حذاء على وجه التطبيع - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:29 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حذاء على وجه التطبيع

نشر فى : الإثنين 29 فبراير 2016 - 10:50 م | آخر تحديث : الإثنين 29 فبراير 2016 - 10:50 م
من وقت لآخر، يجرى البعض جس نبض لمدى رفض الشعب المصرى التعامل مع العدو الصهيونى، ظنا منه أن انشغال الناس بلقمة العيش، واللهاث اليومى لتدبير قوت العيال، قد يكون مفتاحا لوضع مدماك جديد فى بيت واهن اسمه التطبيع.

فمنذ الزيارة المشئومة للرئيس الراحل أنور السادات إلى القدس المحتلة فى نوفمبر 1977، ومرورا باتفاقية كامب ديفيد فى سبتمبر 1978، ثم توقيع ما يسمى معاهدة السلام فى مارس 1979، وحتى اليوم، تمضى المحاولات الفاشلة لكسر «الحاجز النفسى» الذى يظنون امكانية تخطيه، والدخول فى علاقات طبيعية مع كيان غاصب، وعدو يسعى بدأب يوميا لاضعافنا، ووضع العراقيل جميعا أمام محاولاتنا الفكاك من التخلف والتبعية.

فعلها صاحب تعبير كسر الحاجز النفسى الطبيب محمد شعلان، الذى دخل فى علاقات مع الصهاينة جلبت عليه العار، كما فعلها على سالم الذى تبجح بزيارة الكيان الصهيونى، وفعلتها جماعة كوبنهاجن، وعلى رأسها لطفى الخولى، لكن الثلاثة ومشايعيهم رحلوا، وبقى رفض المصريين للتطبيع.

هذا الشعب العصى على كل كسر، كان دائما لدعاة التطبيع بالمرصاد، وخرج من بين جنباته من قالها بالفعل قبل اللسان «لا» كبيرة فى وجه التطبيع، منذ أن احتج شهيد رفض التطبيع الأول سعد إدريس حلاوة على إقامة علاقات مع إسرائيل، كما كانت رصاصات سليمان خاطر تذكيرا بأن مصر لن تنسى دماء ابنائها الذين طالتهم يد الغدر فى سيناء.

فى نقابة الصحفيين، كما الحال مع باقى النقابات المهنية والعمالية المصرية، لا تزال جمعيتها العمومية صخرة تتحطم فوقها رءوس المطبعين، حيث استطاعت جموع الصحفيين فى الانتخابات الأخيرة الإطاحة بالمطبعين، مثلما ينتظر المصير ذاته كل من تسول له نفسه الذهاب إلى الكيان الصهيونى، ولو تحت ذريعة نصرة الفلسطينيين.

ومثلما كانت الحناجر تهتف فى كل التظاهرات التى خرجت على مدى الثلاثين عاما الماضية: «راح ها نقولها جيل ورا جيل بنعاديكى يا إسرائيل»، سيظل أبناء هذا الشعب الأبى، يرفضون أى زعزعة لما استقر فى الضمير الوطنى من رفض للتطبيع، فلتفعل الحكومات ما تريد، لكن الشعب لن يستجيب.

يقولون ما أشبه الليلة بالبارحة، فكما وقف فى برلمان 1976، معارضا لاتفاقية كامب ديفيد، ودفع الثمن، بعد أن تصدى للسادات جهارا نهارا، بالفصل من الوظيفة، والاعتقال فى حملة سبتمبر 1981 مع عدد من رموز العمل الوطنى، أعاد النائب المخضرم كمال أحمد، الكرة من جديد، لكن هذه المرة بـ«ضرب» المطبعين بحذائه.

كمال أحمد «نائب الشعب» أرادها «تجريسة» وفضحا لمن فتحوا بيوتهم لسفير كيان سنظل كشعب نرفض وجوده، وإن كبلت المعاهدات الرسمية الحكومة بقيود سيأتى يوم تكسيرها، قد يراه البعض «بعيدا، ونراه قريبا» حسب التعبير الشهير للزعيم الفلسطينى ياسر عرفات الذى اغتالته يد الغدر الصهيونية بسمومها.

جس النبض من آن لآخر، والتفتيش فى ضمائرنا عن ثغرات يتوهم العدو أنه قد ينفذ منها إلى بيوتنا، لتخريب أركانها المتراصة والتى يشد بعضها بعضا، لن تجدى نفعا، وسنظل نلاحق كل مطبع بعاره، ولن نسمح أن يخرج من بين ظهرانينا من يقدم يد العون لقتلة الأطفال فى بحر البقر، والعمال فى أبوزعبل، والأسرى فى صحراء سيناء.

التطبيع مرفوض شعبيا، ومن يراهن على الزمن، ستقف له الأجيال المقبلة بالمرصاد.. فدم الشهداء أبدا لن يصير ماء.
التعليقات