نشر منتدى شرق آسيا، مقالا للكاتب مبشر حسن؛ وهو زميل باحث فى معهد بنجلاديش للأبحاث الاجتماعية، ومرشح للدكتوراه فى كلية الحكومة والعلاقات الدولية، جامعة جريفيث، يتناول فيه قضية اللاجئين البنجاليين وكيف بدأت بتوجههم لدول أخرى كماليزيا وإندونيسيا وأستراليا بحثا عن حياة أفضل. ثم بدأ استيراد الدول المسلمة للعمالة البنجالية فى عهد الرئيس ضياء الراحل لتصبح بعد ذلك ملجأ أساسيا لهم، ثم بعد غلق الأبواب الشرعية بسبب سوء الأوضاع فى المنطقة، لم يتوقف البنجاليون عن الهجرة بل بحثوا عن طرق أخرى أكثر خطورة للهجرة.
بدأ الكاتب المقال بالحديث عن قضية «لاجئى القوارب» البنجاليين التى خرجت أخيرا إلى النور بعد سلسلة من الحملات على الاتجار بالبشر فى جنوب شرق آسيا. قائلا إن هناك العديد من الأسباب التى قد تدفع البنجاليين من غير المستوفين للمعايير المطلوبة للحصول على حق اللجوء بموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951، إلى المشاركة فى الهجرة غير الشرعية أو غير القانونية عن طريق القوارب. ويعتبر ارتفاع مستوى التفاوت فى الدخول، وتغير المناخ، من العوامل الحاسمة التى تدفع البنجاليين إلى القوارب لعبور خليج البنغال وبحر أندامان من أجل حياة أفضل فى ماليزيا وإندونيسيا وحتى أستراليا. كما أن هناك أسبابا محلية أيضا. وذكرت نتائج بعض الأبحاث الأولية تورط المهربين الفاسدين كعامل مسهل للهجرة عبر القوارب فى بنجلاديش.
***
يقول حسن، إنه وفقا لتقدير لمنظمة براك البنجالية غير الحكومية «بالنسبة لعام ٢٠١٤ يعمل أكثر من تسعة ملايين عامل بنجالى مهاجر فى الخارج». وتعتبر الدول الإسلامية فى الشرق الأوسط الوجهة الرئيسية لهؤلاء العمال. وكشفت دراسة أخرى أنه فى الفترة من ١٩٧٦ و٢٠٠٩، اتجه نحو ٨٠.٥٦ فى المائة من إجمالى العمال المهاجرين إلى بلدان الشرق الأوسط، مثل السعودية (٣٨.١٧ فى المائة)، والإمارات (٢٣.٥٥ فى المائة) والكويت (٧.١١ فى المائة) وعمان (٥.٣٥ فى المائة)، والبحرين (٢.٨٤ فى المائة) وليبيا (١.٢٣ فى المائة) وقطر (٢.٣١ فى المائة).
كان من المألوف، أن يتردد على هذه الدول عدد قليل من المهاجرين من بنجلاديش من ذوى المهارات العالية مثل الأطباء والأكاديميين والمهندسين، إلى جانب عدد كبير من العمال غير المهرة ذوى الأجور المنخفضة.
ويفتقر هذا النقاش إلى نظرة فاحصة للكيفية التى ساهمت بها السياسة المتطورة لمنطقة الشرق الأوسط وشرق آسيا فى تشجيع البنجاليين على محاولة للهجرة عن طريق القوارب. فمن الناحية التاريخية، تم اعتبار الهجرة ظاهرة اجتماعية إيجابية فى بنجلاديش كما أن تحويلات العاملين فى الخارج عموما إلى الوطن تقدم مساهمة جيدة فى احتياطى النقد الأجنبى فى البلاد، والنمو الاقتصادى والتنمية. وقد بدأ إرسال العمال البنجلادشيين إلى الدول الإسلامية الغنية فى الشرق الأوسط وشرق آسيا فى ظل نظام الرئيس الراحل ضياء الرحم، الذى أكد على «التضامن الإسلامى» فى السياسة الخارجية لبنجلادش وفقا للمادة 25 (2) من الدستور. وفى الوقت نفسه، ابتعد بالهوية الوطنية لبنجلاديش عن النموذج العلمانى الاشتراكى الذى طالب به أسلافه، وأوصل البلاد إلى النموذج الرأسمالى. وردا على الإدانة الرسمية فى بنجلادش للعلمانية والاشتراكية، وفى سبيل إعلاء روح الأخوة الإسلامية، بدأت الدول الإسلامية الغنية استيراد العمالة من بنجلادش «الإسلامية». وقد اتبعت هذه السياسة جميع الحكومات منذ نظام ضياء الحق «من أوائل الثمانينيات».
***
ولكن يشير حسن إلى أن هجرة البنجاليين إلى الشرق الأوسط صارت صعبة بسبب التغيرات فى سياسات الهجرة لبعض هذه الدول، إلى جانب الحرب على الإرهاب، وصعود الجماعات الإرهابية مثل الدولة الإسلامية. وعلى سبيل المثال، واجهت الهجرة البنجالية إلى ليبيا وسوريا والكويت ولبنان المأزق فى الآونة الأخيرة بسبب الحروب والاضطرابات السياسية المحلية. كما فرضت المملكة العربية السعودية، اكبر مستورد للعمالة من بنجلاديش، حظرا، سبع سنوات على جلب العمالة البنجالية. ولكن حالة عدم اليقين التى تلوح فى الأفق حول الهجرة إلى أسواق العمل التقليدية هذه، لم تردع البنجاليين عن استكشاف مجالات جديدة للبحث عن عمل فى الخارج.
وقد سهل استمرار اضطهاد الدولة للمسلمين الروهنجا فى الجارة ميانمار، هجرة البنجاليين، حيث ينضم المهاجرون إلى قوارب الفارين من النساء والأطفال والرجال الروهنجا. وتعتقد وكالات إنفاذ القانون المحلية، أنه ما لم يتوقف اضطهاد الروهينجا فى ميانمار، وما لم يكن هناك تنسيق سياسات الفعالة بين الدول المشاركة فى خليج البنغال وبحر أندامان، فإنه سيكون من الصعب على بنجلاديش منع مواطنيها من عبور البحر على هذه القوارب أيضا.
وكان نحو 40ــ60 فى المائة من بين نحو ٢٥ ألف شخص عبروا خليج البنغال وبحر اندامان فى الربع الأول من عام 2015 على متن قوارب مع أمل الحصول على حياة أفضل فى تايلاند وماليزيا بنجلاديش. وكانت النسبة الباقية روهينجا من ميانمار.
***
ويستطرد الكاتب قائلا، إن مشكلة «لاجئى القوارب» قد أثارت مناقشات مكثفة بين البلدان الغنية مثل أستراليا وماليزيا وتايلاند وأوروبا. وعلى الرغم من أن نسبة المهاجرين البنجاليين، إلى المجموع العالمى من «لاجئى القوارب» لا تزال منخفضة، فقد أصبحت تمثل مشكلة لبنجلاديش؛ حيث يفقد العديد من البنجاليين حياتهم أو يحتجزون كأسرى لدى المهربين وتجار البشر فى محاولاتهم لعبور البحار عن طريق القوارب، وهو ما يسبب آثارا وخيمة على العائلات التى يتركونها وراءهم. وترى الشيخة حسينة رئيسة وزراء بنجلاديش، أن هؤلاء يمثلون إحراجا للدولة.
ويختتم الكاتب المقال موضحا أنه مثلما تشير حالة بنجلاديش، أنه عندما تغلق السياسة الدولية أسواق العمل فى إحدى مناطق العالم، يكتشف الناس العاديون سبلا جديدة، محفوفة بالمخاطر للهجرة غير الشرعية. وقد تسهل مساعى طلب اللجوء من قبل جماعات الفارين من اضطهاد الدولة، مثل الروهينجا، هذا النوع من الهجرة غير الشرعية. ونظرا لتعقد ظاهرة الهجرة غير الشرعية، يتطلب وقف هذه القوارب تضافر الجهود المنظمة من البلدان فى جميع أنحاء المنطقة.