ما الذى نحتاجه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؟!
هذا السؤال كان محورا مهما فى التقرير الذى أطلقته جامعة الدول العربية ووزارة التخطيط يوم الأحد الماضى، بإشراف الدكتور محمود محيى الدين المدير التنفيذى بصندوق النقد الدولى.
أول متطلبات هذه التنمية المستدامة أن تكون لدينا بيانات جيدة ومعلومات مدققة، وهو عنوان ورقة مهمة فى التقرير للدكتور مازن حسن والأستاذة إنجى أمين. والمقصود بجودة البيانات أن تكون دقيقة فلا يمكن إنجاز تنمية ببيانات مزورة أو ملفقة أو «ملعوب فيها»، وأن تكون مترابطة وليست مفككة وأن يكون هناك إمكانية للوصول إليها، وليست محجوبة أو محظورة، وأن تكون ملائمة، وذات مصداقية، وسهلة التفسير وكذلك يكون توقيتها جيدا، فلا قيمة للحصول عليها فى الوقت الخطأ أو بعد فوات الأوان.
وتثير الدراسة أسئلة مهمة من قبيل مدى توافر البيانات المتعلقة بأهداف التنمية وإمكانية الوصول إليها ومعالجتها فى مصر، واستخدام بيانات المقابلات لتحديد بعض الاختناقات التى يمكن معالجتها لجعل عملية توليد البيانات الحكومية أكثر سلاسة وكفاءة، وكذلك إجراء تمرينات إحصائية باستخدام تحليل المكون الرئيسى لتحقيق أعلى عائد تنموى ممكن.
المتطلب الثانى هو كفاءة التنفيذ لتحقيق توطين التنمية. تتناول الدراسة نماذج مثل مبادرة حياة كريمة التى تهم ٥٨ مليون مواطن مصرى وتتطلب ٤٥ مليار دولار تمويلا، حيث سيتم تحويل أكثر من ٤٥٠٠ قرية مصرية إلى مجتمعات ريفية مستدامة، وتم إدراج هذه المبادرة على منصة الأمم المتحدة للشراكات.
النموذج الثانى هو تقارير توطين أهداف التنمية المستدامة لـ٢٧ محافظة بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان.
وأخيرا معادلة توزيع تمويل الاستثمارات بأكبر قدر من المساواة على المحافظات بالاعتماد على عدد من المؤشرات مثل الكثافة السكانية والبطالة والفقر والفجوات التنموية.
فى هذا المحور وتحت كفاءة التنفيذ أيضا نكتشف أن فقدان كفاءة التنفيذ يجعل الخسائر من سوء حوكمة مشاريع البنية الأساسية على مستوى العالم تصل إلى ٥٣٪ فى الدول النامية منخفضة الدخل، و٣٤٪ فى اقتصادات الأسواق الناشئة، و١٥٪ فى الاقتصادات المتقدمة. وهذه الإحصائيات شديدة الخطورة لأنها تكشف لنا أن الدول النامية تخسر نصف تمويل تنميتها بسبب غياب الحوكمة والكفاءة.
الدراسة تقول لنا إن الفجوة التمويلية فى الاقتصادات النامية كانت ٢٫٥ تريليون دولار قبل ظهور جائحة كورونا، لكنها ارتفعت إلى ٤٫٢ تريليون بعد الجائحة. وهذه الزيادة عبارة عن تريليون دولار احتياجات إنفاق إضافية بسبب الوباء و٧٠٠ مليار دولار انخفاضا فى الموارد الخارجية الخاصة.
أما الفجوة التمويلية فتبلغ ١٫٥ نقطة مئوية، من الناتج المحلى الإجمالى فى البلدان منخفضة الدخل، و٤٫٢ نقطة مئوية للأسواق الناشئة و٧٫٢٪ من الناتج المحلى الإجمالى سنويا بين أعوام ٢٠١٥ و٢٠٣٠.
والأرقام السابقة تمثل الإنفاق الإضافى المطلوب لإحراز تقدم نحو أهداف التنمية فى مجالات التعليم والصحة والكهرباء والطرق والمياه والصرف الصحى والطاقة والحماية من الفيضانات والرى والنقل.
وارتباطا بالعنصر السابق نكتشف أن حجم الفجوة التمويلية لأهداف التنمية المستدامة فى مصر ستبلغ ٧٦٢ مليار دولار تقريبا بين أعوام ٢٠٢٠ ــ ٢٠٣٠، إذا تمت الاستفادة من التآزر والترابط والتنسيق بين الأهداف، وإذا لم يحدث ذلك فسوف ترتفع الفجوة إلى ٩٢٤ مليار دولار، والبيانات السابقة مصدرها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا «الإسكوا».
هناك عنصر آخر مهم وهو التكامل بين كل مصادر التمويل من التعليم والتشخيص إلى استراتيجية التمويل إلى الإشراف والمتابعة وأخيرا الحوكمة والتنسيق، ويتحدث التقرير عن ضرورة تحليل الفجوة بناء على وضع التدفقات المالية فى مصر وتطور هذه التدفقات ومقارنتها بمثيلتها فى الاقتصادات الشبيهة وأن يكون هناك إطار تمويليل وطنى متكامل.
وهذا الموضوع المتعلق بالتمويل الملائم يتضمن العديد من النقاط والبيانات والإحصائيات وسوف أواصل عرضه فى الأيام المقبلة إن شاء الله.