إذا انتصرت إسرائيل.. - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 24 يونيو 2025 2:06 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

إذا انتصرت إسرائيل..

نشر فى : الإثنين 23 يونيو 2025 - 6:40 م | آخر تحديث : الإثنين 23 يونيو 2025 - 6:40 م

هل يمكن تصور وتخيل حال المنطقة العربية والشرق الأوسط إذا حسمت إسرائيل معركتها مع إيران لصالحها خصوصا بعد أن دخلت أمريكا المعركة رسميا وقصفت المنشآت النووية الإيرانية فجر أمس الأول الأحد؟

 


فى تصورى أن الأمر لا يحتاج إلى خيال وفهم وقدرة عبقرية على التحليل والتنبؤ لكى نجيب عن هذا السؤال، والسبب ببساطة أن الإسرائيليين أنفسهم يجيبون كل يوم عن هذا السؤال الجوهرى.
لن أعود إلى التاريخ ونبوءات الأديان ودولة إسرائيل من النيل للفرات، ولن أتحدث عما قاله شيمون بيريز رئيس وزراء إسرائيل الأسبق و«المصنف بأنه معتدل ومن أنصار السلام»، عام ١٩٩٥ بأن ساعة قيادة إسرائيل للمنطقة قد حانت، بعد أن جرب العرب القيادة المصرية لعقود. ولن أعود إلى مقولات ديفيد بن جوريون أو ليفى أشكول، أو موسى شاريت أو جولدا مائير أو أرئيل شارون أو إسحاق شامير، ولكن سوف أعتمد فقط على ما يقوله بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل الحالى، وأطول رئيس وزراء منذ زرع إسرائيل فى المنطقة عام ١٩٤٨، إضافة لكبار المسئولين.
نتنياهو وبعد دقائق من إعلان اغتيال حسن نصر اللّٰه زعيم حزب اللّٰه اللبنانى فى 27 سبتمبر من العام الماضى قال بوضوح: «سوف نبدأ من الآن فى إعادة رسم خريطة المنطقة». وقبلها وبعدها كرر بأن يد إسرائيل قادرة على الوصول لأى مكان فى المنطقة، وكان يقولها بكل صلف وغرور وتحد بحيث يسمعها الجميع.
الأمر لم يبدأ فى ٧ أكتوبر 2023 مع «طوفان الأقصى" كما يعتقد البعض، فأحد كبار المتطرفين الصهاينة وهو بتسلئيل سموتريتش وزير المالية الحالى ورئيس حزب الصهيونية الدينية المتطرف وأحد أكبر داعمى نتنياهو نشر دراسة فى عام 2017 سماها «خطة الحسم، قال فيها إنه ليس أمام الفلسطينيين إلا ثلاثة خيارات: الأول أن يقبلوا العيش كمواطنين درجة ثانية فى إسرائيل الكبرى من النهر للبحر، والثانى أن يرحلوا خارجها، والثالث أن يتم قتل من يرفض ذلك.
حينما بدأت المجزرة الإسرائيلية المدعومة أمريكيا فى غزة فإن نتنياهو لم يتوقف عن استخدام نصوص متطرفة من التوراة تدعو لقتل العرب وإبادتهم.
ورأينا وزير التراث المتطرف إميحاى إلياهو يدعو لاستخدام القنبلة الذرية لمحو سكان غزة الفلسطينيين.
ثم بدأ نتنياهو يتحدث عن حق إسرائيل فى قيادة المنطقة وإقامة إسرائيل الكبرى، ولمن نسى فإن الخرائط المغرم بعرضها فى المحافل الدولية تخلو من فلسطين وتتضمن أراضى من دول عربية مجاورة وبعيدة.
قد يقول البعض إن كل ما سبق مجرد «هرتلة دينية» موجودة فى كل الأديان، وهدفها استمرار اليمين المتطرف فى الحكم فى مواجهة ما تبقى من التيار العلمانى الإسرائيلى.
لكن الرد بسيط وهو أن التيار المتطرف يكاد يسيطر على المشهد السياسى فى إسرائيل، وهو عمليا الحاكم الفعلى منذ عام ١٩٩٦ باستثناء سنوات قليلة جدا، وبالتالى فإن المجتمع بأكمله صار متطرفا.
المؤكد أن العديد من الدول العربية لديها خلافات جوهرية مع إيران، والأخيرة أضرت بالأمن القومى العربى ضررا بالغا منذ عقود طويلة وليس قط منذ ثورتها عام ١٩٧٩، لكن ذلك لا يعنى بأى حال تمنى انكسارها وهزيمتها أمام إسرائيل، لأن حدوث ذلك، سيعنى أن إسرائيل ستصبح الحاكم الآمر والناهى فى المنطقة بأكملها، وسيعنى أننا دخلنا بالفعل «العصر الإسرائيلى» فى أسوأ صوره.
إذا انتصرت إسرائيل فإن غالبية المنطقة خصوصا فى المشرق العربى سوف تكون تحت الهيمنة الإسرائيلية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. ووقتها فلن نستبعد أن أى خيار تلجأ إليه إسرائيل وبدعم أمريكى غربى.
قد يعتبر البعض هذا الكلام خيالا وإغراقا فى التشاؤم أو تبنى نظرية المؤامرة، لكن المؤكد وبعد كل زلازل المنطقة فإننا نحتاج إلى النظر بهدوء لخريطة منطقتنا إذا قدر لإسرائيل الانتصار فى معركتها الراهنة ضد إيران.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي