ما هو أفضل سيناريو لمصر فيما يتعلق بأزمة سد النهضة الإثيوبى؟!
الإجابة أن تعلن إثيوبيا أنها تراجعت عن بناء السد تماما، بعد أن اكتشفت عيوبا هندسية فيه. أو تخفض سعته التخزينية من ٧٤ مليار متر مكعب إلى النصف أو أقل.
بالطبع هذا السيناريو حالم وشديد المثالية، ويصعب تصور حدوثه، لأن السد صار مشروعا قوميا لكل الإثيوبيين، على اختلاف طبقاتهم وقومياتهم.
إذا السؤال بصورة مختلفة: ما هو أفضل سيناريو واقعى لمصر؟!
الإجابة أن تعلن إثيوبيا تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع مصر، وتطلعنا على جميع مراحل بنائه الفنية وقواعد الملء وآليات التشغيل حتى تطمئن مصر تماما، ثم تعلن إثيوبيا أنها ستملأ خزان السد فى فترة زمنية لا تقل عن سبعة أعوام، بحيث لا تؤثر كثيرا على حصة مصر.
الرئيس عبدالفتاح السيسى كان صريحا يوم السبت الماضى فى مؤتمر الشباب، حين أعلن أن هناك ضررا سيقع على مصر فى كل الأحوال، وأننا سنقبل الضرر الذى يمكننا تحمله.
سؤال آخر: ولماذا ترفض إثيوبيا ــ منذ الإعلان عن بناء السد فى إبريل ٢٠١١ ــ التوصل إلى اتفاق مع مصر بحيث يزيل شكوكها فيما يتعلق بمخاطر السد؟!
الإجابة المحتملة أن أديس أبابا تراهن على شراء واستهلاك الوقت بصورة منهجية، وضحت أكثر فى اجتماع وزراء رى مصر والسودان وإثيوبيا، قبل أيام فى القاهرة. وهو الاجتماع الذى تعثر بسبب إصرار إثيوبيا على الحديث فى الإجراءات وليس صلب القضايا الفنية المهمة.
وعلينا أن نقر أن إثيوبيا نجحت إلى حد كبير فى طريقتها. وأغلب الظن أنها تراهن على وضع مصر أمام الأمر الواقع، حينما يكتمل بناء السد، ووقتها تعلن أنها غير ملزمة بالاستجابة للمطالب المصرية. لكن الطريقة التى تكلم بها وزير خارجيتنا، السفير سامح شكرى مرتين خلال هذا الأسبوع، كانت حاسمة، وأعتقد أن الرسالة قد وصلت لكل من يهمه الأمر فى أديس أبابا، لكن لا أعرف كيف سيتصرفون.
أغلب الظن أنهم سيواصلون اتباع نفس التكتيك المستمر منذ ٢٠١١، أى إغراقنا فى التفاصيل، والأمور الإجرائية، حتى نصاب باليأس ونجد أنفسنا أمام الأمر الواقع.
ولا أستبعد أن تلجأ أديس أبابا إلى مناورات جديدة لشراء الوقت، مثل استغلال أى حادث هنا أو هناك، كى تؤجل المفاوضات الجوهرية. وأغلب الظن أنهم سيفعلون ذلك، وهم يبتسمون أو يتحدثون بلغة عاطفية تخديرية، من قبيل أنهم لن يسمحوا بتعطيش الشعب المصرى.
إثيوبيا تراهن على أن مصر لا تملك أى كروت تفاوض قوية، وبالتالى ــ وإذا صح هذا الافتراض ــ فإن أديس أبابا ستستمر فى المماطلة، معتقدة أن الأوضاع الدراماتيكية التى تعصف بالمنطقة، لن تجبرها على الاستجابة للشواغل المصرية.
نتمنى أن يكون السودان الجديد مؤيدا للموقف المصرى، خصوصا أن نظام البشير الساقط كان يتباهى بأن السودان سوف تستفيد من السد أكثر من إثيوبيا نفسها، لكن إثيوبيا استغلت بمهارة التطورات فى السودان، وفتحت عاصمتها لكل الأطراف السودانية، والاتفاق النهائى كان بوساطة إثيوبية بالأساس. فى تقدير بعض الخبراء والمتابعين فإن آبى أحمد أكثر خطورة ودهاء من كل رؤساء الوزراء الإثيوبيين السابقين. هو سياسى من الدرجة الأولى وحينما وصل للسلطة، تمكن فى وقت وجيز من تصفية المشاكل والأزمات، مع كل دول الجوار والمنطقة. حيث تصالح مع إريتريا، بعد حرب طاحنة زادت عن ٢٠ عاما. ثم جاء إلى مصر
وتحدث بكلام معسول عن عدم الإضرار بمصالحنا. وكذلك تصالح مع الصومال بعد خلافات لسنوات طويلة على إقليم أوجادين، وفى النهاية زار إسرائيل وطالبهم بالتعاون المشترك لمحاربة «الإرهاب الإسلامى»، طبقا لما كتبه الدكتور نادر نور الدين على صفحته على الفيسبوك. من حق آبى أحمد أن يتحرك كما يشاء، ويحسب له ولحكومته أن يصفى كل مشاكل بلاده مع دول الجوار، وأن يحاول قدر الإمكان حل كل المشاكل التى تتعلق بصراع القوميات المتفجر دوما فى بلاده. نحترم حق إثيوبيا فى التنمية وتوليد الكهرباء، لكن بشرط واحد ألا يكون ذلك على حساب حقوقنا المائية الثابتة منذ مئات السنين.
السؤال مرة أخرى ماذا نملك من بدائل؟!