مواجهات الصين وأمريكا حول بنما - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 4:52 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مواجهات الصين وأمريكا حول بنما

نشر فى : الخميس 27 أغسطس 2020 - 10:45 م | آخر تحديث : الخميس 27 أغسطس 2020 - 10:45 م

نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب Loro Horta، تحدث فيه عن تزايد وجود الصين فى بنما وما أثاره هذا الوجود لدى الإدارة الأمريكية من مخاوف.. جاء فيه ما يلى.

مع تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين على المستوى العالمى، يضع التنافس بينهما ضغوطًا كبيرة على الدول الصغيرة مثل بنما. ونتيجة لذلك، أثار الوجود الصينى المتزايد فى بنما مخاوف فى إدارة ترامب. ففى مارس 2018، زار الرئيس شى جين بينغ بنما، وذلك بعد تسعة أشهر من إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الصين وقطع العلاقات مع تايوان.
بعد فترة وجيزة، تولت الشركات الصينية إنشاء مشاريع كبرى لتطوير البنية التحتية مثل بناء خط سكة حديد عالى السرعة بقيمة 4 مليارات دولار يربط عاصمة بنما بشمال البلاد. وتشمل المشاريع الأخرى خطًا ثالثًا بقيمة 2,5 مليار دولار لإنشاء مترو بنما سيتى وجسر بقيمة 1,4 مليار دولار فوق قناة بنما. كما تم التوقيع على اتفاقية بشأن الرحلات الجوية المباشرة بين مدينة بنما وهونج كونج.
تعتبر قناة بنما، التى بنتها الولايات المتحدة فى العقد الأول من القرن العشرين لربط المحيط الأطلسى والمحيط الهادئ، ذات أهمية حيوية للولايات المتحدة. كما تعد البلاد أيضًا مركزًا للعمليات العسكرية الأمريكية، حيث أنشأت الولايات المتحدة عدة قواعد هناك.

رد فعل واشنطن

منذ ما يقرب من 90 عامًا، أدارت الولايات المتحدة ما يسمى بمنطقة القناة. ولم يكن لدى البنميين ولاية قضائية على بلادهم، حيث قسمت بلادهم إلى نصفين لمدة 90 عامًا تقريبًا. ولا شك أن هذا كان يشكل مصدرًا كبيرًا لاستيائهم وإذلالهم.
إلا أن فى عام 1999، أعادت الولايات المتحدة أخيرًا القناة إلى بنما. ومع ذلك، ظلت الولايات المتحدة أهم لاعب سياسى واقتصادى فى البلاد، كما احتفظت بالعديد من القواعد العسكرية.
وبناء على الاختراق التدريجى لبنما على يد بكين، تزايدت المخاوف فى واشنطن. ودق الوجود الصينى فى بنما أجراس الإنذار فى واشنطن. ففى مايو 2019، حذر السيناتور الجمهورى المؤثر ماركو روبيو بنما من مخاطر الاقتراب الشديد من الصين، كما حذر وزير الخارجية مايك بومبيو البنميين من مخاطر «الأنشطة الناهبة» للصين. وحذر البنتاغون من المخاطر التى قد تشكلها الصين على قناة بنما.
وبعد انتخاب لورينتينو كورتيزو للرئاسة فى مايو 2019، يبدو أن وجود الصين فى بنما آخذ فى الانحسار. فقد ذهب عَقد الخط الثالث لمترو مدينة بنما إلى شركة كورية جنوبية وهناك أيضا مشاريع أخرى معلقة. ويتكهن العديد من المراقبين بأن هذا ربما كان نتيجة الضغط الأمريكى.

تراجع نفوذ الولايات المتحدة

كتب العديد من المحللين عن التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين بشأن بنما. إلا أن معظم التحليلات تعامل البنميين كمتفرجين سلبيين يقعون تحت رحمة القوى العظمى.
وعلى العموم يعد بقاء الولايات المتحدة الفاعل الاقتصادى والسياسى المهيمن فى بنما معتمدا على البنميين أكثر من الأمريكيين أو الصينيين. فإذا كانت بنما واجهت تاريخا من الاستعمار على يد الولايات المتحدة، إلا أن لديها أيضًا تاريخا من المقاومة. فبعد كل شيء تمكنوا من إجبار الولايات المتحدة على إعادة القناة إلى السيطرة البنمية.
تحتاج بنما إلى استثمارات ضخمة لتحسين بنيتها التحتية. وإذا كانت الصين هى الدولة الوحيدة التى ترغب فى تقديم مثل هذه المساعدة، فإن قيادة بنما ستتجه إليها فى النهاية. فهناك العديد من الأمثلة فى العالم النامى لقادة محليين انتقدوا الصين، عندما كانوا فى المعارضة، ولكن عند وصولهم إلى السلطة، لم يكونوا قادرين على التخلى عن فوائد القروض والاستثمارات الصينية.
الصين الآن هى ثانى أكبر مستخدم لقناة بنما. وسيستمر اهتمام بكين بالبلد. ومن المرجح أن تظل الولايات المتحدة أهم لاعب فى بنما فى المستقبل المنظور. ومع ذلك، فلن تتمتع بعد الآن بالتأثير الكبير الذى كانت تتمتع به فى القرن العشرين. عندما كان لديها الحق فى التحكم فى القرارات الرئيسية.

الحاجة لتغيير موقف الولايات المتحدة
يدرك قادة بنما أن العلاقات مع الصين تمنحهم نفوذًا فى دولتهم مقارنة بالولايات المتحدة وتجبر واشنطن على أن تكون أكثر حرصا تجاه المصالح البنمية. لذلك، فإن الطريقة الوحيدة التى ستضمن بها الولايات المتحدة، على المدى الطويل، هيمنتها فى بنما والمنطقة هى معاملة قادتها وشعبها بمزيد من الحرص والاحترام.
فعلى مدى عقود، تعاملت الولايات المتحدة مع بنما بطريقة استعمارية، وعاملت البنميين كمواطنين من الدرجة الثانية فى بلدهم. وامتلكت واشنطن تقريبًا حق النقض (الفيتو) على العلاقات الخارجية للبلاد وفى أحداث عديدة أيضا كالإطاحة بحكومات لم تكن تميل إليها.
ومثال على ذلك، فى عام 1989 عندما غزت الولايات المتحدة بنما للإطاحة بالجنرال مانويل نورييغا الذى اتهمته واشنطن بتهريب المخدرات. ومن المفارقات أن حكومة الولايات المتحدة هى التى أتت به إلى الحكم.
إن الدبلوماسية الاستعمارية التى تتعامل بها الولايات المتحدة مع بنما عفا عليها الزمن ولن تجدى نفعا مع القيادة البنمية الحالية بغض النظر عن الحزب السياسى الموجود فى السلطة. وبدلا من مجرد إلقاء خطب على بنما حول شرور التعامل مع الصين، ربما ينبغى على الولايات المتحدة أن تولى مزيدًا من الاهتمام حول مزايا التعامل مع واشنطن.
يجب على الولايات المتحدة أن تركز على احتياجات بنما وتبتكر طرقًا يمكن للولايات المتحدة أن تساعدها بها. سيستمر وجود الصين، فى بنما والمنطقة ككل، فى النمو وسيتطلب الأمر سياسات أمريكية أكثر إبداعًا إذا أرادت مواجهة اختراق الصين المتزايد.
أغلبية النخبة البنمية حصلوا على تعليمهم فى الولايات المتحدة كما يتغلغل التأثير الثقافى الأمريكى فى جميع جوانب المجتمع البنمى. وعلى النقيض، يتمتع البنميون بعلاقة «حب وكراهية» تجاه صديقتهم الأنجلو ساكسونية القوية. باختصار، للولايات المتحدة مصالح مشروعة فى بنما والعديد من المزايا التى تجعلها متفوقة على الصين. إلا أن عليها استخدام هذه المزايا بحكمة.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:
https://bit.ly/3aXIGpn

التعليقات