قوميون مظهرًا.. ومذهبيون جوهرًا - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:58 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قوميون مظهرًا.. ومذهبيون جوهرًا

نشر فى : الأحد 29 مارس 2015 - 9:45 ص | آخر تحديث : الأحد 29 مارس 2015 - 9:45 ص

كيف يمكن لطرف واحد أن يرى أمريكا شيطانا رجيما إذا أيدت الضربة التى قادتها السعودية ضد الحوثيين فى اليمن ويراها فى نفس الوقت ملاكا رحيما وهى تقود تحالفا دوليا ضد داعش فى العراق وسوريا؟
هذه المفارقة المذهلة وقع فيها غالبية الذين عارضوا الضربة ضد اليمن التى بدأت صباح الأربعاء الماضى خصوصا فى وسائل الإعلام الايرانية والسورية والعراقية وبعض اللبنانية .
تفهمت تحفظ كل من روسيا والصين على الضربة لأنه موقف مبدئى يعارض أى شىء تسانده أمريكا، وتفهمت التحفظ الجزائرى لأنه مبدئى إلى حد كبير، وتفهمت الحياد العمانى لأنه أصيل. لكن فعلا احترت تماما فى فهم المواقف العراقية والسورية واللبنانية.
من أسوأ واقبح الأفعال فى وطننا العربى وأحيانا أمتنا الإسلامية أن نرفع شعارات قومية أو أممية براقة، لكن نخفى تحت جلودنا مذهبية وطائفية طافحة.
أتفهم أن تلجأ إيران إلى مبدأ «التقية» كى تدارى أطماعها الفارسية تحت ستار مذهبى، لكن لا أفهم كيف تتعاون إيران مع أمريكا فى العراق ضد داعش ثم تخرج بتصريحات عنترية ضدها فيما يتعلق بالحوثيين.
يقول بعض أنصار إيران فى المنطقة إن هدف الضربة ضد اليمن هى رغبة امريكافى نشر التطرف وتشجيع القاعدة وداعش هناك!
إذا كان هذا الأمر صحيحا فلماذا تتحالف إيران مع الولايات المتحدة فى العراق منذ عام ٢٠٠٣، ولماذا يخوض الطرفان حربا ضد داعش هناك منذ شهور.. هل يمكن لأمريكا أن تدعم داعش فى اليمن ثم تحاربها فى العراق وسوريا؟!.واذا كانت تفعل ذلك فلماذا تتعاون معها ايران والعراق؟!!.
رأيى فى سياسة الولايات المتحدة فى المنطقة وانحيازها لإسرائيل والطغاة العرب مسجل ومعروف واستشهد دائما بقول الراحل العظيم محمود درويش: «أمريكا هى الطاعون والطاعون أمريكا»، ورأيى أيضا أن إيران كانت المستفيد الأكبر من الغزو الأمريكى للعراق، ومن كل الأخطاء الأمريكية القاتلة فى المنطقة.
تقول بعض وسائل الإعلام العربية المؤيدة للحوثيين إن الغارات الأخيرة تدخل فى الشئون الداخلية لدولة عربية وأنها تفتقد للشرعية، ولكن هذه الوسائل الاعلامية لا تتحدث إطلاقا عن انقلاب الحوثيين على شرعية الرئيس هادى، ولم تتحدث للحظة عن التدخل الإيرانى فى الشأن اليمنى، لا افهم ايضا لماذا وافقت او صمتت هذه الوسائل على تدخل ٤٠ دولة عربية وأجنبية ــ منها السعودية والإمارات وقطر ــ فى تحالف ضد داعش فى العراق وسوريا فى حين يرفضون تدخل نفس هذه الدول ضد فصيل قرر الاحتكام إلى السلاح فقط والاستحواذ على كل اليمن مهددا المنطقة بأكملها؟!!.
ولماذا يقبل هؤلاء تدخل إيران وحزب الله اللبنانى فى المعارك الدائرة فى سوريا والعراق، ولا يقبلون تدخل دول عربية أخرى ضد فصيل قرر تسليم دولة عربية هى اليمن إلى دولة غير عربية هى إيران؟.
للأسف الشديد تكشف هذه الشعارات عن أن رافعيها لا ينطلقون من مواقف مبدئية بل هم فى جوهرهم طائفيون مذهبيون حتى لو تحدثوا عن الشعارات القومية والعروبة والليبرالية.
والأخطر أن هذا الأمر يكشف أن المنطقة تسير للأسف الشديد نحو صراع مذهبى كارثى لن يستفيد منه إلا أعداء العرب والعروبة، سواء كانوا فى طهران أو أنقرة أو تل أبيب او حتى كانوا عربا باعوا وطنهم الأكبر من اجل مذهبهم اأاصغر!.
كنت أتمنى أن يعترض هؤلاء على الغارات ضد الحوثيين من منطلق قومى أو من مبدأ سياسى، لكنهم تخفوا تحت ستائر متعددة، ومواقفهم تنضح بالطائفية.
نتمنى أن يفيق الجميع ويدرك أن تجذير الصراع المذهبى طريق يقود إلى الهلاك، وعلى إيران ــ إذا كانت تشعر ببعض القوة ــ أن توجهها ضد الاحتلال الصهيونى فى فلسطين المحتلة وليس ضد جيرانها العرب إذا كانت فعلا تؤمن بما ترفعه من شعارات.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي