‎كيف أخطأ حزب الله بهذا الشكل؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:56 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

‎كيف أخطأ حزب الله بهذا الشكل؟

نشر فى : السبت 21 سبتمبر 2024 - 5:50 م | آخر تحديث : السبت 21 سبتمبر 2024 - 5:50 م

لا أعرف ولا أفهم كيف وقع حزب الله فى هذه الأخطاء الأمنية الخطيرة والمدمرة جدًا!

‎كيف يسمح الحزب بعقد اجتماع لهيئة أركانه وكبار قادته العسكريين فى مبنى بالضاحية الجنوبية فى حين ينتظر عدوه الإسرائيلى أى هفوة؟!!
‎حزب الله يخوض صراعا داميا ضد ضد إسرائيل منذ عقود كما يخوض حربا رسمية من يوم ٨ أكتوبر الماضى بعد تضامنه وإسناده للمقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة الذى يتعرض لعدوان إسرائىلى مدمر.
‎الحرب لم تتوقف من وقتها، حتى لو كانت ضمن ما يسمى بقواعد الاشتباك المنضبط. وإسرائيل لم تنكر مطلقا أنها تريد القضاء ليس فقط على القوة العسكرية لحزب الله، ولكن تدمير لبنان بكامله إذا فكر أى طرف فى مقاومتها.
‎إسرائيل أعلنت أمس الأول الجمعة حسب موقع اكسيوس الأمريكى أنها تمكنت من القضاء على كامل القيادة العليا لقوة الرضوان التابعة لحزب الله وعددهم ٢٠ قياديا، بينهم إبراهيم عقيل رئيس منظومة العمليات والتشغيل والقائد الفعلى لقوة الرضوان وقائد خطة الحزب لاحتلال الجليل حسب الزعم الاسرائيلى.
‎أما حزب الله فقد أعلن مقتل ١٦ عنصرا فى الغارة الإسرائيلىة على الضاحية الجنوبية لبيروت بينهم قياديان.
‎وطبقا لما تسرب من معلومات فإن طائرات أمريكية من طراز إف ٣٥ وإف ١٥ هى التى نفذت الهجوم باستخدام صواريخ مخترقة للأرض، وصلت أسفل موقف السيارات، وهو ملجأ يقع على عمق ٢٠ مترا تحت البناية، إضافة إلى قصف المبنى بـ٤ قنابل من طراز GBU الموجهة التى أدت إلى انهيار المبنى كاملا ومحيطه.
‎تقول التسريبات أيضا إن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو اتخذ قرار العملية بعد أن توافرت لديهم معلومة مؤكدة بأن كامل قيادة حزب الله العسكرية سوف تجتمع فى لقاء نادر، وهى فرصة قد لا تتكرر كثيرا.
‎نعود إلى ما بدأنا به ونسأل سؤالين أساسيين: كيف لحزب الله أن يسمح بمثل هذا الاجتماع وهو يعلم تماما أن إسرائيل تريد استهدافهم بأى شكل من الأشكال؟
‎هل اعتقد الحزب أن عقد الاجتماع فى الدور الثانى تحت الأرض، سيمنع إسرائيل من الوصول إليهم، رغم انه يعرف أن إسرائيل استخدمت هذا النوع من الصواريخ والقنابل الخارقة للتحصينات أكثر من مرة فى حربها المدمرة على قطاع غزة، وهى نفس القنابل التى استخدمتها أمريكا فى تورا بورا الأفغانية حينما كانت تطارد قادة تنظيم القاعدة.
‎ألم تكن هناك طرق أخرى مختلفة لعقد هذا الاجتماع، أو أى اجتماع مماثل فى ظل التلمظ الإسرائيلى لاصطياد قادة الحزب خصوصا جناحه العسكرى؟!
‎كانت أمام حزب الله تجارب عملية واضحة ومنها اغتيال القيادى فى حماس صالح العارورى فى يناير الماضى فى نفس الضاحية الجنوبية، وكذلك اغتيال القائد العسكرى للحزب فؤاد شكر فى أواخر يوليو الماضى.
‎هناك أيضا تجربة حركة حماس، فإسرائيل لم تستطع أن تصل لقادة حماس الكبار والسبب الجوهرى هو التخلص من كل ما يمكن أن يقود إسرائيل إليهم.
‎ ‎السؤال الثانى: كيف عرفت إسرائيل أن هناك اجتماعا مهما وحاسما يعقد لكبار قادة حزب الله؟
‎هذه معلومة ثمينة جدا جدا، فهل إسرائيل وصلت لها عبر الوسائل التكنولوجية أم عبر عملاء داخل الحزب؟
‎لا أحد يستطيع الجزم بالإجابة، لكن إسرائيل ومنذ ٨ أكتوبر الماضى وحسب صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية اغتالت نحو 500 عنصر من الحزب والقادة الستة الكبار فيه وهم فؤاد شكر ومحمد نعمة ناصر وسامى طالب عبدالله ووسام الطويل، وآخرهم إبراهيم عقيل.
‎هى وصلت إليهم فى بيوتهم وسياراتهم وفى المكاتب والشوراع ثم فجرت أجهزة البيجر والووكى توكى فى أجسامهم قبل أيام.
حزب الله تعرض لضربة غير مسبوقة منذ نشأته فى أوائل الثمانينيات حسب اعتراف قائده حسن نصر الله يوم الخميس الماضى. وهذه الضربات المتلاحقة قد تغرى إسرائيل بشن هجوم شامل بعد أن كسرت كل قواعد الاشتباك.
‎وبعيدا عن إجرامها وتحديها للعالم وحرب الإبادة التى تشنها فإن إسرائيل برهنت خلال الفترة الأخيرة على تفوقها الكاسح تكنولوجيا واستخباريا.
‎هذه ليست دعوة لليأس ولكنها جرس إنذار لكل العرب بأن يفيقوا ويبحثوا عن إجابة للسؤال الجوهرى: لماذا يتفوق عدوهم ولماذا هم متخلفون؟!!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي