عدم الاستقرار السياسي في إسرائيل يتزايد - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 4:47 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عدم الاستقرار السياسي في إسرائيل يتزايد

نشر فى : الخميس 19 مايو 2022 - 8:15 م | آخر تحديث : الخميس 19 مايو 2022 - 8:15 م

نشر موقع أوراسيا ريفيو مقالا للكاتب رمزى بارود تناول فيه الانقسامات والضعف والتشتت فى التيارات السياسية الرئيسية فى إسرائيل، فى مواجهة انتعاش بطىء فى الجسم السياسى الفلسطينى وخاصة بين الشباب.. نعرض منه ما يلى.

الحكومة الائتلافية الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء اليمينى نفتالى بينيت، على وشك الانهيار. وهذا لا يثير الدهشة. فالحياة السياسية الإسرائيلية هى من بين الأكثر انقساما فى العالم. وولدت هذه الحكومة الائتلافية من الرغبة الشديدة فى الإطاحة ببنيامين نتنياهو. عندما تم الإطاحة ببنيامين نتنياهو فى يونيو من العام الماضى، وجد ائتلاف بينيت نفسه فى واقع مؤلم؛ وهو أن مكوناته السياسية لديها القليل من القواسم المشتركة.
انشقت النائبة الإسرائيلية إديت سيلمان عن الحكومة الائتلافية فى 6 أبريل الماضى، تاركة بينيت وحلفاءه المؤقتين مع حقيقة أن حكومتهم لم تعد لديها الأغلبية. وصل عدد أعضاء الكنيست الآن - بعد انشقاق غيداء ريناوي زعبي نائبة حزب ميرتس عن الائتلاف أمس- إلى 59 مقابل 61، ويمكن لأى انشقاق أن يعيد الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع، وهو ما اعتادته إسرائيل أخيرا. من المحتمل أن ينشق أبير كارا ونير أورباخ من تحالف بينيت، حتى شريكة بينيت القديمة فى البيت اليهودى، أيليت شاكيد، يمكن أن تخونه فى النهاية بمجرد أن تبدأ سفينته الائتلافية فى الغرق.
ترك كل من بينيت وشاكيد حزب البيت اليهودى فى عام 2018 لتشكيل حزب يمينا. على الرغم من أن هذا التحالف فاز بسبعة مقاعد فقط فى انتخابات مارس 2021، فقد أثبت أنه صانع الملوك وسمح بتشكيل الائتلاف المناهض لنتنياهو. وكان البديل الوحيد لهذا الائتلاف هو حكومة يتناوب فيها نتنياهو وبينيت على منصب رئيس الوزراء. على الرغم من أن بينيت هو أحد رعايا نتنياهو، إلا أنه يعلم جيدا أنه لا يمكن الوثوق برئيسه السابق.
لذلك، اختار بينيت بدلا من ذلك الانضمام إلى ائتلاف فوضوى من اليائسين السياسيين، كل منهم ينضم إلى أى حكومة كانت بسبب عدم وجود خيار آخر. على سبيل المثال حزب هناك مستقبل (17 مقعدا) وحزب أزرق أبيض (8 مقاعد) اللذان كانا جزءا من التحالف اليمينى الوسطى المسمى أزرق أبيض، خانا قاعدتهم السياسية من خلال الانضمام إلى يمينا اليمينية المتطرفة، وبالتالى، تركوا وراءهم حزب تيلم برئاسة موشيه يعلون بدون تمثيل فى الكنيست الآن (ائتلاف أزرق أبيض كان يضم ثلاثة أحزاب: حزب الصمود الإسرائيلى وهناك مستقبل وتيليم... بعد انفصال الائتلاف فى 29 مارس 2020 احتفظ حزب الصمود الإسرائيلى باسم «أزرق أبيض»).
يمكن قول الشيء نفسه عن حزب العمل وميرتس، اللذين كانا فى السابق العمود الفقرى للمؤسسة السياسية الإسرائيلية ــ ففى عام 1992، كان لديهما 56 مقعدا معا. بعد أن فقدوا الثقة فى قاعدتهم السياسية، اختاروا الانضمام إلى أعدائهم الأيديولوجيين بدلا من تحمل العملية المضنية المتمثلة فى بث الحياة فى معسكر يحتضر.
الجزء الشيق من القصة هو قائمة منصور عباس العربية المتحدة، التى يُنظر إليها على أنها خانت قاعدتها العربية فى إسرائيل والشعب الفلسطينى فى كل مكان. بينما يقوم الجيش الإسرائيلى بقمع الشعب الفلسطينى فى جميع أنحاء فلسطين التاريخية، بما فى ذلك المسجد الأقصى والنقب ــ قاعدة عباس ــ يظل هذا المخلوق السياسى الغريب مرتبط ببينيت، على الرغم من قلقه بشأن الاحتمالات التى يخبأها المستقبل، خاصة وأن طبيعة هجمات إسرائيل على الفلسطينيين تتحول بشكل متزايد إلى حرب دينية.
• • •
وبالتالى، من الصعب تخيل أنه يمكن لحكومة بينيت أن تستمر حتى عام 2025. وفى الواقع من النادر جدا أن يكمل أى ائتلاف سياسى فى إسرائيل مدته البالغة أربع سنوات. ومع ذلك، فإن عدم الاستقرار السياسى التاريخى فى إسرائيل يسير نحو الأسوأ. ما نراه الآن فى حكومة بينيت هو نتيجة عملية مؤلمة، أدلى فيها الإسرائيليون بأصواتهم فى أربعة انتخابات عامة فى غضون عامين فقط.
ربما ما يجعل تحالف بينيت متماسكا، على الرغم من عدم استقراره، هو التهديد الذى يفرضه نتنياهو، زعيم المعارضة الحالى، الذى يراقب الكنيست منتظرا الفرصة المناسبة للانقضاض. حتى إن بعض المحللين يرون أن انشقاق سيلمان كان مدفوعا إلى حد كبير بالتهديدات التى تلقتها من حزب الليكود بقيادة نتنياهو، والذى اعتبرها خائنة لأجندتهم اليمينية.
بغض النظر عن مصير حكومة بينيت، ستستمر الأزمة السياسية فى إسرائيل إلى ما لا نهاية.
على الرغم من سيطرة اليمين الإسرائيلى على الحياة السياسية فى إسرائيل لسنوات عديدة، وخاصة منذ عام 1996، إلا أنه لا يزال منقسما وانتهازيا. يستمر نهم التيار اليمينى الذى لا ينتهى فى دفع الأحزاب اليمينية تجاه اليمين أكثر فأكثر. أنهم متحدون حول قيم مثل التفوق العرقى والدينى لليهود الإسرائيليين، وكرههم للفلسطينيين والعرب، والرغبة فى توسيع المستوطنات اليهودية غير الشرعية، ورفض أى حل عن طريق الوساطة من شأنه أن يوفر للفلسطينيين حقوقهم الإنسانية الأساسية.
اليسار فى إسرائيل ليس يسارا على الإطلاق. هو يسمى يسارا إلى حد كبير بسبب إرثه من عملية السلام، التى ماتت باغتيال رئيس الوزراء يتسحاق رابين من حزب العمل فى عام 1995. ومن الجدير بالذكر أن رابين لم يكن رجل سلام، بل كان من أكثر قادة إسرائيل تشددا وعنفا. ومع ذلك، هناك ارتباط خاطئ مفاده أن أى زعيم إسرائيلى شارك فى ما يسمى بعملية السلام يجب أن يكون «يساريا». وفقا للمحلل الإسرائيلى أوز أروش، فإن هذا ينطبق حتى على أرييل شارون، على الرغم من ارتباط رئيس الوزراء الراحل بمذبحة صبرا وشاتيلا، وأحداث مروعة أخرى. بدون وجود أيديولوجية حقيقية وبدون عملية سلام، أو حتى الرغبة فى الانخراط فى واحدة، لن يكون هناك أهمية لليسار.
الأمر نفسه ينطبق على الوسط؛ اليمين فى حالة إعادة تعريف مستمرة، واليسار لا يوجد لديه قاعدة أيدويولوجية، والوسط أثبت أنه ميئوس منه بنفس القدر. كان ينبغى أن تكون نتيجة انتخابات أبريل 2019، عندما حصل تحالف أزرق أبيض الوسطى على 35 مقعدا، لحظة فارقة للوسط السياسى الإسرائيلى. لكن الأمر لم ينتج عنه شىء، وانهار تحالف أزرق أبيض.
• • •
بينما كان هذا يحدث فى إسرائيل، كان الجسم السياسى الفلسطينى ينتعش ببطء. على الرغم من أن الأحزاب الفلسطينية فى إسرائيل لا تزال منقسمة، والمجموعات الفلسطينية فى الأراضى المحتلة لم تجد بعد أرضية مشتركة، إلا أن المجتمعات الفلسطينية، وخاصة الأجيال الشابة، تعمل على صياغة خطاب سياسى جديد. تقوم القيادات الشعبية بتنسيق أعمالها من القدس إلى غزة، ومن النقب إلى الضفة الغربية، وفى المجتمعات الفلسطينية فى إسرائيل نفسها.
لأول مرة منذ سنوات عديدة، تجد إسرائيل نفسها فى موقف لم تعد فيه الطرف الوحيد الذى يصوغ الأحداث أو يحدد النتائج فى البلاد. لذلك، سيزداد عدم الاستقرار السياسى الإسرائيلى سوءا، وسيصبح الفلسطينيون أخيرا عاملا هاما فى السياسة الإسرائيلية، ومن خلال مقاومتهم الشعبية يمكن التعبئة من أجل الضغط على تل أبيب، كما كان الحال فى السنوات الأخيرة.

ترجمة وتحرير: ابتهال أحمد عبدالغني

النص الأصلي

التعليقات