حاجة المشهد الحالى لتنشيط المروءة والشهامة - علي محمد فخرو - بوابة الشروق
الأحد 30 مارس 2025 10:06 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

حاجة المشهد الحالى لتنشيط المروءة والشهامة

نشر فى : الأربعاء 26 مارس 2025 - 6:55 م | آخر تحديث : الأربعاء 26 مارس 2025 - 6:55 م

كنا نريد أن نستمرّ فى كتابة أنواع النشاطات العربية المشتركة التى يجب أن تتبناها المؤسسات العربية المشتركة والمؤسسات العربية ــ الإسلامية المشتركة، والتى لا تتأثر بالخلافات والصّراعات السياسية العربية المتعددة، لولا أن الأحداث المأساوية المتلاحقة خلال الأسبوع الماضى تستدعى التعليق عليها.
‎نذكر القراء بأننا كتبنا مقالاً، بعد صدور بيان مؤتمر القمة العربية الأخير فى القاهرة، يشيد ببعض ما جاء فى البيان من مواقف عربية متوازنة مشتركة وعلى الأخص تجاه الموضوع الفلسطينى، ولكن يعيب على البيان عدم ذكر بعض ما يمكن أن تقرره مؤتمرات القمة العربية من مواقف أكثر حدّة ونديّة فى حالة رفض أمريكا والكيان الصهيونى لما جاء فى البيان من مقترحات إنسانية وأخلاقية لتخفيف آلام وأحزان ومصائب شعب غزّة الصابر المناضل المضحّى.
‎لكن لم يمض يومان بعد صدور البيان حتى جاء الردّ الأمريكى والصهيونى سلبيًا ورافضًا ومتحدّيًا. ثم أتبعت السلطات الأمريكية ــ الصهيونية المشتركة ذلك الرّفض بالعودة إلى الإبادة اللاإنسانية والتدمير العمرانى الممنهج لغزّة وشعبها من جهة وشعب الضفة الغربية الفلسطينى من جهة ثانية، مضيفًا القيام يوميًا بحملات قتل وتدمير هائلة فى طول وعرض لبنان وفى سوريا وفى اليمن.
‎السؤال الذى يطرح نفسه فى الحال: ألا يكفى المشهد التدميرى اليومى وبكاء وعويل الأطفال والنساء والتصريحات الأمريكية اليومية المنحازة من قبل أعضاء الحكومة الأمريكية، ذات الطابع والإرادة والأهداف الصهيونية البحتة؟، ألا تكفى تلك المناظر لإقناع غالبية الحكومات العربية بضرورة عقد مؤتمر قمة عربية وقمة عربية/ إسلامية للنّظر فى الأفعال، وليس الأقوال، التى يجب أن تؤخذ للجم الجنون الأمريكى ــ الصهيونى الذى خرج عن كل القواعد الإنسانية والأخلاقية بالنسبة لتعامله مع كل قضية عربية فى سائر الوطن العربى كله؟ ألا تقتضى الأخوة العروبية والأخوة الإسلامية وضعهما محل الامتحان ومحل التساؤل عما يعنيانه، إذا كانت تلك الأخوة لا تعين ولا تفعل إبّان المحن وإبّان الاستعباد؟
‎أليس فى هذا السكوت وفى تلك الإرادة الضعيفة خروجًا على ميثاق الجامعة العربية وميثاق التضامن العربى ــ الإسلامى؟ بل أليس فيهما تجاهل تام للكثير مما جاء فى القرآن الكريم والتراث الإسلامى بشأن أمة الدين الواحد والتعاضد المشترك الموحد إبّان تكالب الأعداء المتوحدين المتعاضدين؟
نتساءل مع غيرنا، هل حقًا أن أسلوب تعامل بعض قادة العرب والمسلمين مع الصلف الأمريكى والإجرام الصهيونى لا يمكن تغييره وتطويره لجعله معبرًا عن مشاعر الشعوب التى يحكمونها، ويؤكدون يوميًا أنهم يريدون خدمتها وأمنها؟ هل أمن هذه الشعوب يمكن أن يوجد فى الاستعمال الممنهج لكل سلاح تدميرى ضدّ هذه الأمة من قبل القيادة الأمريكية والقيادة اليمينية الصهيونية فى فلسطين المحتلة؟
‎ثم، وبصراحة تامة، متى ستتوقف كل الخلافات العبثية فيما بين شتّى الفصائل والسلطات الفلسطينية وتخرج على العالم بخطوة تكوين قيادة واحدة، تتعامل بصوت واحد، وتبعد كل خائن بصوت واحد، وتطلب معونة أمّتهم العربية وإخوانهم المسلمين وأحرار العالم بصوت واحد؟ إن أشكال السكوت والغمغمات والتناقضات والمماحكات الفلسطينية ما عادت مقبولة. وإذا كان إخوتنا الفلسطينيون يريدون أن يعرفوا عن بعض التبدلات المخيفة فى مشاعر بعض العرب وبعض المسلمين فليتابعوا وسائل التواصل الاجتماعى. ولولا التضحيات الهائلة المقدمة من الإخوة والأخوات والأطفال الفلسطينيين لرأينا الكوارث بالنسبة للمشاعر القومية العروبية والإسلامية.
‎إن بطء الحراك الفلسطينى لبناء القيادة الواحدة أصبح لا يطاق، وإن الاكتفاء بإصدار البيانات الواعدة المطمئنة أصبحت لا تقنع أحدًا ولا تنطلى حتى على أبسط الناس.
‎تبقى ظاهرة سكوت الطلبة والعمال والأحزاب والجمعيات العربية والإسلامية، إلا من رحم ربى من قلة، فإنه كتاب موجع مؤلم آخر تكلمنا عنه وتكلم الألوف عنه. وهو فصل سنعود إليه مرارًا حتى يتغير هذا المشهد المشلول والمبحوح الصوت.
‎يا مؤتمر القمة العربى ومؤتمر القمة العربى ــ الإسلامى: نصيحة نقدمها لكم مع غيرنا للمرة الألف بأن تنشّطوا قيم وأفعال المروءة والشهامة قبل فوات الأوان لشعوبكم ولكم.

 

علي محمد فخرو  شغل العديد من المناصب ومنها منصبي وزير الصحة بمملكة البحرين في الفترة من 1971 _ 1982، ووزير التربية والتعليم في الفترة من 1982 _ 1995. وأيضا سفير لمملكة البحرين في فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، وسويسرا، ولدي اليونسكو. ورئيس جمعية الهلال الأحمر البحريني سابقا، وعضو سابق المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، وعضو سابق للمكتب التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات الوحدة العربية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات فلسطينية. وعضو مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبييشغل حاليا عضو اللجنة الاستشارية للشرق الأوسط بالبنك الدولي، وعضو في لجنة الخبراء لليونسكو حول التربية للجميع، عضو في مجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة، ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث.
التعليقات