تفويض الفقراء ليس مفتوحًا - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:28 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تفويض الفقراء ليس مفتوحًا

نشر فى : الإثنين 27 يناير 2014 - 5:10 ص | آخر تحديث : الإثنين 27 يناير 2014 - 5:10 ص

فى الثامنة والنصف من مساء السبت كنت قادما من ميدان عابدين فى طريقى لميدان التحرير. فوجئت بأكثر من 20 سيدة تتراوح أعمارهن بين 15 و40 عاما يقفن أمام أحد الاكشاك فى ميدان باب اللوق منهمكات فى الاستماع لأغنية الفنانة القديرة شادية «يا حبيبتى يا مصر» وترديد كلمات الأغنية بصوت عال.

وقفت متسمرا لان السيدات كن فى حالة توحد غريبة واندماج كامل.

تفرست فى وجوه ومناظر الفتيات، لأعرف هل هن مأجورات من قبل الجيش أو الشرطة او الفلول للقيام بدور دعائى ترويجى، كما يدعى البعض؟!.

شيئا فشيئا بدأ يتجمع بعض المارة حول السيدات ويشاركوهن الغناء وبعد أقل من دقيقتين كان العدد قد اقترب من مائة شخص.

السيدات ــ أقسم بالله على ما أقول ــ مصريات عاديات يشبهن أهالينا، كلهن محجبات بلا استثناء، حتى الفتيات الصغيرات، لكن المؤكد انهن كن فى أقصى حالات السعادة والفرح والوطنية والتحضر كما ينبغى له أن يكون.

انتهت الأغنية فى الإذاعة أو جهاز التسجيل داخل الكشك فبدأت السيدات فى الانصراف باتجاه حى عابدين أو ربما فى طريقهن إلى السيدة أو البساتين.

تركت باب اللوق ودخلت ميدان التحرير للمرة الثانية فى هذه الليلة لأجد حالة السيدات تتكرر بطريقة مختلفة وكان ابرزها مجموعة كبيرة من الشباب يغنون اغنية: باسم الله..الله اكبر..بسم الله» تحت تمثال عبدالمنعم رياض.

الملفت للنظر هو أن عدد الشباب كان كبيرا جدا مقارنة بما قيل عن قلة أعداده فى الاستفتاء على الدستور. قضيت فى الميدان أكثر من ثلاث ساعات كان عدد الشباب يمثل أكثر من 75٪ من الموجودين، والشباب كانوا من الجنسين، أسر كثيرة اصطحبت أولادها، مسلمين ومسيحيين، إضافة إلى كبار السن.

لست خبيرا احصائيا او عالم اجتماع لكى أصل إلى نتائج حاسمة بشأن تصنيف الذين خرجوا يوم السبت للاحتفال بثورة 25 يناير ومن أى الفئات الاجتماعية ينحدرون. لكنى استطيع الزعم أن نسبة المنتمين لفئات اجتماعية فقيرة كان اكبر إلى حد ما يوم السبت الماضى، ودليلى فى هذا الأمر نوعية الملابس، وطريقة تعبيرهم الشعبية فى الحديث والهتافات، وسير كثير منهم على أقدامهم سواء لناحية عابدين أو على كوبرى أكتوبر فى اتجاه إمبابة او ركوبهم على عربات تجرها حمير او بغال.

ظنى الشخصى أن غالبيتهم ليسوا منتمين لأحزاب ولا يفرق معهم كثيرا ان يحكم الإخوان أو الليبراليون. ربما هم يبحثون عن مخلص أو منقذ ينتشلهم من فقرهم ويوفر لهم حياة أفضل. ولذلك كان معظمهم يرفعون صور السيسى أو يضعون قناعا على وجوههم يحمل صورته بدلا من قناع فانديتا.

جماعة الإخوان وبعض النخبة التى تعارض الحكم الحالى لا ترى هؤلاء بالمرة، ليسوا فى قاموسها، ولذلك سخر بعضهم من أولئك البسطاء الذين ذهبوا بكثافة للتصويت لصالح الدستور او احتفلوا بطريقتهم الشعبية.

ربما لا يعرف هؤلاء البسطاء الدستور أو مواده، لكنهم يريدون استقرارا وأمنا وأملا فى الغد. لانهم جربوا كل «الوصفات» وأملهم الأخير اى شخص يخرجهم من مشاكلهم المأساوية.

معظم الذين ذهبوا إلى التحرير يوم السبت وسائر الميادين مصريون يحبون بلدهم بطريقة بسيطة يعبرون عنها بأغنية شادية أو تسلم الأيادى. وتأييدهم للسيسى او اى شخص غيره مشروط بأن يجعلهم يرون أملا فى الأيام المقبلة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي