نشر موقع Eurasia review مقالا للكاتب «رمزى بارود» يتناول فيه قانون الدولة القومية العنصرى الذى صدر أخيرا فى إسرائيل والذى يرسخ لإسرائيل كدولة عنصرية والتى يرى الكاتب أنها كذلك منذ نشأتها، ويؤكد أن إسرائيل لم ولن تكون دولة ديمقراطية، والجرائم التى ترتكبها بحق الفلسطينيين هى أكبر دليل على ذلك.
يستهل الكاتب حديثه مستشهدا بوصف رئيس تحالف القائمة العربية المشتركة فى الكنيست الإسرائيلى، أيمن عودة ــ إقرار قانون الدولة القومية العنصرى بأنه «نهاية الديمقراطية، ومن الجدير بالذكر أن هذه القائمة المشتركة أعلن عن تشكيلها فى 23 يناير 2015، والتى تتكون من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والتجمع الوطنى الديمقراطى، والقائمة العربية الموحدة، والحركة العربية للتغيير، وتشكل هذا التحالف استعدادا للمشاركة فى الانتخابات التشريعية العشرين للكنيست الإسرائيلى، وهى المرة الأولى التى تتقدم فيها الأحزاب العربية بقائمة موحدة إلى انتخابات الكنيست».
ويتساءل الكاتب قائلا: هل اعتقد «عودة» حقا أنه قبل هذا القانون، عاش فى ديمقراطية حقيقية؟ 70 عاما من التفوق اليهودى الإسرائيلى، والإبادة الجماعية، والتطهير العرقى، والحروب، والحصار، والاعتقال الجماعى، والعديد من القوانين التمييزية التى كانت تهدف جميعها إلى تدمير الشعب الفلسطينى، كان ينبغى أن تكون بمثابة أدلة دامغة وكافية على أن إسرائيل لم تكن أبدا دولة ديمقراطية.
***
لقد أثبت قانون دولة الأمة اليهودية لأولئك الذين يجادلون، طوال الوقت، بأن إسرائيل تحاول الجمع ما بين الديمقراطية والتفوق العرقى أنها دولة عنصرية تحاول التنكر فى ثوب الدولة الديمقراطية. ومن ثم لا مفر من الضرورة الأخلاقية الآن، يجب أن يدرك أولئك الذين يصرون على دعم إسرائيل أنهم يدعمون نظام الفصل العنصرى. فالقانون الجديد، الذى تم إقراره بعد بعض المشاحنات فى 19 يناير، قد نزع عن إسرائيل أى ادعاء ــ مهما كان غير صحيح ــ أنها دولة ديمقراطية.
ويضيف الكاتب أنه فى الواقع، لا يذكر القانون كلمة «ديمقراطية» فى صياغته، ولم يشر إليها على الإطلاق. تمت الإشارة إلى الهوية اليهودية للدولة، على الرغم من أن ذلك هو الوضع المهيمن، بالإضافة إلى استبعاد واضح للشعب الفلسطينى وحقوقه فى وطنه التاريخى.
ينص القانون على أن «دولة إسرائيل هى الدولة القومية للشعب اليهودى». «وأن إعمال الحق فى تقرير المصير الوطنى فى دولة إسرائيل هو أمر خاص بالشعب اليهودى». مع التأكيد على أن الدولة ستعمل على ضمان سلامة وأمن أبناء الشعب اليهودى. وعلى الحفاظ على التراث الثقافى والتاريخى والدينى للشعب اليهودى بين الشتات اليهودى.. إلخ.
ولكن الأخطر من ذلك كله هو أن «الدولة تنظر إلى الاستيطان اليهودى كقيمة وطنية ومن ثم سوف تعمل على تشجيع وتعزيز إنشاء المستوطنات وتطويرها». صحيح أن المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية تنتشر بالفعل فى الأراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية والقدس. ويوجد بالفعل فصل فعلى داخل إسرائيل نفسها.
يضيف الكاتب قائلا: إن التمييز عميق للغاية ومتجذر لدرجة أنه فى أقسام الولادة فى المستشفيات الإسرائيلية يتم الفصل بين الأمهات، على أساس العرق. ومع ذلك، فإن هذا القانون سوف يزيد من تسريع وترسيخ الفصل العنصرى، مما يجعل الضرر ليس فكريا وسياسيا فقط وإنما جسديا أيضا.
لقد وثق المركز القانونى لحماية حقوق الأقلية العربية فى إسرائيل (عدالة) فى «قاعدة بيانات القوانين التمييزية» قائمة بأكثر من 65 قانونا إسرائيليا «يميز بشكل مباشر أو غير مباشر ضد المواطنين الفلسطينيين فى إسرائيل أو المقيمين الفلسطينيين فى الأرض الفلسطينية المحتلة على أساس انتمائهم الوطنى. ووفقا (لعدالة) «تقيد هذه القوانين حقوق الفلسطينيين فى شتى مناحى الحياة، بدءا من حقوق المواطنة مرورا بحق المشاركة السياسية، والإسكان، وحقوق التعليم، والحقوق الثقافية واللغوية، والحقوق الدينية، والحقوق المتعلقة بالإجراءات القانونية الواجبة أثناء فترة الاحتجاز.
بالفعل لقد رسخ مشروع قانون الدول اليهودية سياسة الأبرتهايد فى إسرائيل، إلا أن هذا لا ينفى ولا يجعلنا نستبعد الحقيقة السابقة التى أسست عليها إسرائيل قبل 70 عاما. لا يعتبر الفصل العنصرى قانونا منفردا، بل إنه بناء متكامل لنظام قانونى معقد يدعمه ويحفزه اعتقاد بأن مجموعة عرقية واحدة تفوق كل الجماعات الأخرى.
من الجدير بالذكر أن القانون الجديد لا يقتصر على ترسيخ الهوية اليهودية لإسرائيل ومحو أى التزام بالديمقراطية فحسب، بل إنه يقلل من حقوق الآخرين وأوضاعهم. فلم يظهر للعرب الفلسطينيين ــ وهم سكان أرض فلسطين التاريخية التى أقيمت عليها إسرائيل، أى مكانة بارزة فى القانون الجديد على الإطلاق. كان هناك مجرد شرط فقط متعلق باللغة العربية ألا وهو أن تكون اللغة العربية «لغة خاصة» بديلا عن كونها «لغة رسمية».
لم يكن قرار إسرائيل بالامتناع عن صياغة دستور مكتوب عندما تم تأسيسها فى عام 1948 قرارا عشوائيا. فمنذ ذلك الحين، كانت تتبع نظاما يغير الواقع على الأرض لصالح اليهود على حساب العرب الفلسطينيين. فبدلا من الدستور، لجأت إسرائيل إلى ما أسمته «القوانين الأساسية»، التى سمحت بصياغة القوانين الجديدة بشكل مستمر من خلال التزام «الدولة اليهودية» بالسيادة العنصرية بدلا من الديمقراطية، أو القانون الدولى أو حقوق الإنسان أو أى قيمة عرقية أخرى. فقانون دولة الأمة اليهودية هو فى حد ذاته «قانون أساسى». وبهذا القانون، أسقطت إسرائيل ادعاءها بأنها دولة يهودية وديمقراطية.
***
يجب أن ينهى هذا الواقع الجديد، مرة واحدة وإلى الأبد، الجدل المطول حول التفرد المفترض للنظام السياسى الإسرائيلى. وبما أن إسرائيل قد اختارت التفوق العنصرى على أى ادعاء، مهما كان ضعيفا للديمقراطية الحقيقية، فإن الدول الغربية التى تحمى وتدعم إسرائيل يجب عليها أيضا أن تختار ما إذا كانت ترغب فى دعم نظام الفصل العنصرى أو محاربته.
وأضاف الكاتب أن البيان الأولى للممثل الأعلى لسياسة الأمن والشئون الخارجية فى الاتحاد الأوروبى ــ فيديريكا موجيرينى ــ جاء باهتا وضعيفا. حيث قالت: «نحن قلقون، لقد أعربنا عن هذا القلق وسنواصل التعامل مع السلطات الإسرائيلية فى هذا السياق»، مع تجديد التزامها «بحل الدولتين». هذا هو البيان الذى جاء ردا على بلد أعلن للتو عن عضويته فى «نادى الفصل العنصرى».
وختاما يرى الكاتب أنه يجب على الاتحاد الأوروبى أن يضع حدا لخطابه السياسى الضعيف، وأن يرفض الفصل العنصرى فى إسرائيل،
أو عليه أن يقبل العواقب الأخلاقية والقانونية المترتبة على كونه شريكا فى الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
لقد حددت إسرائيل خيارها، وهو خيار خاطئ بلا منازع. ومن ثم يجب على بقية العالم الآن أن يختاروا كذلك، على أمل أن يكون خيارهم صحيحا وأن يقفوا ضد الفصل العنصرى الإسرائيلى اليهودى ويناضلوا من أجل الحقوق الفلسطينية.
إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلى: https://bit.ly/2LTnjs5