إذا كان المجلس القومى لحقوق الإنسان يدافع عن قانون الطوارئ، فماذا نتوقع من قادة الأجهزة الأمنية؟!.
لم أصدق عينى وأنا أقرأ تصريحا منشورا للمستشار مقبل شاكر نائب رئيس المجلس يقول فيه «إنه لولا قانون الطوارئ لوقعت كارثة حقيقية حيث ستتحول مصر إلى عراق أو سودان ثان».
هذه الكلمات قالها شاكر للصحفيين عقب اجتماع لجنة حقوق المواطنة فى المجلس فى اليوم الثانى للتفجير الإرهابى ضد كنيسة القديسين فى الإسكندرية. وتوقعت أن يكذبها الرجل فى اليوم الثانى أو الثالث أو حتى فى نهاية الأسبوع فلم يفعل.
وحتى لا يتعامل معى البعض باعتبارى ساذجا أسارع للقول بأننى أعرف أن آراء الكثير من النخبة فى الغرف المغلقة تختلف كثيرا عن الكلمات المعسولة التى يخدرون بها الجماهير المسكينة، ولذلك تتركهم الحكومة يقولون ما يشاءون مادامت تدرك أن ما تريده هو الذى يتحقق فى النهاية.
لكن وفى المقابل فالمفترض ان وظيفة مثل نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان تتطلب من المستشار شاكر ان يحاول حتى «تزويق الكلام».. عليه أن يضحك علينا قليلا أو يخدعنا بدلا من أن يصدمنا.
ان يخرج وزير الداخلية أو أى من معاونيه لإعلان ان الطوارئ حمت مصر من كوارث كثيرة فأمر لا نقبله لكن يمكن تفهمه بحكم «أن أيديهم فى النار».. لكن ما الذى يدفع المستشار شاكر الذى «يده فى الماء البارد» ليقول مثل هذا التصريح؟!.
كان يمكن للمستشار شاكر أن يتحدث عن همجية الإرهابيين ويقول كلاما معسولا كثيرا بحق الامن دون أن يتورط فى الدفاع عن قانون الطوارئ بهذا الشكل الصادم.
هل طلب البعض من المستشار شاكر ان يدافع عن هذا القانون الاستثنائى والشاذ.. وإذا كان الأمر بالنفى، فما الذى دعاه للتطوع؟!.
لا نريد للمستشار شاكر أن يغير قناعاته ورؤاه لكنه وهو الرجل الأول عمليا فى المجلس بحكم ان الدكتور بطرس غالى يقضى معظم وقته فى فرنسا ولديه اهتمامات تتجاوز حقوق الإنسان فى مصر أن يتروى ويختار ما يقوله بحكم طبيعة منصبه.
الحكومة يا سيادة المستشار لديها الآلاف من انصارها وكتابها الذين يدافعون عن قانون الطوارئ، لكنها اختارتك أنت لكى تتحدث باسمها عن سجلها فى حقوق الإنسان، والذى حدث عمليا أنك تقمصت دور وزير الداخلية أو رئيس جهاز مباحث أمن الدولة، ونسيت ان طبيعة منصبك تحتم عليك المطالبة بإنهاء الطوارئ حتى لو كنت تعشقها!.
وإذا كان المستشار يدافع عن قانون الطوارئ فالطبيعى أن يرى أن التجاوزات التى شهدتها انتخابات مجلس الشعب الأخيرة أقل من تلك التى حدثت فى الشورى وان التزوير الذى حدث ليس منهجيا. والأغرب انه يوصى بإخضاع أجهزة الأمن إلى اللجنة العليا للانتخابات.. ولكن بعد ان انتهى المولد.
يا سيادة المستشار إذا كان قانون الطوارئ حمى مصر من كوارث فلماذا وقع التفجير فى الإسكندرية وقبله فى نجع حمادى والزيتون والحسين وغيرهم مئات الحوادث الإرهابية منذ السادس من أكتوبر عام 1981؟!.
يا أيها المستشار.. الذى يمنع الكوارث هو إشاعة الحريات ونشر الديمقراطية والمواطنة ومحاربة الفساد وحكم القانون العادل على الجميع.. وبغير ذلك فالكوارث مستمرة حتى لو كان لدينا مليون قانون طوارئ.