التاريخ يعيد نفسه.. عشرة دروس - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 4:41 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التاريخ يعيد نفسه.. عشرة دروس

نشر فى : السبت 17 ديسمبر 2022 - 8:05 م | آخر تحديث : السبت 17 ديسمبر 2022 - 8:05 م

نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب ريتشارد هاس، يقول فيه إن هناك العديد من الأفكار التى ادعت المؤسسات الأكاديمية العالمية مدى فاعليتها فى تحقيق السلم والأمن الدوليين فى العصر الحديث، ليفاجئنا عام 2022 بوقوع عكسها. كل ذلك يشير إلى أن التاريخ يعيد نفسه وقادر على مفاجئتنا، دعا هاس فى نهاية مقاله إلى التحلى بالتواضع بشأن ما يمكننا التنبؤ به.. نعرض من المقال ما يلى.
قليلون من سيندمون على عام 2022، وهو عام ميزه الوباء المستمر، والتقدم فى تغير المناخ، والتضخم المتسارع، وتباطؤ النمو الاقتصادى، وأكثر من أى شىء آخر، اندلاع حرب مكلفة فى أوروبا والمخاوف من اندلاع صراع عنيف قريبا فى آسيا. كان بعض من هذا متوقعا، لكن الكثير منه لم يكن منتظرا، وكل ذلك يشير إلى دروس نتجاهلها على مسئوليتنا.
• • •
أولا، فكرة أن الحرب بين الدول، التى يعتقد أكثر عدد من الأكاديميين والأكاديميات أنها عفا عليها الزمن، ليست صحيحة. ما نراه فى أوروبا هو حرب إمبريالية قديمة الطراز، يسعى فيها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إلى القضاء على أوكرانيا ككيان مستقل ذى سيادة. هدفه هو ضمان أن دولة ديمقراطية ذات توجه ليبرالى وتسعى لإقامة علاقات وثيقة مع الغرب لا يمكنها أن تزدهر على حدود روسيا وأن تكون قدوة قد تكون جذابة للروس.
بالطبع، بدلا من تحقيق النصر السريع والسهل الذى توقعه، اكتشف بوتين أن جيشه ليس بنفس القوة، وأن خصومه أكثر تصميما مما توقعه. بعد عشرة أشهر، استمرت الحرب بلا نهاية تلوح فى الأفق.
ثانيا، فكرة أن الاعتماد الاقتصادى المتبادل يشكل حصنا ضد الحرب، لأنه لن يكون لأى طرف مصلحة فى تعطيل العلاقات التجارية والاستثمارية ذات المنفعة المتبادلة، لم يعد من الممكن الدفاع عنها. الاعتبارات السياسية تأتى الأول. فى الواقع، من المحتمل أن يكون اعتماد الاتحاد الأوروبى الكبير على إمدادات الطاقة الروسية قد أثر على قرار بوتين بالغزو، من خلال دفعه إلى استنتاج أن أوروبا لن تصمد أمامه.
ثالثا، فشل التكامل، الذى حرك عقودا من السياسة الغربية تجاه الصين. استندت هذه الاستراتيجية أيضا إلى الاعتقاد بأن العلاقات الاقتصادية ــ جنبا إلى جنب مع التبادلات الثقافية والأكاديمية وغيرها ــ من شأنها أن تدفع التطورات السياسية، وليس العكس، مما يؤدى إلى ظهور الصين الأكثر انفتاحا والموجهة نحو السوق والتى كانت أيضا معتدلة فى سياستها الخارجية.
لم يحدث أى من هذا، على الرغم من أنه يمكن ويجب مناقشة ما إذا كان الخلل يكمن فى مفهوم التكامل أو فى الطريقة التى تم تنفيذه بها. لكن ما هو واضح هو أن النظام السياسى فى الصين أصبح قمعيا بشكل متزايد، واقتصادها يتحرك فى اتجاه اقتصاد موجه، وسياستها الخارجية تزداد حزما.
رابعا، العقوبات الاقتصادية، فى كثير من الحالات هى الأداة المفضلة للغرب وحلفائه عند الرد على انتهاكات الحكومة لحقوق الإنسان أو العدوان الخارجى، نادرا ما تؤدى إلى تغييرات ذات مغزى فى السلوك. حتى العدوان الصارخ والوحشى لروسيا ضد أوكرانيا فشل فى إقناع معظم حكومات العالم بعزل روسيا دبلوماسيا أو اقتصاديا، وبينما قد تؤدى العقوبات التى يقودها الغرب إلى تآكل القاعدة الاقتصادية لروسيا، لم يقتربوا من إقناع بوتين بالتراجع عن موقفه.
خامسا، يجب إلغاء عبارة «المجتمع الدولى». لا يوجد بتاتا مجتمع دولى. لقد أدت قوة الفيتو الروسية فى مجلس الأمن إلى جعل الأمم المتحدة عاجزة. علاوة على ذلك، هناك القليل من الاستجابة العالمية لـكوفيد 19 وقليل من الاستعدادات للتعامل مع الوباء القادم. تظل التعددية ضرورية، لكن فاعليتها ستعتمد على صياغة ترتيبات أضيق بين الحكومات المتشابهة التفكير. إن فكرة التعددية أو لا شىء ستؤدى فى الغالب إلى لا شىء.
• • •
سادسا، من الواضح أن الديمقراطيات تواجه نصيبها من التحديات، لكن المشكلات التى تواجهها الأنظمة الاستبدادية قد تكون أكبر. غالبا ما تدفع الأيديولوجيا وبقاء النظام عملية صنع القرار فى مثل هذه الأنظمة، ولكن غالبا ما يقاوم القادة الاستبداديون التخلى عن السياسات الفاشلة أو الاعتراف بالأخطاء، خشية أن يُنظر إلى ذلك على أنه علامة ضعف ويغذى الدعوات العامة من أجل تغيير أكبر. يجب على مثل هذه الأنظمة أن تحسب حسابا دائما لخطر الاحتجاج الجماهيرى، كما هو الحال فى روسيا، أو التهديد الحقيقى، كما رأينا أخيرا فى الصين وإيران.
سابعا، قدرة الإنترنت على تمكين الأفراد من تحدى الحكومات أكبر بكثير فى الديمقراطيات منها فى الأنظمة المغلقة. يمكن للأنظمة الاستبدادية مثل تلك الموجودة فى الصين وروسيا وكوريا الشمالية إغلاق مجتمعها ومراقبة المحتوى والرقابة عليه.
ونواجه اليوم شبكات إنترنت متعددة ومنفصلة. وفى الوقت نفسه، فإن وسائل التواصل الاجتماعى فى الديمقراطيات عرضة لنشر الأكاذيب والمعلومات المضللة التى تزيد من الاستقطاب وتجعل الحكم أكثر صعوبة.
ثامنا، لا يزال هناك الغرب (مصطلح يعتمد على القيم المشتركة أكثر من الجغرافيا)، وتظل التحالفات أداة حاسمة لتعزيز النظام. ردت الولايات المتحدة وشركاؤها عبر الأطلسى فى الناتو بشكل فعال على العدوان الروسى على أوكرانيا. كما أقامت الولايات المتحدة علاقات أقوى فى المحيطين الهندى والهادئ للتصدى للتهديد المتزايد المنبثق من الصين، بشكل أساسى من خلال رباعية نشطة (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، ومجموعة أوكوس (أستراليا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة)، وزيادة التعاون الثلاثى مع اليابان وكوريا الجنوبية.
تاسعا، لا تزال القيادة الأمريكية ضرورية. لا يمكن للولايات المتحدة أن تتصرف من جانب واحد فى العالم إذا أرادت أن تكون مؤثرة، لكن العالم لن يجتمع لمواجهة الأمن المشترك والتحديات الأخرى إذا كانت الولايات المتحدة سلبية. غالبا ما يكون الاستعداد الأمريكى للقيادة من الأمام وليس من الخلف مطلوبا.
أخيرا، يجب أن نتحلى بالتواضع بشأن ما يمكننا معرفته. إنه لمن دواعى التواضع أن نلاحظ أن القليل من الدروس السابقة كان يمكن التنبؤ بها قبل عام. ما تعلمناه ليس فقط أن التاريخ قد أعاد نفسه، ولكن أيضا، فى السراء والضراء، يحتفظ بقدرته على مفاجأتنا. مع أخذ ذلك فى الاعتبار حتى عام 2023!

التعليقات