أنا لا عاقلة ولا مجنونة - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 14 ديسمبر 2024 8:39 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أنا لا عاقلة ولا مجنونة

نشر فى : الجمعة 25 يونيو 2021 - 6:55 م | آخر تحديث : الجمعة 25 يونيو 2021 - 6:55 م

نعم الفن لا يعرف الوراثة، رغم الكثير من محاولات العديد من الفنانين لتوريث المهن السينمائية إلى أبنائهم وخاصة الجانب التقنى أو الحرفى، صعودا إلى التمثيل حيث الشهرة والدخل الكبير، وقد حاولت فاتن حمامة إدخال ابنتها إلى عالم التمثيل كى تستفيد من تجربتها كطفلة فى بداية حياتها، وذلك حين أشركتها معها فى فيلم «موعد مع السعادة» إخراج عز الدين ذو الفقار، ومن إنتاج فاتن حمامة.
نادية ذو الفقار هو اسم فتاة معجونة بالوراثة بالفن، أبوها عز الدين ذو الفقار وأعمامها صلاح ومحمود ذو الفقار، وزوجات أعمامها شادية ومريم فخر الدين، وكوثر شفيق، وابنة عماها إيمان ذو الفقار، وزوج أمها هو عمر الشريف الذى تولى تربيتها وفيما بعد صارت مديرة أعماله بعد أن سافر إلى أوروبا، كل هذه الأسباب تصنع من أى شخص غير موهوب قنبلة فنية لو تدرب قليلا أو صنعت من حوله حملة إعلامية مناسبة، وقد كانت نادية الصغيرة مجرد طفلة لا تنم عن موهبة مثل الطفلات الكثيرات فى أوائل الخمسينيات مثل فيروز، ونيللى، وضحى أمير، وسهير فخرى، وفى وسط السبعينيات تم الرهان على نادية ذو الفقار من جديد، فتم تدبير نص يناسبها تماما من تأليف إحسان عبدالقدوس، وإخراج حسام الدين مصطفى، الذى برع فى تقديم أعمال المؤلف بشكل ملحوظ، مثل غابة من السيقان، وفيلم النظارة السوداء، وقام بالبطولة محمود ياسين، وعمها صلاح ذو الفقار إذن فكل الأسباب تنبأ بأن الفيلم يأتى بجمهور كبير العدد لضمان القصة والإخراج والتمثيل، وباءت التجربة بالفشل، ربما ليس لعدم الموهبة، ولكن المرجح لسوء الحظ.
القصة مضمونة باعتبار أن كاتبها إحسان عبدالقدوس، ونادية هنا هى واحدة من بنات المؤلف اللائى ينتمين إلى طبقة اجتماعية راقية، كل المشاكل هنا هى طلاق الأبوين والإحساس بالملل، ولا شك أن نادية هى امتداد لبطلات إحسان فى بقية رواياته، خاصة أنا حرة، والنظارة السوداء، هى أن تصلح أن تكون متمردة فى المجتمع الذى تعيش فيه، كل شىء سهل الحب: والزواج، والانفصال، هكذا عاشت نادية حياتها حين التقت بالمحامى حازم، أحبته بسرعة وتزوجته بسرعة وانفصلت عنه أيضا بسرعة، هذه الفتاة التى تعيش بين منازل أبويها بعد أن تزوج كل منهما بآخر تتصرف عكس كل البنات اللائى حولها، فهى تصفع الرجل الذى حاول تقبليها فى إحدى الحفلات، نفس الرجل كرر المحاولة مرة أخرى بعد طلاقها وهربت من سلم الخادمات، قبل أن تدخل شرطة الآداب الشقة ويتم القبض على كل الموجودين بها.
فى رأيى الشخصى أن الثرثرة الكثيرة التى كتب بها السيناريو كانت سببا فى إصابة الفيلم بالملل ونفور الجمهور من متابعته، البطلة فى أغلب الأحداث إما هاربة من الشرطة أو تقف خلف القضبان، عنوان الفيلم يوحى أننا أمام بنت متمردة، لكن نادية هنا امرأة مطيعة جدا، قليلة الكلام والحوار كله خاص بالمحامى والطبيب النفسى الذى يتابع حالة المتهمة وعليه فإن كتابة اسم إحسان عبدالقدوس هنا لم يكن فى مكانه المناسب مثل أفلام أخرى منها، بئر الحرمان، ولازال التحقيق مستمرا حيث المرأة هى المحور.
حسب معلوماتى فإن حسام الدين مصطفى لم يقم أبدا باكتشاف وجه جديد ليغامر به إلا فى هذا الفيلم، فى العادة أنه كان يستعين بنجمات أخريات لهن تجارب تمثيلية سابقة جيدة، مثل هند رستم، ونادية لطفى، وسعاد حسنى، أما نادية ذو الفقار فبدا أنه عاجز أن يدفعها للنطق وهو أمر صعب لأن نادية لم تتعرض لحادث صادم يجعلها تتفجر كما كانت تفعل فاتن حمامة فى الكثير من الأفلام، وما أكثر أفلام الأم مع روايات إحسان عبدالقدوس.
فاتن حمامة استعانت بابنتها مرة جديدة فى إحدى قصص فيلم حكاية وراء كل باب، إخراج سعيد مرزوق، وللأسف نادية ذو الفقار لم تختبر قط وأنهت علاقتها بالتمثيل إلى الأبد.

التعليقات