الإعلام لا يصنع ثورة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:39 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإعلام لا يصنع ثورة

نشر فى : الإثنين 16 مايو 2011 - 8:15 ص | آخر تحديث : الإثنين 16 مايو 2011 - 8:15 ص

 سؤال افتراضى: لو لم تكن هناك قناة «الجزيرة» أو «العربية» وغيرهما من الفضائيات موجودة هل كانت الثورة المصرية ستقوم أو تنجح؟!.

هذا المقال كتبته يوم 20 فبراير الماضى لكن تلاحق الأحداث أجل نشره أكثر من مرة.. وبما أن منتدى الإعلام العربى سيبدأ غدا فى دبى فربما كان التوقيت الآن مناسبا.

الإجابة ببساطة أن الشعب تحرك يوم 25 يناير، وفاجأ نفسه وفاجأ منظميه وفاجأ كل أجهزة الاستخبارات الأجنبية والإقليمية والمحلية وأنجز واحدة من أعظم الثورات الشعبية رقيا وتحضرا رغم ما شابها من خيول وبغال أنصار مبارك.

إذا وببساطة الثورة نجحت لأن الشعب تحرك وليس بسبب أى فضائية أو صحيفة.

سمعنا وقرأنا مقولات غريبة يتناقلها البعض وكأنها بديهيات لا تقبل الجدل مفادها أن «الجزيرة» هى التى صنعت الثورة فى مصر، مثلما جعلت الثورة تنجح فى تونس، أو تكاد تنجح فى ليبيا الآن.

ليس ذلك انتقاصا من «الجزيرة» أو غيرها.. فهى قناة تمكنت عبر توليفة مهنية خاصة من قيادة الرأى العام العربى وتشكيله منذ نشأتها.. لكن الفضائيات وكل أجهزة الإعلام لا يمكنها ــ مهما فعلت ومهما كانت كفاءتها ــ أن تنشئ ثورة من العدم.. يمكنها أن تساعد أو تحرض أو تسرع من الأحداث.. هى تنقل الأحداث لكنها لا تخلقها.

الإعلام المهنى المحترم أو حتى المحرض قد يقود إلى خلق حالة تراكم لدى الشعب المستهدف، لكن يظل هناك ما يسمى بالظرف الموضوعى، الذى بدونه لا يمكن حدوث التغيير.

يصعب أن يؤرخ أحد الآن لما حدث فى مصر، فالوقائع لا تزال طرية وطازجة ومتغيرة كما أن المشهد الأخير لم يكتب بعد.. لكن يمكننا أن نقول إن الإعلام كان له دور ــ وليس كل الأدوار ــ التى ساعدت على نجاح الثورة.

المؤكد أن الفضائيات المستقلة خصوصا برامج «التوك شو» لعبت دورا مهما منذ عام 2005 فى زيادة وعى المصريين بقضاياهم.

المؤكد ثانيا أن «الدستور» الأصلى، و«المصرى اليوم» و«الشروق» وقبلهم صحف حزبية مثل «العربى الناصرى» و«الوفد» وصحف أخرى وبرامج تلفزيونية قبل سنوات.. قد لعبوا دورا مهما فى إحداث هذا التراكم وعرض معظم وجهات النظر.

لكن كل هذا الجهد ما كان يمكن أن تكون له قيمة من دون نزول الشعب إلى الشارع.

دليل ذلك أن هذا الإعلام المستقل، يقول نفس الرسالة منذ سنوات لكن الشعب لم يتحرك بهذه الكثافة.

حدث الظرف الموضوعى ــ الذى لم يتوقعه أحد ــ يوم الثلاثاء 25 يناير الماضى، لأسباب كثيرة منها تزوير الانتخابات الأخيرة بطريقة فجة وزيادة عنف الشرطة وحادث خالد سعيد، وتفاقم الفساد والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية، والأهم شعور الناس باليأس بعد انسداد أى باب للأمل.

كثيرون كان لهم دور مهم فى الثورة، ومنهم الإعلام، لكن نزول الشعب إلى الشارع ــ ودفعه الثمن المتمثل فى دماء الشهداء والمصابين ــ هو الذى حسم الأمر.

لو كان الإعلام وحده يصنع الثورة، فلماذا لم تتحرر فلسطين رغم أن «الجزيرة» وكل الفضائيات وأجهزة الإعلام العربية تلعن «سلسفيل» إسرائيل ليل نهار وتدعو للثورة ضدها؟ هل من مجيب؟.

تحية لكل الإعلام العربى المهنى والمحترم.. التحية الأكبر لروح الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل أن ننعم بالحرية والكرامة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي