سياسة الدفاع الأوروبية تسير بسرعة.. دون الاتفاق على وجهة - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:53 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سياسة الدفاع الأوروبية تسير بسرعة.. دون الاتفاق على وجهة

نشر فى : الأربعاء 27 نوفمبر 2019 - 9:15 م | آخر تحديث : الأربعاء 27 نوفمبر 2019 - 9:15 م

نشرت مجلة The Economist مقالا تناول فيه الاختلافات الحالية بين دول الاتحاد الأوروبى ــ خاصة بين ألمانيا وفرنسا ــ على شكل سياسة الدفاع التى يجب أن تنتهجها القارة.. ونعرض منه ما يلى:
قبل عشرين عاما، سخر جورج روبيرستون ــ رئيس الناتو آنذاك ــ من الاتحاد الأوروبى، وأشار إلى افتقار الاتحاد الأوروبى من الأسلحة وولعه فقط بالرسومات البيانية التنظيمية المعقدة قائلا: «لا يمكن إرسال رسم بيانى لحل أزمة». وفى مقابلة أجرتها مجلة الإيكونوميست فى السابع من نوفمبر مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون قام فيها الأخير بقلب الاتهام.. مشيرا إلى أن الناتو يعانى من «موت عقلى» والولايات المتحدة لن تقوم بالدفاع عنه وقت حدوث أى أزمة. ولكنه أصر على أن أوروبا «لديها القدرة على الدفاع عن نفسها».
تتمتع حملة ماكرون لتعزيز القوى الأوروبية ببعض الدعم. فحذرت أنيجريت كرامب كارينباور، وزيرة الدفاع الألمانية وخليفة أنجيلا ميركل كزعيم للحزب الحاكم، فى خطاب ألقته «إن رغبة وقدرة الولايات المتحدة على القيام بأكثر من حصتها تتضاءل».. ويمكن أن تكون أوروبا قوية «إذا أردناها أن تكون، وإذا أزلنا العقبات فى طريقنا». دعت أورسولا فون دير لين، الرئيسة المنتخبة للمفوضية الأوروبية ووزيرة الدفاع الألمانية السابقة إلى تبنى «خطوات جريئة فى السنوات الخمس المقبلة نحو إنشاء اتحاد دفاعى أوروبى حقيقى». ولتحقيق هذه الغاية، سيتولى تيرى بريتون، المفوض الفرنسى الجديد للسوق الموحدة، منصب المدير العام لصناعة الدفاع والفضاء. وسيترأس صندوق الدفاع الأوروبى الذى سيخصص 13 مليار يورو (14.4 مليار دولار) على مدى سبع سنوات لتعزيز البحث العلمى وربط صناعة الدفاع المجزأة فى القارة.
تم إطلاق مخطط يعرف باسم «التعاون الهيكيلى الدائم» (PESCO) سنة 2017 ويشمل الآن ما يقرب من أربعة عشر مشروعا. فى 2018 قام ماكرون بإنشاء مبادرة التدخل الأوروبى (e2i) وهى مبادرة تضم 14 دولة ــ بعضا منهم من خارج الاتحاد الأوروبى والناتو ــ للتخطيط بشكل مشترك للأزمات المستقبلية، بهدف إنتاج «ثقافة استراتيجية مشتركة».
كل هذه الجهود تدل على تطور فى نظام الدفاع الأوروبى. يرى الأوروبيون الكارثة قادمة ويستعدون لها. ولكن التخطيط لما يجب أن يكون عليه الشكل النهائى لهذا الهيكل أو غرضه لم يتضح.. تدخُل ماكرون كان غرضه إبراز أهمية هذه المشكلة، ولكن نتج عن هذا التدخل توسيع الصدع.
فى خطاب ألقته أنيجريت كرامب كارينباور فى السابع من نوفمبر أعادت التأكيد المستمر على أهمية العلاقات الجيدة بين فرنسا وألمانيا.. ولكن فى السابع عشر من نوفمبر تكلمت بمزيد من الجرأة وأعلنت أن هدفها الأساسى هو تقوية قدرة أوروبا فى ظل وجود ودعم من الناتو، وقالت إن الرئيس الفرنسى يحاول جاهدا تقوية التعاون الأوروبى ليحل محل الناتو.. سواء كان هذا صحيحا أم لا، فإنه يظهر عدم الثقة فى النوايا الفرنسية. ألمانيا تسعى إلى تقوية أوروبا من خلال مؤسسات الاتحاد الأوروبى.. فى حين أن ماكرون يرى أن هذا يمثل عبئا وغير فعال، وبالتالى لجوءه إلى طرح مبادرات للتعاون خارج الناتو مثل e2i التى قامت ألمانيا بتوقيعها وهى غير راضية.
وتوضح المزيد من الاختلافات عمق المأزق الأوروبى. فيلقى ماكرون الشكوك حول ما إذا كان الرئيس ترامب سيلتزم بالمادة الخامسة أم لا، والتى تنص على أن شن هجوم على دولة عضو بالناتو سيعد هجوما على جميع الدول الأعضاء. هذا الخوف مشترك بين مراكز الأبحاث فى أوروبا. ولكن فى معظم الدول هذا الشك لم يصل إلى درجة اليقين. فى اقتراع تم سنة 2018 فى تسع من الدول الأوروبية، قالت الأغلبية أن الولايات المتحدة ستتدخل فى حالة حدوث هجوم ضد أوروبا ــ نسبة التصويت بلغت 60% فى فرنسا. السيد ماكرون يرى أن هناك القليل لخسارته.. ولكن الألمان وهؤلاء المجاورين لروسيا مثل بولندا يدركون مدى الضرر الذى قد يسببه ترامب للناتو إذا استفزه الأوروبيون.
أهمل الأوروبيون فى حديثهم عن الناتو أهمية وجود شبكة أمان. ففى ظل الحديث عن الجيش الأوروبى، لن تستطيع المخططات الحالية ومستوى إنفاق القارة ــ إلى جانب افتقار النية ــ إلى سد الثغرة التى قد تنتج عن خروج الولايات المتحدة من القارة. خطاب كرامب كارينباور حث ألمانيا على زيادة مساهمتها، ولكن عندما وجه إليها سؤال حول الوقت الذى ستحقق فيه ألمانيا هدف الناتو فى دفع نسبة 2% من الناتج القومى الإجمالى على الدفاع، جاءت إجابتها مخيبة للآمال؛ خلال 12 عاما وهذه المدة من الممكن أن تتغير. فحزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى اعترض على زيادة فى الميزانية قد تجعل ألمانيا ثالث أكبر دولة من حيث الانفاق العسكرى. أما بالنسبة لأوروبا، فانخفضت حصة الإنفاق الدفاعى الأوروبى المخصص للعلوم والتكنولوجيا بأكثر من الثلث منذ عام 2016. وبينما قد تبنت مخططات الدفاع الجديدة طرق جديدة للتعاون، إلا أن هذا الأمر قد يستغرق بعضا من الوقت. رغبة ماكرون فى تبنى خطوات سريعة ناجمة من خوفه من الانهيار القريب للناتو.. فى حين أن القادة الآخرين رأوا أن هذا الهلع قد يؤدى من إسراع هذا الانهيار من خلال تعميق الشقوق فى أوروبا وزيادة العداء تجاه ترامب.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى

التعليقات