يتقن نتنياهو جيدا فن إضاعة الوقت للوصول إلى هدفه، وهذا ما يفعله الآن مع المعارضة الإسرائيلية بشأن التعديلات القضائية. بمعنى أوضح، تتهم المعارضة بنيامين نتنياهو أنه دعا إلى مفاوضات بشأن التعديلات القضائية فقط لكسب الوقت حتى تهدأ الأوضاع داخليا وخارجيا مع الولايات المتحدة الأمريكية، ثم يحصل ما يريد ألا وهو تمرير مشروع الإصلاح القضائى. من جانبه، حمل رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، بينى جانتس وزعيم المعارضة، يائير لابيد، مسئولية فشل الحوار الذى أُجرى فى ديوان الرئيس الإسرائيلى، إسحاق هرتسوج. فى ضوء ذلك، نشرت صحيفة هاآرتس مقالا أعده فريق تحرير الصحيفة، تناولوا فيه تبادل الاتهامات بين المعارضة ونتنياهو بإفشال المفاوضات وعزم الطرف الأخير تمرير تشريعات الإصلاح القضائى دون الالتفات إلى رأى المعارضة أى بشكل أحادى الجانب... نعرض من المقال ما يلى:
بادئ ذى بدء، يشير فريق تحرير الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يراوغ المعارضة تماما مثلما يفعل مع الفلسطينيين. إذ دخل فى مفاوضات وهمية دون أى استعداد للتوصل إلى حل وسط، أى بعبارة أوضح، يحاول نتنياهو كسب الوقت من أجل منع التصعيد وتهدئة الأمريكيين، محملا الطرف الآخر فى النهاية مسئولية فشل المحادثات.
اتهم نتنياهو بلا خجل زعيم حزب الوحدة الوطنية بينى جانتس وزعيم المعارضة، يائير لابيد، «بلعب لعبة» لإفشال المحادثات من أجل الإصلاح القضائى. لكن فى الواقع، الشخص الذى قدم اقتراح الحوار بشأن التعديلات القضائية وشارك فى إفساده هو نتنياهو نفسه. للتوضيح، توصل نتنياهو إلى اتفاق مع المعارضة على تشكيل لجنة تعيينات قضائية تضم ممثلا عن المعارضة. ثم حاول فيما بعد إفشال انتخاب نائبة المعارضة كارين إلهرار.
صحيح أنه فشل فى جهوده بفضل أربعة أبطال من الائتلاف قرروا جعل إسرائيل بدلا من نتنياهو على رأس أولوياتهم. لكن المحصلة النهائية هى عدم وجود لجنة تعيينات قضائية.
من جانبه، اتهم نتنياهو المعارضة بأن نيتهم «كانت إضاعة الوقت»، مضيفا: «لذلك سنجتمع هذا الأسبوع ونبدأ الخطوات العملية».
ويضيف فريق تحرير الصحيفة، أنه لم يكن عبثا أن أعرب الرئيس إسحاق هرتسوج عن استيائه على غرار ما عبّر عنه الوسطاء الأمريكيون. واتهم هرتسوج التحالف الحكومى بالتلاعب مستخدمة ورقة «الحوار الداخلى» بين الجانبين لتبرير اتباع تشريع أحادى الجانب للحد من استخدام المحاكم لمعيار «المعقولية».
وهذا بالضبط ما يفعلونه. إنهم يقدمون تشريعات الانقلاب القضائى على أساس أحادى الجانب. أولا: تضييق معيار المعقولية. إذ إن اقتراح رئيس لجنة الدستور فى الكنيست، سيمحا روتمان، لتضييق هذا المعيار ــ والذى من شأنه أن أن يحرم المحاكم من القدرة على استبعاد التعيينات والإقالات وقرارات الحكومة الأخرى على أساس هذا المبدأ ــ من شأنه أن يمنح مجلس الوزراء والائتلاف سلطة حكومية ضخمة لاتخاذ قرارات غير معقولة وفاسدة دون الخضوع لمراجعة قضائية فعالة.
إذا تم تمرير هذا الاقتراح المذكور أنفا، فسيكون للوزراء مطلق الحرية فى تعيين أى شخص يرغبون فيه، بما فى ذلك المجرمون أو الأفراد البغيضون أو الأشخاص الذين من الواضح أنهم غير مؤهلين، بالإضافة إلى فصل أو عدم تعيين المرشحين المناسبين فى المقام الأول فقط لأنهم ليسوا «مثلنا» (بمعنى أنهم عرب، يساريون، أعضاء فى مجتمع LGBTQ «مجتمع الميم» / أو نساء). إن تضييق معيار المعقولية ينتهك حرية التعبير ويحد من صلاحيات المحاكم للإشراف على سياسة الحكومة.
خلاصة القول، أثبت نتنياهو بأفعاله أنه ليس شريكا فى المفاوضات وأنه يماطل لبعض الوقت من خلال حوار فارغ لقمع الاحتجاجات. ليس هناك فائدة من مواصلة المحادثات إذا تم فى الواقع تقديم التشريع لتضييق معيار المعقولية. فى الوقت نفسه، يجب أن تستمر الاحتجاجات بل وتُكثف.
ترجمة وتحرير: وفاء هانى عمر
النص الأصلي