أثناء خروجى أمس الأول من شارعنا الذى يتقاطع مع شارع حسن المأمون (شارع النادى الأهلى بمدينة نصر)، لاحظت أن أكياس القمامة زادت وفاضت حتى أوشكت أن تسد نصف الشارع.
قررت ألا أكون سلبيا، بحثت عن رقم اللواء سالم على رئيس حى شرق الذى نتبعه، اتصلت به وعرّفته بنفسى وشرحت له ما رأيت، وأعطيته العنوان كاملا.
استمع الرجل باهتمام، وبدا أنه يسجل البيانات التى أتلوها عليه، وقال لى إنه سيرسل على الفور سيارة القمامة لرفعها، كان ذلك فى الثانية عشرة ظهرا.
ولأن بلكونة منزلى تسمح لى بمتابعة الموقف من مسافة مائتى متر تقريبا، فقد بدأت أراقب ما يجرى متوقعا وصول سيارة القمامة بين لحظة وأخرى، مرت خمس ساعات تقريبا دون أن تظهر سيارة القمامة التابعة للحى.
فى الخامسة والنصف قررت أن أنزل إلى الشارع لأشاهد الموقف على الطبيعة، كانت أكوام القمامة زادت، وحاملو القمامة المنزلية وبعض السكان والعاملون فى المطاعم والمحلات المجاورة، يواصلون إفراغها بالشارع، بجوار الصندوق الأخضر الذى كان ممتلئا عن آخره، وفى صباح اليوم التالى (الأحد)، كانت الزبالة على حالها.
عدم رفع القمامة رغم الإبلاغ عنها يضعنا أمام ثلاثة احتمالات، إما ان رئيس الحى لم يصدر أوامره لمرءوسيه بتحرى الشكوى وإزالة أسبابها، واكتفى بتطمين المواطن ـ الذى هو أنا ـ وتخديره بكلمتين والسلام، أو أنه أصدر أوامره فعلا لمرءوسيه بالتحرك لكنهم لم يستجيبوا، أو أنه لا سيطرة له على شركات النظافة أصلا.
أيا ما كانت الأسباب، فنحن أمام واحدة من مظاهر الفشل الإدارى العتيق، التى يتداخل فيها الترهل البيروقراطى والفساد وانعدام المسئولية إلى درجة باتت تنغص حياتنا، فضلا عن أنها تمثل تهديدا لأى نظام حكم مهما كان رصيده من الرضا الشعبى وحسن الظن به، فالناس سيتحسسون دوما ما يطرأ على حياتهم من تغيرات، وواحدة منها تلك المتعلقة بتعاملاتهم مع موظفى الدولة وأجهزتها البيروقراطية، هل صار إنجازها يجرى بطريقة أكثر سرعة واتقانا وأحفظ لكرامة المواطن، أم أن أساليب الرشوة والفساد، مازالت هى الحاكمة لتعاملات المواطنين مع موظفى الجهاز الحكومى؟
لا أطمح أن تغير البيروقراطية المصرية عاداتها السقيمة بين يوم وليلة، ولا أتصور أن تتحول من البطء واللامبالاة والمحسوبية، إلى سرعة الإنجاز والكفاءة والنزاهة فى غمضة عين، وأتصورأن إصلاح الجهاز الإدارى للدولة وتطوير أدائه مهمة ثقيلة لكنها ضرورية، وأن تفعيل آلية الثواب والعقاب، واستبعاد المقصرين والفاسدين ومعدومى الهمة والكفاءة، ينبغى أن يجرى بحس، كى لا نعاود من جديد الدوران فى حلقة الفشل المفرغة.
دورنا كإعلام ومواطنين أن ننبه فورا إلى مواطن الخلل، إذا كنا نريد لبلدنا أن ينهض ولمؤسساتنا أن تستقر، وعلى الحكومة أن تحاسب المقصرين بلا هوادة، إذا أرادت أن تنجح وتكسب ثقة الشعب.
أذكركم بتقرير رسمى دولى أشرت إليه من قبل ونشرنا تفاصيله فى «الشروق» منذ أسابيع، أكد أن بين كل 2 موظفين يعملون فى مصر، يوجد 5 يعطلونهم عن أداء عملهم، وثمانية لا يبالون بالأمر كله، يعنى بين كل 15 موظفا اثنان فقط يعملان.
هذه معادلة غير قابلة للاستمرار.