إخوتنا الروافض - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:50 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إخوتنا الروافض

نشر فى : الجمعة 17 أبريل 2009 - 4:08 م | آخر تحديث : الجمعة 17 أبريل 2009 - 4:08 م

 
قبل حوالى عشر سنوات وفى صالة تحرير صحيفة خليجية كبرى دقت وكالات الأنباء بالصوت المميز ــ الذى اختفى الآن ــ معلنة عن خبر عاجل.. جريت لأعرف ما الجديد.. كان خبرا عن عملية نوعية نفذها مقاومو «حزب الله» حينما نصبوا كمينا لجنود الاحتال الإسرائيلى فى قرية الأنصارية ــ حسبما أذكر ــ فى جنوب لبنان المحتل وقتها، واستطاعوا قتل أكثر من عشرين جنديا للاحتلال.

عندما قرأت «التيكرز» المكون من حوالى عشر كلمات، هتفت بأعلى صوتى وسط صالة التحرير قائلا: الله أكبر.. سألنى زميل خليجى عن سر فرحتى الطاغية..

فأخبرته، فرد علىّ باستياء بالغ: «يا أخى هؤلاء شيعة روافض لا ينبغى أن تهلل لهم».. أجبته مستغربا بأنهم مسلمون وعرب وحتى لو كانوا «الشيطان نفسه». فأنا معهم طالما كانوا يقاومون محتلا غاصبا وعنصريا يتفنن فى إذلالنا منذ أكثر من 60 عاما.

كانت تلك أول مرة أسمع كلمة رافضة.. المهم انتهت المناقشة مع الزميل الخليجى وتركت فى نفسى أثرا يصعب محوه، وما كنت أحسبه وقتها موقفا فردىا أو ضيقا صار للأسف يكتسب أرضا جديدة كل يوم.

قبل السفر للخارج وشأن معظم المسلمين المصريين ورغم ادعائى أننى قارئ جيد فلم يكن فى ذهنى مطلقا الخلاف الشيعى السنى، ربما لسبب بسيط، أن غالبيتنا سنة، وجميعنا نحب آل البيت، وبالتالى فلم يحدث صدام مذهبى عندنا، كما أننا شعب وسطى تقريبا فى كل شىء.

الآن بدأت الصورة تختلف كليا.. والسبب هو وسائل الإعلام إلى حد كبير خصوصا الإنترنت.. فى الماضى كانت العزلة، ورغم كل آثارها السلبية، نعمة بالنسبة لهذا الأمر.. اليوم، يستطيع أى شخص أن يدخل مواقع الدردشة الإلكترونيةأو يطلع على الصحف والفضائيات التى تتكاثر بشكل جنونى.. ولأننا فى زمن الانحطاط، فقد انتشر الفيروس الطائفى بيننا بصورة تنذر بكوارث يصعب تخيلها.

لو تناقش سنى وشيعى عن أيهما الأصح فلن يصلا لنتيجة، والخلاف الذى عمره بعمر الإسلام أو أقل قليلا لن يحسم اليوم بين يوم وليلة، ولن تنهيه مؤتمرات وندوات التقريب بين المذاهب.
كل الأديان السماوية والوضعية والأفكار الكبرى انقسمت وتشظت، وكل يدعى أنه الأفضل ومحتكر الحقيقة.

وطالما أنه لا يمكن لدين أو مذهب أو فكرة أن يقضى على الآخر بالقوة.. فلا مفر سوى من الحوار بالعقل، والتعايش وقبول الآخر..

وإذا كنا قد قبلنا محاورة ومفاوضة إسرائيل القائمة على مستنقع من الأساطير، وجلسنا مع قادتها الذين احتلونا وقتلوا أسرانا واحتلوا أرضنا ومايزالون.. أفلا يمكن أن نصل إلى وضع مشابه مع إخوتنا الشيعة الذين رغم أى خلاف معهم فبعضهم عرب وكلهم يقولون لا إله إلا الله.
عماد الدين حسين

عماد الدين حسين  كاتب صحفي