقدية أداة فظة للتعامل مع التضخم الناجم عن صدمات العرض السلبية. ونظرا لتفشي اضطرابات سلسلة التوريد بالفعل، كان لدى الاحتياطي الفيدرالي ما يبرر به قلقه من أن الزيادات الوقائية في أسعار الفائدة، حتى لو نجحت في تجنب التضخم، ستؤدي إلى تفاقم ظروف العرض السيئة بالفعل وتدمير الاقتصاد الهش.

ومن ثم، ربما تكون الولايات المتحدة قد فشلت في إدارتها للتضخم، لكن إدارة بايدن كانت مسئولة عن أزمة واحدة فقط من الأزمات الثلاث. إذ لم تكن اضطرابات الإمداد المتعلقة بجائحة "كوفيد" خطأها. ولم تكن الإدارة مسئولة عن رد الفعل المتأخر لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. والواقع أن بايدن مارس ضبط النفس بعدم الضغط على البنك المركزي للحفاظ على موقفه المتجاوب، على عكس الرؤساء السابقين مثل ريتشارد نيكسون ودونالد ترامب.
• • •
والآن بعد أن تراجع تضخم الإنفاق الاستهلاكي الشخصي إلى ما يقرب من 3 في المئة، بانخفاض بنحو الثلثين عن ذروته، هل سيحصل بايدن على قدر أكبر من التقدير لإنجازاته الاقتصادية؟ ستعتمد الإجابة، أولاً على ما إذا كان هناك اعتراف عام واسع النطاق بانحسار التضخم. وأي إدراك من هذا القبيل لن يكون فوريًا. إذ غالبا ما تستمر التوقعات القصيرة الأجل المتعلقة بصدمات التضخم.

ومن المرجح أن يكون بطء التوقعات في التكيف مع الظروف الاقتصادية الفعلية أكثر وضوحًا في عصر الأخبار المزيفة، عندما يتلقى الأشخاص المستهلكون والناخبون والناخبات معلومات صادرة من غرف وسائل الإعلام تخبرهم فقط بما اعتادوا على سماعه. فإذا قيل لهم أن التضخم الجامح لا يزال يمثل مشكلة حتى عندما لا يكون كذلك، فقد يستمر التأخر الإدراكي إلا ما لا نهاية.

ويجب أن يروج بايدن لإنجازاته الأخرى. فمعدل بطالة 3.5 في المئة يعتبر إنجازاً. وتعتبر المستويات المنخفضة التاريخية لمعدلات البطالة في صفوف الأمريكيين المنحدرين من أصول افريقية وأمريكا اللاتينية إنجازا أيضا، شأنها في ذلك شأن الأجور الاسمية في عام 2022 التي نمت بنسبة 11.3 في المئة فيما يتعلق بالأمريكيين من أصول أفريقية ممن يعملون بدوام كامل، مقارنة بـ 7.4 في المئة في صفوف القوى العاملة عموما. وهذه علامات على أن "اقتصاديات التوزيع السريع" لبايدن ناجعة.

ولكن يجب على الرئيس أن يعترف بأن التضخم كان حقيقة مؤلمة للشعب الأمريكي، حتى يتجنب الظهور بمظهر مفرط التفاؤل. ويجب أن يؤكد أن حجم المشكلة قد انخفض كثيرا الآن، وأن يثق في أن الاحتياطي الفيدرالي يجعل الأمر كذلك. ويجب أن يأمل ألا تطغى الأساطير السياسية على الحقائق الإحصائية المتعلقة بالأشهر الخمسة عشر المقبلة.

النص الأصلي:

التعليقات