الإعلام ومجتمع إسرائيل المريض - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:43 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإعلام ومجتمع إسرائيل المريض

نشر فى : الخميس 22 أكتوبر 2015 - 10:30 ص | آخر تحديث : الخميس 22 أكتوبر 2015 - 10:30 ص

نشر موقع أنفورميشن كليرنج هاوس مقالا للكاتب أريك دريتسر؛ مؤسس كلا من موقع ستوب أمبرياليزم دوت أورج ومجموعة كاونتر بانش راديو وهو محلل جيوسياسى مستقل، يتحدث فيه عن الفاشية والعنصرية الإسرائيلية فى التعامل مع الفلسطينيين، مستعينا بالفيديو التسجيلى الذى عُرض للطفل أحمد المناصرة الذى قتله الإسرائيليون؛ محللا كيفية تعاملهم مع الحادثة بل ودمج كيفية تناول الصحف والجرائد الأمريكية للقضية الفلسطينية عامة من خلال استعانته بالمقالات المنشورة عن تلك الحادثة تحديدا كمثال على انحياز تلك الصحف لليهود وإسرائيل. فيوضح كيف أن الجرائد وكتابها لا يتناولون أساس القضية بل أنهم يبذلون أقصى جهد فى التبرير لإسرائيل والدفاع عنها ومحاولة تبرئتها من الجرائم التى ترتكبها من خلال تحويل الجانى لمجنى عليه؛ خوفا من الاتهام بمعاداة السامية.

يستهل دريتسر مقاله بالتعليق على وصف فيديو الطفل الفلسطينى أحمد المناصرة ذى الثلاث عشرة عاما الذى ينزف فيه حتى الموت على أرصفة القدس الشرقية بالصادم والمؤلم والمثير للقلق، واعتبار كم الإهانات اللفظية التى يوجهها له الإسرائيليون أثناء مشاهدتهم لعذابه وآلامه قاسية، فاعتبروا بذلك أنهم بلا قلب؛ مضيفا أنهم بالفعل كذلك. فبينما كان هناك العديد من المناقشات حول هذا الفيديو وغيره من الحوادث التى يقتل فيها فلسطينيون دون محاكمة قضائية؛ والتى أصبحت أقرب لكونها تيارا واتجاها يتبعه الإسرائيليون وليس مجرد حالات شاذة، بدعوى قيامهم بطعن إسرائيليين وفى ضوء تصاعد تلك المعاملة الوحشية والكراهية الواضحة التى لا يمكن تجاهلها، يتغاضى الإعلام عن كل ذلك.

فيبرر دريتسر ذلك بأن هناك العديد من المحللين السياسيين والنشطاء وغيرهم ممن يخشون إدانة إسرائيل أو انتقاد أفعالها خوفا من أن يتم اعتبارهم أعداء للسامية وأن يتم تحريف كلامهم وتصريحاتهم واستخدامها لوصفهم بالعنصريين، ولكن هذا الصمت إنما يحمى إسرائيل من الانتقاد الصريح الذى تستحقه. ويؤكد أن المهتمين بالعدالة والحقيقة لا يمكنهم الصمت، ولن يسمحوا لأنفسهم بأن يكونوا ضحية للرقابة الذاتية الناجمة عن الخوف. فالانتقاد الصامت لإسرائيل إنما يعد فشلا فى الدفاع عن الشعوب المضطهدة، وهو تنصل من مسئولية مكافحة الظلم ومكافحة وحشية الاستعمار والوحشية الصهيونية المعاصرة، وهو تخلى عن دحض الروايات المهيمنة التى تعمل ضد العدالة الاجتماعية.

دعاية الإعلام وخطر المعادلة الكاذبة
استعان دريتسر بعدد من الأمثلة لتوضيح وجهة نظره فيقول أنه عند قراءة النيويورك تايمز والواشنطن بوست وغيرهم من الصحف ذات التيار الليبرالى، سنجد أنهم يصورون الصراع الفلسطينى الإسرائيلى على أنه التأثير العكسى لصراع السنة والشيعة. فقد نشرت النيويورك تايمز ــالصحيفة الأمريكية الرئيسيةــ بعد ساعات من الحادثة مقالا تحت عنوان «الطعن والردود القاتلة: إضافة للتحدى الأمنى الإسرائيلى»، ويبدو انحياز الصحيفة من العنوان، فقد أوقعت الإدانة على الجانب الفلسطيني؛ واعتبرت أن القتل كان نتيجة للطعن الذى بدأ به الجانب الفلسطينى أولا، أى أن قتل الفلسطينيين هو رد على عدوان خارجى يمارسه الفلسطينيين ضد الإسرائيليين. إلا أن أى شخص لديه حتى أقل قدر من الفهم للوضع سيعرف أن هذا الطعن إنما هو رد على اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين وقوات الأمن الإسرائيلية الدائمة على الفلسطينيين، وردا على الوحشية والفقر واليأس الذى لا يرون له نهاية، والتى دائما ما يفرضها عليهم الاحتلال.

فهم يعتبرون أن الإسرائيليين والدولة الإسرائيلية هى الضحية وأن ما يحدث هو تحدٍ أمنى لإسرائيل بدلا من اعتباره مشكلة استعمارية واحتلال غاشم. فقد حولوا الجانى لضحية والضحية لجانى، وقلبوا علاقة الظالم والمظلوم، من أجل تبييض وتبرير الجرائم التى ترتكبها إسرائيل وإعفاء الدولة والفاشيين المتعصبين لها من الذنب.

ويضيف دريتسر أن حتى قناة الـ «إن بى سى نيوز» والمفترض ان تكون قد تناولت القضية بشكل عادل، قامت بتناول القضية والصراع الحالى عكس ذلك تماما، حيث نشرت قصة فى تغطيتها للحادثة عن أحمد المناصرة تحت عنوان «فيديو إطلاق النار على أحمد المناصرة يحسم الصراع الفلسطينى الإسرائيلى»، حاولت من خلال المقال عرض القضية بطرح الملابسات التى تحيط بقتل أحمد باعتبارها القضية برمتها، وتحاول أن تقنع الرأى العام بأن الطرف الفلسطينى «س» والإسرائيلى «ص» يقولون الكثير ولكن الحقيقة غير معلومة. فتترك جمهورها مخدوعا بإقناعه بأن الطرفين مذنبان، وكلاهما يستحق اللوم وأن الصراع نفسه بعيدا عن التحليل النقدى. ويعتبرون بذلك أن إل إن بى سى عادلة وتناولت الموضوع بشكل متوازن، إلا أنها أغفلت حقيقة الصراع: فلم تتحدث عن ضحايا الاستعمار الغاشم، الذى طرد وشرد الفلسطينيين منذ سبعة عقود؛ فالمعادلة كاذبة إذن حيث يعتمون على حقيقة القضية. ولكن فى نفس الوقت كشفت الـ «إن بى سى نيوز» وعن غير قصد حقيقة أساسية عن الصراع؛ أظهرت من خلال الفيديو سلوك الإسرائيليين الذى يعد رمزا واضحا يعبر عن المجتمع الإسرائيلى الذى يعتبر الأطفال الفلسطينيين كلابا لا يستحقون العيش والتنفس.

علم أمراض الفاشية الإسرائيلية
يقول دريتسر، إن ما أظهره فيديو مقتل أحمد المناصرة هو الوحشية الصهيونية والأيديولوجية العنصرية اليهودية التى تعتبر غير اليهود أقل وأدنى منهم، فليست الكراهية العادية هى التى دفعت المتفرجين لقول تلك التعليقات المثيرة للاشمئزاز، وإنما هو الشعور بالعلو والتباهى المجرد من الانسانية والمتأصل فى الأجيال الإسرائيلية ضد الفلسطينيين والعرب. تلك حقيقة تقع فى قلب القضية الفلسطينية.

تلك الظاهرة التى تجعل الأفراد معادين للسامية هى التى تميز الأعمال والسياسات الإسرائيلية بل وهناك قبول ضمنى أو علنى لتلك السياسات من قبل الكيان السياسى الإسرائيلى. فشكل أحمد المناصرة وهو ينزف ويتلقى الشتائم من قبل الإسرائيليين التى انتشرت فى المواقع الاجتماعية وشكلت صدمة هى حالة واحدة فقط من هذا العنف. ويتساءل دريتسر هل تختلف تلك الحالة عن البلدوزرات الإسرائيلية التى تهدم اعدادا لا حصر لها من البيوت الفلسطينية؟ أم أنها أكثر همجية من إحراق البيوت الفلسطينية والأطفال بداخلها؟

ربما ليس من المناسب التعبير عن الصدمة والغضب من هذا الفيديو، ولكن يجب النظر إليه باعتباره التنامى للأيديولوجية الفاشية التى تبناها قادة إسرائيل. والسلوك فى الفيديو هو اقتداء بالقادة مثل وزير العدل إيليت شاكيد الذى كتب أثناء الحرب الإسرائيلية الاجرامية على غزة فى 2014، «إن الشعب الفلسطينى أعلن الحرب علينا، ولابد أن نرد بحرب عليهم. ليس مجرد عملية أو تحرك بطىء، وليس بقوة القانون وليس بتصعيد محكم، ولا بتدمير البنية التحتية للإرهاب ولا بعمليات مستهدفة. كفى ضربات غير مباشرة، فتلك حرب، وليست حرب ضد الارهاب ولا ضد المتطرفين ولا حتى ضد السلطة الفلسطينية، ولكنها حرب بين شعبين. من هو العدو؟ إنه الشعب الفلسطينى... ما المشكلة وما المفزع فى أن نعتبر أن الشعب الفلسطينى بأكمله هو العدو؟ كل حرب تكون بين شعبين، وفى كل حرب الشعب الذى يبدأ يكون أفراده جميعا عدو.. فوراء كل إرهابى هناك عشرات من الرجال والنساء الذين بدونهم لم يكن لينخرط فى الإرهاب. فجميعهم أعداء ومقاتلون ويجب أن نستبيح دماءهم. وهذا يشمل أمهات الشهداء.. يجب أن نلحقهم بأبنائهم، ولن يكون هناك أكثر عدلا من ذلك. يجب أن يذهبوا وتذهب تلك المنازل التى رعرعت الثعابين وإلا فستربى وتنشئ ثعابين صغار آخرين.

ويختتم دريسر المقال، إن مثل هذا الخطاب بكل ما فيه من عدم الإنسانية يذكر الجميع بالأيدولوجيات الفاشية والنازية الألمانية فى الثلاثينيات وغيرها. فمفهوم «الحرب الشاملة» حتى على النساء والأطفال غير المحاربين يعد تأييدا للإبادة الجماعية والتطهير العرقى. وتلك هى المكمن الأساسى: التطهير العرقى كمفهوم وكهدف عسكرى أصبح هو الأساس فى إسرائيل الحديثة. فما المدهش إذن فى أن يتمنى الشباب الإسرائيلى الموت لفلسطينى ينزف ووصمه بـ «ابن العاهرة». أليس أحمد المناصرة «ثعبان صغير» آخر؟

وذكر الكاتب أنه يعلم بأنه سيتلقى من التعليقات والشتائم والاتهامات التى تنعته بأنه معاد للسامية وغيرها من الاتهامات ويعلم أنه سيصيبه قدر كبير من الكراهية إلا أنه يؤكد أنه قد مر بذلك من قبل وليست تلك الأشياء هى ما تمنعه من التحدث خاصة أن تلك التعليقات ستكون دليلا على أن كلماته لمست الجرح.

إن هؤلاء الذين لا يعارضون جرائم الإمبريالية والاستعمارية والقمع والمذابح فهم بلا شك متورطون بها. مؤكدا أنه لن يكون منهم.

التعليقات