نشرت صحيفة «ذا جارديان» مقالا بتاريخ 12 فبراير للكاتب لويد جرين تحدث فيه عن مذكرات دايفيد فريدمان، سفير الولايات المتحدة السابق لدى إسرائيل فى عهد ترامب، ويرى أن هذه المذكرات لا تشير إلى نهاية عهد، بل هى بدايات ما سيأتى فى عام 2024 وما بعده.. نعرض منه ما يلى. عمل دايفيد فريدمان كسفير لدونالد ترامب فى إسرائيل، لكن هذا المنصب لا يعكس مدى قربه من الرئيس ترامب وتأثيره على سياسات الولايات المتحدة، وتغييره لنهج أوباما وخاصة فى الشرق الأوسط. مذكرات فريدمان، والتى أطلق عليها (المطرقة: كيف أدى الانفصال عن الماضى إلى إحلال السلام فى الشرق الأوسط) تشرح كل هذا.
استطاعت الولايات المتحدة بمساعدة فريدمان صياغة اتفاقات إبراهام وتطبيع العلاقات مع أربع دول عربية، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والخروج من الاتفاق الإيرانى. هكذا، لم يعد للفلسطينيين مكان فى ضمير الحزب الجمهورى. كان فريدمان مع ترامب عندما اتخذ كل هذه القرارات، فهو لم يكن خاضعا لوزير الخارجية آنذاك ريكس تيليرسون، ولم يكنّ اهتماما كبيرا للحفاظ على الوضع الراهن، ولم يخف حبه لإسرائيل وتحمسه لبناء المستوطنات.
رأى فريدمان أن الماضى لم يسفر عن أى تقدم؛ فبعد انقضاء أكثر من نصف قرن على حربى 1967 و1973، زادت سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية، وأفسحت اتفاقات أوسلو الطريق أمام الانتفاضة الثانية، واشتعلت غزة على الرغم من انسحاب إسرائيل منها قبل أكثر من عقد. إلا أنه يبالغ فى الحديث عن السلام الذى حققه فى الشرق الأوسط، فالفلسطينيون بالطبع غير راضيين، والحرب فى اليمن تحتدم، وتضرب طائرات بدون طيار وصواريخ الإمارات، ويمكن أن تسوء الأمور بين إسرائيل وإيران.
فريدمان كان محامى ترامب فى قضايا الإفلاس، وساعد ترامب فى حملته الانتخابية. ولكن أقر فريدمان أنه لم يكن هناك سوى القليل من القواسم المشتركة بينهما. فالدين بالنسبة لفريدمان، اليهودى الأرثوذكسى، هو محور حياته. نقل فريدمان فى مذكراته نصيحة تلقاها من أحد كبار مساعديه فى وزارة الخارجية «لا تكن يهوديا إلى هذا الحد.. أنت تمثل الولايات المتحدة».
تتناول «مطرقة» فريدمان أيضا المظالم العرقية وتوقعات التضامن اليهودى. فريدمان قبل انضمامه إلى إدارة ترامب وصف أوباما بمعاداة السامية ووصف جماعة J Street، وهى جماعة يهودية ليبرالية، بأنها أسوأ من سجانى وحراس معسكرات الاعتقال النازية. يقول فريدمان فى مذكراته أن مشاعره صادقة، فهو يشعر أن J Street خانت الشعب اليهودى. وينتقد فريدمان انتقاد اليهود الأمريكيين لحكومة إسرائيل، ويأسف للانقسام المتزايد بين يهود أمريكا.
يشير فريدمان إلى السمعة التى اكتسبها ترامب بين اليهود الأرثوذكس، الذين لقبوه بالمحبوب كما يقول فريدمان. وينتقد إلهان عمر ورشيدة طليب، عضوات الكونجرس التقدميين الديمقراطيين، بسبب عدائهما لإسرائيل، ويشير إلى محاولته منعهما من دخول إسرائيل كجزء من وفد الكونجرس عندما كان سفيرا فى إسرائيل.
غضب فريدمان كان انتقائيا. فهو لم ينتقد ترامب عندما قال فى مقابلة له مع باراك رافيد أن «نتنياهو لم يرد أبدا صنع السلام»، أو ما قاله فى حديثه عن محمود عباس «قضينا الكثير من الوقت معًا نتحدث عن أشياء كثيرة. وكان تقريبا مثل الأب. أعنى، أنه كان لطيفًا جدًا، ولم يكن ليكون أكثر لطفًا». كان فريدمان قريبًا بشكل خاص من نتنياهو. وفقًا لرافيد، جلس فريدمان فى اجتماعات الحكومة الإسرائيلية حتى ضاق الأمر بأعضاء الحكومة وطردوه. تحدث فريدمان عن جهوده لمساعدة نتنياهو تشكيل الحكومة، وينتقد أفيجدور ليبرمان، كاتم سر نتنياهو السابق ووزير المالية الحالية، لرفضه إنقاذ نتنياهو المتعثر. ولم يشر فريدمان لحقيقة أن نتنياهو آنذاك كان تحت المحاكمة بتهمة الفساد.
انتقد فريدمان فى مذكراته بينى غانتس، وزير الدفاع الإسرائيلى وشريك تخلى عن نتنياهو. على الرغم من أن غانتس كان رئيس أركان الجيش الإسرائيلى، كما يقول فريدمان، إلا أنه لم يمتلك حنكة نتنياهو السياسية. إلا أن فريدمان أعرب عن امتنانه لغانتس. وأشاد ترامب أيضا بغانتس، وإن كان ذلك على حساب نتنياهو.
ما سيفعله فريدمان بعد ذلك سيكون مثيرًا للاهتمام. غادر فريدمان نيويورك مثل ترامب واتجه إلى فلوريدا. يغالى كتاب فريدمان فى الدعاية إلى نيكى هايلى، الحاكمة السابقة لولاية ساوث كارولينا والمرشحة المحتملة للحزب الجمهورى إذا لم يترشح ترامب. وصف فريدمان أيضًا رون ديسانتيس، حاكم ولاية فلوريدا، بأنه أعظم صديق لإسرائيل من بين جميع الحكام الخمسين الحاليين.
«مطرقة» فريدمان ليست فقط مذكرات، ولا تعنى النهاية، بل إنها تجربة أداء لعام 2024 وما بعده.
ترجمة وتحرير: ابتهال أحمد عبدالغنىالنص الأصلى