أسواق غاز شرق المتوسط.. التوفيق بين الطلب المحلى والصادرات - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:59 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أسواق غاز شرق المتوسط.. التوفيق بين الطلب المحلى والصادرات

نشر فى : الأربعاء 15 مايو 2024 - 7:45 م | آخر تحديث : الأربعاء 15 مايو 2024 - 7:45 م

 تدل معلومات الصناعة البترولية على أن إنتاجية حقل «ظهر» المصرى البحرى العملاق بدأت تنخفض خلال السنوات الثلاث الماضية، الأمر الذى دفع السلطات المصرية إلى استيراد الغاز المسال من الولايات المتحدة تفاديًا لانقطاعات كهربائية خلال فصل الصيف المقبل؛ حيث يزداد الاستهلاك الكهربائى لاستعمال مبردات الهواء.

أثار خبر انخفاض إنتاجية حقل «ظهر» اهتمام الصناعة البترولية الشرق أوسطية، إذ تشير الأرقام إلى انخفاض من 3.2 مليار قدم مكعب يوميًا عند بدء الإنتاج فى عام 2017 إلى 1.9 حتى 1.2 مليار قدم مكعب يوميًا خلال عام 2023.

شكَّل اكتشاف شركة «إينى» الإيطالية للحقل فى شهر أغسطس 2015، وبدء الإنتاج منه فى عام 2017، نقطة تحول مهمة فى الصناعة البترولية المصرية عمومًا، نظرًا لضخامة احتياطى الحقل الذى يبلغ نحو 30 تريليون قدم مكعب.

يعد «ظهر»، أكبر حقل غاز فى مصر وفى البحر الأبيض المتوسط، عماد صناعة الغاز المصرية، التى بلغ احتياطيها الغازى مع «ظهر» 63.30 تريليون قدم مكعب.

تدل المعلومات المتوافرة أيضًا على أن هناك إمكانية لشركة «شل» لتعويض الانخفاض فى حقل «ظهر» من قبل حقلها تحت التطوير الآن، حقل «خوفو»، حيث حفرت «شل» 3 آبار ذات نتائج جيدة. وهناك التزام من قبل شركة «شل» بحفر 3 آبار أخرى خلال عام 2024، هذا بالإضافة لإمكانية ربط إنتاج حقل «خوفو» مع إنتاج حقول قريبة لشركة «شل» من «خوفو»، الأمر الذى من الممكن أن يساعد فى تعويض بعض الانخفاض فى «ظهر».

تواجه مصر معضلة فى إنتاجها البترولى، فمنذ القرن العشرين حتى الآن، يستمر إنتاج النفط المصرى أقل من الاستهلاك المحلى للنفط، الأمر الذى يؤدى إلى استيراد النفط لتوازن العرض والطلب على النفط، لكن بتكلفة عالية من العملات الصعبة.

بدأت مصر التنقيب عن الغاز فى المناطق الاقتصادية الخالصة فى البحر الأبيض المتوسط منذ الربع الأخير للقرن العشرين، وحققت نجاحات مهمة. لكن واجهت مصر معضلة مزمنة هى كيفية توازن العرض والطلب، فرغم الاستكشافات المهمة، بالذات فى شمال الإسكندرية وبورسعيد، فإن عدد سكان مصر فى ازدياد عالٍ سنويا؛ إذ ارتفع إلى أكثر من 100 مليون نسمة، وهناك أيضا التوسع فى استهلاك الغاز داخليًا، بالإضافة إلى مشروعات تصدير الغاز المسال إلى أوروبا للالتزام باتفاقياتها مع الأقطار الأوروبية، ومن ثم تسلمها إمدادات غازية من إسرائيل وقبرص للمعالجة فى محطات تسييل الغاز المصرى وتصديرها لاحقا على أنها غاز مسال، جنبا إلى جنب مع الغاز المسال المصرى، لتنفيذ اتفاقاتها التجارية مع أوروبا.

فالحال فى مصر: تحقيق اكتشافات غازية ضخمة، لكن مع معدلات طلب داخلية عالية متزايدة سنويًا، والتزامات طويلة المدى للتصدير، يترتب عليها غرامات مالية عالية الثمن فى حال الإخفاق فى كميات التصدير المتفق عليها.

وفى دول شرق أوسطية أخرى، مثل لبنان وسوريا؛ حيث التأخير فى اكتشاف وإنتاج الغاز البحرى، وفى ظل أنظمة سياسية واقتصادية فاشلة ومنهارة؛ أصبح انقطاع «كهرباء الحكومة» أمرا طبيعيا على مدى السنوات الماضية، وأصبح الأمر المعتاد «كهرباء المولدات» فى الأحياء والمساكن نفسها، هو الأمر «الطبيعى»، مع كل ما تترتب عليه خطورة هذا التطبيع والانتشار من شيوع الأمراض السرطانية نتيجة الانتشار المكثف للمولدات ووقودها من «الفيول أويل»، كما تدل على ذلك الأبحاث العلمية المنشورة للكليات العلمية فى الجامعات المحلية، وهو أمر له نتائج خطيرة، بالذات لتوقع استمرار هذا الوضع المأساوى فترة طويلة قبل تصحيح الوضع الحالى: احتمال اكتشاف الغاز والبدء فى مرحلة الإنتاج، وصعوبة استقامة الوضعين الاقتصادى والسياسى، وتشييد شبكات أنابيب الغاز المحلية، وتشييد مصانع جديدة لتوليد الكهرباء لموءامة الزيادة فى حجم الاستهلاك المحلى السنوى بعد سنوات من التأخر والتهميش؛ وأخيرًا، وليس آخرًا، تأمين الاستثمارات اللازمة للإصلاحات هذه، بعد فترة التقاعس والإهمال طويلة المدى.

 وليد خدورى

 خبير اقتصادى  من العراق

الشرق الأوسط اللندنية

التعليقات