الجواب العربى على التغيرات الكبرى - علي محمد فخرو - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:36 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الجواب العربى على التغيرات الكبرى

نشر فى : الأربعاء 22 أبريل 2020 - 10:35 م | آخر تحديث : الأربعاء 22 أبريل 2020 - 10:35 م

إذ تطرح مختلف دول العالم وتكتلاته تصوراتها وآمالها بشأن مستقبل ما بعد وباء فيروس كورونا الكوكبى، فإنها تطرحها فى شكل مكونات فكرية وعقائدية وتغييرات فى واقعها هى، بالدرجة الأولى.
فالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والصين وبقية دول الشرق الأقصى وروسيا وغيرهم يطرحون تصورات مختلفة، بل وأحيانا متناقضة، ستخدم مصالحهم ومكاناتهم العالمية الذاتية فى المقام الأول، حتى ولو ذكروا بين الحين والآخر اهتمامهم بالمصالح الإنسانية المشتركة، فهم حتما معنيون قبل أى شىء آخر بمجتمعاتهم وأوطانهم وشعوبهم.
من هنا الأهمية الكبرى لطرح السؤال التالى: وماذا عنا نحن العرب؟ هل ستكون لنا رؤية مستقبلية قومية عربية مشتركة، أم ستكون لنا رؤى تعددية متباعدة، وبالتالى بصوت ضعيف وبوزن لا يعيره العالم أى اهتمام أو مبالاة؟
فى الخمسينيات من القرن الماضى، عندما وضعت الدول المنتصرة فى الحرب العالمية الثانية تصوراتها حول ما يجب أن يكون عليه العالم، وتقاسمت النفوذ الأممى فيما بينها، كان رد الوطن العربى كله شبه رد واحد فى مكوناته الفكرية والاستراتيجية النضالية وتعاضده.
كان رد الدول العربية الرازحة تحت الاستعمار إشعال حروب التحرير من أجل الاستقلال، وكان كل شعب عربى يجد نفسه غير قادر للقيام بعملية التحرير بإمكاناته الذاتية يجد عند كل الشعوب العربية الأخرى دعما معنويا وماديا وأحيانا مشاركة فى النضال المسلح.
وكان هدف الاستقلال الأساسى عند الجميع هو استعادة كرامة وحرية الإنسان العربى وإخراج المجتمعات العربية من تخلفها التاريخى.
وكان لا بد من طرح فكر ووسيلة نضال للمحافظة على الاستقلال الوطنى، وذلك كتمهيد للاستقلال القومى الشامل لكل الوطن العربى، فطرح البعض الطليعى الفكر القومى العروبى المنادى فى السياسة بوحدة الأمة العربية وحريتها وفى الاقتصاد بإعطاء أهمية كبرى للعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة.
وتمخض عن ذلك المد العربى تغيرا جذريا فى عمل وكفاءة الجامعة العربية لتصبح مؤسسة عربية يحسب لقراراتها فى الخمسينيات والستينيات ألف حساب، كما تمخض عن انخراط الجزء الطليعى من الأمة العربية فى حركة عدم الانحياز وفى قيادة العالم الثالث ككتلة مستقلة عن المعسكرين المتصارعين: المعسكر الغربى الرأسمالى والمعسكر الاشتراكى.
هكذا كان رد الأمة العربية على التغيرات العالمية الكبرى التى أعقبت الحرب العالمية الثانية.
الآن، والعالم مقبل على تغيرات كبرى والسير فى مسارات جديدة، نحتاج أن نطرح السؤال الآتى: بأية ثوابت ووسائل تنظيمية عربية مشتركة وممثلة للأمة العربية سيساهم العرب فى التغيرات العالمية من جهة وفى التغيرات التى سيرضاها العرب لمجتمعاتهم؟ الجواب على ذلك السؤال سيكون له تأثير بالغ على مدى دخول العرب ونوعه فى العالم الجديد الذى سيخلق.. عالم ما بعد وباء فيروس الكورونا.
ومن المؤكد أن ذلك الجواب سيكون ضعيفا وبائسا إذا لم يواجه العرب مجتمعين الجحيم الذى تعيشه الأمة العربية حاليا: جحيم الدمار الهائل فى عديد من الأقطار العربية، جحيم الانقسامات والصراعات الطائفية والعرقية والقبلية، جحيم الجنون الجهادى التكفيرى العابث بمكانة وقيم الإسلام، جحيم الجهالات المشبوهة عبر طول وعرض شبكات التواصل الاجتماعى العربية، جحيم التخلى عن الإخوة العرب الفلسطينيين فى كفاحهم ضد الاستعمار الصهيونى وعنصريته، وأخيرا جحيم الاعتقاد بوجود خلاص فردى لكل قطر عربى، مستقلا عن أمته وقادرا على الإبحار فى العواصف الاقتصادية والأمنية والسياسية القادمة.
مواجهة التغيرات العالمية الجديدة ككتلة عربية واحدة متعافية هو الجواب، وإلا فسنواجه الطوفان، وقد يغرق بعضنا.

علي محمد فخرو  شغل العديد من المناصب ومنها منصبي وزير الصحة بمملكة البحرين في الفترة من 1971 _ 1982، ووزير التربية والتعليم في الفترة من 1982 _ 1995. وأيضا سفير لمملكة البحرين في فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، وسويسرا، ولدي اليونسكو. ورئيس جمعية الهلال الأحمر البحريني سابقا، وعضو سابق المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، وعضو سابق للمكتب التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات الوحدة العربية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات فلسطينية. وعضو مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبييشغل حاليا عضو اللجنة الاستشارية للشرق الأوسط بالبنك الدولي، وعضو في لجنة الخبراء لليونسكو حول التربية للجميع، عضو في مجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة، ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث.
التعليقات