على إسرائيل الاستعداد لمهاجمة إيران وحدها - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:33 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

على إسرائيل الاستعداد لمهاجمة إيران وحدها

نشر فى : الخميس 15 يونيو 2023 - 8:45 م | آخر تحديث : الخميس 15 يونيو 2023 - 8:45 م
مؤخرا، برزت عدة تطورات تقرّب إسرائيل من احتمال مهاجمة إيران. أساس هذه التطورات هى قرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن إيران، والخطوات التى تتخذها إدارة بايدن، وتقدُّم إيران فى مجال برنامجها النووى، وذلك على النحو التالى.
• • •
أشارت مصادر إعلامية إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أغلقت تحقيقين مرتبطين بالبرنامج النووى الإيرانى، وتحديدا، المتعلق ببقايا اليورانيوم المخصّب إلى مستوى 83.7%، والتى وُجدت فى المفاعل النووى فى «فوردو»، وفى مفاعل آخر فى بلدة ماريفان. وبحسب ادعاءات إسرائيل، فإن المفاعل فى ماريفان كان مرتبطا ببرنامج السلاح النووى الإيرانى. وأشارت صور الأقمار الصناعية إلى أن الإيرانيين هدموا جميع المبانى فى المكان، بهدف إخفاء الأدلة. وعلى الرغم من ذلك، فإن مراقبى الأمم المتحدة استطاعوا إيجاد بقايا يورانيوم، ولذلك فُتح التحقيق.
حاولت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التخفيف من وقع الخبر على الأذن الإسرائيلية، وقالت فى التقرير ذاته إنها جددت الرقابة على المفاعلين فى فوردو ونتانز، بالإضافة إلى أنها ركّبت كاميرات مراقبة جديدة فى المبنى الموجود فى مدينة أصفهان، حيث توجد أجهزة الطرد المركزى. وعلى الرغم من ذلك، فإنه من المهم الإشارة إلى أن طهران استمرت فى رفع كمية ومستوى تخصيب اليورانيوم لديها خلال الأعوام الأخيرة، حتى عندما سمحت للوكالة الدولية للطاقة الذرية باستعمال كاميرات فى مواقعها النووية.
إغلاق الملفات المركزية يعزز إمكانية تجديد المحادثات النووية علنا، وحتى إنه يعزز احتمال الوصول إلى اتفاق جدّى. وسبب ذلك أن التحقيقات فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كانت فى مركز المفاوضات بين إيران والقوى العظمى بشأن تجديد الاتفاق النووى فى العام الماضى. وفى سبتمبر، قال الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى إن كل مسار لتجديد الاتفاق النووى من سنة 2015، عليه أن يضمن إغلاق التحقيقات. وفى المقابل، أكد دبلوماسى غربى أن القضية أُغلقت بطلب من طهران.
• • •
إغلاق التحقيقات فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن المكون العسكرى فى البرنامج النووى الإيرانى، يضاف إلى تطورات موازية تجرى وراء الكواليس وتقوم بها الإدارة الأمريكية. خلال الشهر الأخير، نُشر فى وسائل إعلام دولية أن إيران والولايات المتحدة تجريان محادثات دبلوماسية غير مباشرة، ومباشرة بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق وسطى غير رسمى، بعد التوصل إلى فهم مفاده بأن التوصل إلى اتفاق رسمى وكامل هو أمر غير عملى فى المناخ الدولى الحالى، وضمنه المساعدة العسكرية الإيرانية لروسيا فى حربها ضد أوكرانيا، واستمرار العدوانية الإيرانية ضد القوات الأمريكية، وبصورة خاصة فى سوريا، وكذلك عدوانية إيران فى الخليج الفارسى والسيطرة على ناقلات النفط الأجنبية.
جوهر الاتفاق المؤقت هو تجميد البرنامج النووى الإيرانى فى وضعه الحالى، فى مقابل وقف جزء من العقوبات الاقتصادية التى فُرضت على إيران، وبالأساس تحرير أموال إيرانية محجوزة فى عدة دول. معنى هذا الاتفاق هو تبييض الخروق الإيرانية دوليا فى المجال النووى، ومنح إيران شرعية، والمصادقة على أن يكون لديها برنامج نووى بمستويات تخصيب مرتفعة، وفى الوقت نفسه، أن يكون لديها كميات كبيرة من اليورانيوم المخصّب التى تكفى لتصنيع عدة قنابل نووية. وفى المقابل، فإن الاتفاق يسمح لإيران بالحصول على عشرات مليارات الدولارات، ويمكن أن تُستخدم للاستمرار فى مراكمة القوة العسكرية واستثمار هذه الأموال لتعزيز العدوانية الإيرانية فى منطقة شرق المتوسط والعالم.
• • •
وفوق هذا كله، يحوم التقدم التقنى، وربما العسكرى الإيرانى فى البرنامج النووى. أقرّ التقرير الأخير الذى أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأن إيران استمرت فى خرق الاتفاق النووى فى الأشهر الأخيرة، وعززت مخزون اليورانيوم المخصّب لديها، جديا. وبحسب التقديرات المختلفة فى إسرائيل وفى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران لديها الآن كمية من اليورانيوم على مستوى تخصيب تكفيها لصنع ما بين قنبلتين و5 قنابل نووية. هذا التقدم الزاحف والمستمر من إيران، دفع بها إلى أن تصبح اليوم دولة عتبة نووية، على الأقل إزاء كل ما يخص كمية ومستويات التخصيب.
وإلى جانب التطورات المقلقة مؤخرا، يجب الإشارة إلى أن تقدُّم إيران فى مجال تخصيب اليورانيوم هو مكون واحد من عدة مكونات لتطوير سلاح نووى. وللوصول إلى ذلك، هناك حاجة إلى تصنيع اليورانيوم المعدنى (بدأت إيران فعلا بالتنفيذ)؛ وتطوير سلاح ملائم، وضمنه منظومات التفجير، وتصغير وتركيب رءوس نووية على الصواريخ؛ وأيضا بناء منصة إطلاق ملائمة لمنظومة التفجير النووى (طائرة، سفينة، أو صاروخ). المرحلة الأخيرة هى إجراء اختبار بقنبلة نووية.
وبحسب التقديرات المختلفة فى إسرائيل، فإن إيران تحتاج إلى ما بين عام ونصف وعامين فى أبعد تقدير، فى حال قررت امتلاك السلاح النووى وصناعته. ولكن، فى حال نجحت إيران فى تطوير منظومات سلاح من دون كشفها، وبسرية، فإن هذا سيقصّر الوقت الذى تحتاج إليه إلى النصف، ويمكن أكثر، وهذا يعتمد على الوقت الذى تنجح فيه إيران فى التقدم بسرية مع منظومات السلاح حتى يتم كشفها.
• • •
إجمالا، فى المدى القصير، على إسرائيل تعزيز نشاطاتها فى إطار المعركة بين الحروب ضد أهداف إيرانية مرتبطة بالبرنامج النووى، وضمنها نشاطات سرية لضرب البنى التحتية النووية والعناصر المرتبطة بالمنظومة النووية المدنية والعسكرية الإيرانية.
فى المدى المتوسط، يمكن الافتراض أن إدارة بايدن ستمتنع من القيام بخطوات معينة ضد إيران، وستحاول إحباط كل هجوم إسرائيلى ضد إيران، حتى إنه يمكن الافتراض أن بايدن يريد الوصول إلى فترة الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى نوفمبر 2024، وهو يملك إنجازا سياسيا فى مجال العلاقات الخارجية، على شكل اتفاق مع إيران.
فى ظل هذا الواقع، على إسرائيل أن تحضر نفسها لإمكانية العمل وحيدة حيال كل ما يخص التعامل مع السلاح النووى الإيرانى. وأكثر من ذلك، عليها أن تكون جاهزة فى حال رفضت إدارة بايدن منح الشرعية لضربة إسرائيلية، ومنعت أيضا المساعدة الأمريكية فى المجال العسكرى الاستراتيجى (التزويد بسلاح، ورفض بيع أسلحة مخصصة للهجوم)، وفى المجال العسكرى العملياتى (تعاون استخباراتى)، والسياسى (إقناع دول المنطقة بالتعاون مع إسرائيل)، وفى المجال الدبلوماسى (عدم استعمال الفيتو فى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعدم وجود دعم أمام المجتمع الدولى).

عومر دوسترى
باحث فى معهد القدس للاستراتيجيا والأمن
صحيفة ماكور ريشون
مؤسسة الدراسات الفلسطينية
التعليقات