هناك اعتقاد لدى كثيرين أن ما فعلته إسرائيل يومى الثلاثاء والأربعاء قبل الماضيين ضد عناصر حزب الله اللبنانى فى عملية أجهزة البيجر والووكى توكى هى المرة الأولى التى يتم فيها استخدام وسائل الاتصال كأسلحة للقتل فى الحروب.
نعلم أن إسرائيل فجرت أجهزة البيجر وأجهزة الووكى توكى الموجودة فى أيدى عناصر حزب الله مما أدى إلى مقتل ٤٠ شخصا وإصابة نحو ٣٠٠٠ آخرين بإصابات مختلفة.
اليوم لا نتحدث عن كيف حدث ذلك، لكن نتحدث فقط عن أن هذا السلاح ليس جديدا، واستخدمته إسرائيل أكثر من مرة فى ملاحقتها لقادة المقاومة الفلسطينية سواء كانوا من حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية أو من حركة حماس وذراعها العسكرية كتائب عز الدين القسام.
هى فعلت ذلك كثيرا، لكن الفارق أن ما حدث الأسبوع الماضى، كان عملية للقتل الجماعى واسع النطاق ولا يفرق بين مدنى وعسكرى، وهو أمر غير مسبوق بالمرة فى التاريخ الإنسانى المعروف والمكتوب.
قبل عملية البيجر فإن إسرائيل استخدمت القتل بوسائل الاتصال أكثر من مرة، لكن للأسف ذاكرة الناس ضعيفة إلى حد كبير.
وطبقا لما يرويه ضباط المخابرات الإسرائيلية السابقون فإن الموساد قام باغتيال محمود الهمشرى ممثل منظمة التحرير الفلسطينية فى باريس عام ١٩٧٢.
يومها اتصل به شخص زعم أنه صحفى إيطالى، وحينما نزل لمقابلته خارج الفندق صعد عملاء الموساد إلى غرفته وقاموا بوضع القنبلة فى قاعدة الهاتف الأرضى بالغرفة، وحينما عاد للغرفة اتصلوا به، وفى اللحظة التى رد فيها انفجرت القنبلة ومات بعد شهر متأثرا بإصاباته. وكان الاغتيال انتقاما من الهمشرى لاعتقادهم أنه كان أحد الذين خططوا لعملية خطف وقتل بعض الرياضيين الإسرائيليين المشاركين فى دورة الألعاب الأولمبية فى ميونيخ الألمانية عام ١٩٧٢.
الحادثة الأشهر بطبيعة الحال كانت اغتيال يحيى عياش أحد أهم قادة كتائب عز الدين القسام ومسئول تصنيع الأسلحة فى حماس وكان مشهورا بـ«المهندس». الموساد جند كامل حمد عم يحيى وأعطاه هاتفا، لأنهم كانوا يعرفون أن عياش يستعين دائما بهاتف عمه لإجراء بعض المكالمات تجنبا للملاحقة الإسرائيلية.
وفى يناير ١٩٩٦ اتصل والد يحيى عياش بابنه على تليفون عمه، كما يحدث دائما، طائرة تجسس إسرائيلية التقطت المكالمة ونقلتها إلى جهاز الأمن الداخلى «الشاباك»، الذى فجر القنبلة الموجودة داخل الهاتف فقتل عياش على الفور.
وعلى حد تعبير أحد عملاء الموساد السابقين فإن كل مقاوم أو إرهابى يعلم أن الهاتف الذى يحمله يسهل أن يتحول إلى أداة لقتله بسهولة نظرا لأنه يتيح إمكانية معرفة مكانه والأماكن التى يتحرك فيها. نظام تحديد الأماكن الموجود فى كل الأجهزة يجعل الشخص مكشوفا وعاريا أمام الجميع، فما بالك لو كان من يطاردك جهاز مخابرات، يسخر كل ما لديه من تكنولوجيا لرصدك وتتبعك، بل والقدرة على أن يتحول جهاز هاتفك إلى أداة تتيح لخصومك معرفة كل ما تقوله وتفعله، بل يمكن لمن يراقبك أن يقوم بتشغيل ميكروفون وكاميرا الجهاز حتى لو كان مغلقا.
والكلام الأخير قرأته أكثر من مرة ولا أعرف حتى الآن كيف يتم تشغيل كاميرا وميكروفون الجهاز حتى لو كان الجهاز مغلقا بل ويزعم البعض الآخر بالقول وحتى لو كان بلا بطارية!!
ونعلم أيضا أن إسرائيل فى عدوانها المستمر على غزة منذ ٧ أكتوبر الماضى سخرت كل تقنيات التكنولوجيا الحديثة فى عدوانها وتزعم أن عملياتها دقيقة جدا لأنها تتم بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعى والسؤال: إذا كانت هذه عمليات دقيقة وذكية، فكيف كان سيكون حجم الضحايا لو كانت عشوائية وغبية؟!
ما فعلته إسرائيل يومى الثلاثاء والأربعاء قبل الماضيين فى لبنان أيقظ انتباه الجميع على أن الهواتف لم تعد وسيلة للتواصل والاتصال فقط، بل صارت أدوات للقتل الجماعى وهذا يعنى أن الهاتف الموجود فى يدك صار سلاحا للقتل فاحترسوا.