الوجه الحقيقي للاحتجاجات في إسرائيل - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 5:08 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الوجه الحقيقي للاحتجاجات في إسرائيل

نشر فى : الجمعة 25 أغسطس 2023 - 8:05 م | آخر تحديث : الجمعة 25 أغسطس 2023 - 8:05 م
نشر موقع Eurasia review مقالا للكاتب نيف جوردون، يوضح فيه تناقض وازدواجية الاحتجاجات الإسرائيلية الرافضة للإصلاح القضائى، فبينما تدعى الدكتورة شيكما بريسلر، رمز الاحتجاجات الإسرائيلية كما وصفها مقال نشرته جريدة «نيويورك تايمز»، ضرورة النضال والاحتجاج للحفاظ على إسرائيل كيانا ديمقراطيا، فى حين ترفض هذه الحركة الاحتجاجية المدعية الديمقراطية التحالف مع الشعب الفلسطينى لإرساء قواعد نظام سياسى ديمقراطى يحفظ حقوق الجميع. وأضاف الكاتب أن السبب الآخر لتلك الاحتجاجات هو خوف المشاركين فى العمليات العسكرية على المدن والمخيمات الفلسطينية من المثول أمام محكمة العدل الدولية فى لاهاى بتهم ارتكاب جرائم حرب... نعرض من المقال ما يلى:
بداية، أشار كاتب المقال إلى وصف صحيفة «نيويورك تايمز» عالمة فيزياء الجسيمات الإسرائيلية الدكتورة، شيكما بريسلر، بأنها «رمز الاحتجاجات الإسرائيلية»، بأنه غاية فى الدقة. لأنه منذ ما يقرب من 30 أسبوعا، كانت بريسلر تقود مئات الآلاف من المتظاهرين فى محاولة لوقف الإصلاح القضائى الذى خططت له حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية.
إن مستوى واتساع نطاق التعبئة لم يسبق له مثيل، ووفقا لبريسلر، فإن الدافع وراء هذه الجهود هو الخوف على مستقبل إسرائيل. وأوضحت لمراسل نيويورك تايمز: «إما أن نقع فى مكان مظلم ومتطرف وعنصرى للغاية حيث سيتم تدمير إسرائيل التى نعرفها، بجميع جوانبها الاجتماعية والاقتصادية، أو يمكننا بناء دولة جديدة أقوى، بديمقراطية أفضل لصالح جميع الناس».
مثل معظم وسائل الإعلام الرئيسية، تقدم صحيفة نيويورك تايمز، بريسلر والحركة التى تقودها على أنها قمة القيم الليبرالية. ولكن لسوء الحظ، كما هو الحال عادة مع التغطية الإعلامية للتطورات فى إسرائيل، هناك ما هو أكثر مما تراه العين فى هذه القصة.

على سبيل المثال، فى 3 يوليو الماضى، بعد ساعات قليلة من دخول الجنود الإسرائيليين إلى مخيم جنين للاجئين، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 12 فلسطينيا وإصابة أكثر من 100 آخرين، نشرت الدكتور بريسلر تغريدة تربط بين التوغل العسكرى والاحتجاجات فى تل أبيب، جاء فيها «من أجل الاستمرار فى الوقوف مرفوعى الرءوس ضد التهديدات الخارجية، وحتى لا يتعرض أطفالنا وإخواننا وشركاؤنا الأبطال الذين يقاتلون الآن فى جنين للملاحقة القضائية فى لاهاى، يجب علينا أن نضمن بقاء إسرائيل دولة ديمقراطية».

تعليقا على ما سبق، بريسلر على حق فيما قالت لأسباب عديدة منها: أن المحكمة العليا الإسرائيلية كانت دائما بمثابة درع للجنود الذين يقتحمون المدن الفلسطينية من جنين فى الشمال إلى رفح فى الجنوب، ومن المحتمل أن يؤدى هجوم الحكومة على المحكمة إلى ترك الجنود عرضة للملاحقة الدولية فى جرائم الحرب مستقبلا. ولكن، بطبيعة الحال، تبطل هذه الكلمات أيضا ادعاء بريسلر بأنها تناضل من أجل «الديمقراطية لكافة جموع الناس على اختلاف الهوية والدين».
• • •
أصبحت الحماية من لوائح الاتهام بجرائم الحرب موضوعا رئيسيا فى الأسابيع التى سبقت التصويت فى 24 يوليو على مشروع قانون «معيار المعقولية» المثير للجدل ــ وهو تشريع مركزى يهدف إلى إضعاف السلطة القضائية. وفى مرحلة ما، هدد 1142 من جنود الاحتياط فى القوات الجوية، بما فى ذلك 235 طيارا مقاتلا و173 مشغلا للطائرات دون طيار و85 جنديا من القوات الخاصة، بوقف خدمتهم العسكرية التطوعية فى حالة إقرار مشروع هذا القانون.

أثار هذا العصيان غضب وسائل الإعلام الإسرائيلية، التى أمضت قدرا هائلا من الوقت فى تحليل التأثير المحتمل لهذا الرفض على الاستعداد العسكرى الإسرائيلى. كما أجريت مقابلات تلفزيونية مع عدد قليل من الرافضين، موضحين أنهم على الرغم من فخرهم بخدمتهم العسكرية، إلا أنهم غير مستعدين لحماية نظام غير ديمقراطى.

يستعد الطيارون الإسرائيليون لمواصلة إسقاط القنابل القاتلة على المدن المزدحمة ومخيمات اللاجئين فى غزة، ولكنهم، كما تردد بريسلر، يجدون أيضا صعوبة فى الثقة بالحكومة، فإنهم يخشون مع الإصلاح القضائى أن ينتهى بهم الأمر إلى اتهامهم بارتكاب جرائم حرب فى محكمة العدل الدولية فى لاهاى وبعبارة أخرى، فإنهم يعتقدون أن هذا الإصلاح القضائى يعنى أن الحكومة تتخلى عن مسئوليتها فى حماية المواطنين اليهود والامتيازات الممنوحة لهم.
• • •
لم تنجح التهديدات الرافضة لهذا الإصلاح القضائى فى وقف التشريع، وفى 25 يوليو، أقرت الحكومة مشروع قانون «المعيار المعقول». وفى اليوم التالى، أقر الكنيست تمديدا لقانون لجان القبول، ولكن نظرا لأن مشروع القانون هذا كان أقل إثارة للجدل، فإنه لم يحظ بأى اهتمام إعلامى فى الغرب تقريبا.

من اللافت للانتباه، أنه تم سن قانون لجان القبول فى عام 2010 للتحايل على حكم محكمة العدل العليا الذى يحظر على المجتمعات التعاونية تأجير الأراضى لليهود. فى حين أن قانون عام 2010 يسمح فقط للمجتمعات التى يصل عددها إلى 400 عائلة مقيمة فى النقب أو الجليل برفض قبول المواطنين الفلسطينيين فى إسرائيل فى مستوطناتهم، فإن مشروع القانون الجديد يزيد العوائق أمام الشعب الفلسطينى بحيث تتمكن المجتمعات التى يصل عددها إلى 700 عائلة فى أى جزء من إسرائيل من منع المواطنين الفلسطينيين من شراء قطعة أرض.

وهنا جوهر القضية: لقد حظى هذا القانون بدعم البرلمانيين من كلا الجانبين، أى أولئك الذين فى نظر بريسلر والطيارين الإسرائيليين يهاجمون الديمقراطية الإسرائيلية وأولئك الذين يدافعون عنها. وبالفعل، فمن بين 110 أعضاء من أعضاء كنيست يهود (العشرة الباقون هم فلسطينيون) ، صوت اثنين فقط ضد هذا القانون.

مباشرة بعد إقرار مشروع القانون، نشر 20 زعيما محليا من مختلف الأطياف السياسية ــ بدءا من مديرى حركتى الكيبوتسات والموشافيم إلى رؤساء المجالس الإقليمية والمحلية ــ رسما بيانيا يشكرون فيه أوريت ستروك، وهى من بين قادة المستوطنة اليهودية فى الخليل ووزيرة المستوطنات والبعثات الوطنية الحالية، على إقرار هذا القانون.

وبعبارة أخرى، هناك إجماع واسع النطاق بين أولئك الذين يؤيدون الإصلاح القضائى والذين يعارضونه حول أهمية تعميق الفصل العنصرى. وهذا هو ما يوحد اليهود الإسرائيليين على الرغم من المأزق السياسى الحالى.

خلاصة القول، أنه، وفى الوقت الحالى، يؤيد نحو نصف المواطنين اليهود فى إسرائيل الإصلاح القضائى، بينما يعارضه النصف الآخر، مما يشير إلى أن الطريقة الوحيدة التى يحظى بها أولئك الذين يقاومون الحكومة الحالية بفرصة الفوز هى من خلال خلق تحالف مع الفلسطينيين، الذين يشكلون 20% من سكان البلاد. ولكن بما أن مثل هذا التحالف سيتضمن التخلى عن رؤية الصهاينة للعالم والامتيازات التى تأتى معها، فإن غالبية المتظاهرين، بما فى ذلك شيكما بريسلر، غير مستعدين حتى للتفكير فى ذلك. وهكذا، فبينما يوجد من الناحية النظرية طريق يؤدى إلى إنشاء نظام سياسى ديمقراطى فى إسرائيل/فلسطين، فإن حركة الاحتجاج الحالية بعيدة كل البعد عن تحقيق ذلك.

ترجمة وتحرير: وفاء هاني عمر
النص الأصلي

التعليقات