الإسلاموفوبيا فى عهد ترامب - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:02 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإسلاموفوبيا فى عهد ترامب

نشر فى : السبت 30 ديسمبر 2017 - 9:35 م | آخر تحديث : السبت 30 ديسمبر 2017 - 9:41 م
نشرت المجلة الأمريكية «New Republic» مقالا للكاتب «عمر عزيز»، والذى يتناول موضوع الإسلاموفوبيا فى عهد ترامب والذى ظهر بشكل واضح فى ظل الرئيسيين السابقين جورج بوش وباراك أوباما، وذلك من خلال تحليل أهم القرارات المتعلقة بالمسلمين التى اتخذها ترامب، وخاصة قرار حظر سفر مواطنى ست دول ذات أغلبية مسلمة وقرار خفض أعداد اللاجئين. 

يشير الكاتب فى بداية حديثه إلى «توماس جيفرسون» ــ أحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة الأمريكية ــ أول من أقام حفل إفطار رمضانى فى البيت الأبيض على شرف سفير تونس «سليمان ميليميلى» عام 1805م، وذلك خلال النزاع بين الولايات المتحدة وإمارة طرابلس فى ليبيا والمعروفة فى الولايات المتحدة باسم «حرب الدول البربرية». ولم يبدِ «جيفرسون» أى معاداة للإسلام أو المسلمين، ولم يكن لديه أى مشكلة مع تناول الإفطار مع مسلم، ومن الجدير بالذكر أن هناك حملات تشويه شنت ضده تتهمه بأنه مسلم ويخفى هذا الأمر. وعلى النقيض من ذلك، عندما وصل دونالد ترامب إلى سدة الحكم قام بوقف هذا التقليد السنوى. 
بعد مرور عام من وصول ترامب إلى سدة الحكم أظهر عدائه إلى كل من المسلمين واللاتينيين من ذوى البشرة السمراء وكذلك النساء. ويرى الكاتب أن تصرفات ترامب ناتجة عن قلة خبرته وشدة تعصبه، وأن الرئيسين السابقين جورج بوش الابن وباراك أوباما لم يتصرفا مثله، وعلى الرغم من اتباعهما لسياسات كارثية فى الشرق الأوسط فإنهما لم يتخذا قوانين تستهدف المسلمين مثل القرارات التى اتخذها ترامب. 
فى كثير من الأحيان نجد أن إهانات ترامب للمسلمين بلا سبب. ففى 29 نوفمبر قام بإعادة نشر تغريدة لفيديوهين، الفيديو الأول يظهر فيه أحد المهاجرين المسلمين الذى يقوم بضرب شخص هولندى آخر متكئ على عكاز، أما الفيديو الآخر فيظهر فيه شاب مسلم يقوم بتدمير تمثال للسيدة مريم العذراء. كما نلاحظ دعم ترامب لمنظمة «بريطانيا أولا»، وهى عبارة عن جماعة يمينية متطرفة ذات صلة بالفاشيين البريطانيين، والتى تسعى للحفاظ على إبقاء المملكة المتحدة دولة مسيحية ومواطنيها من ذوى البشرة البيضاء. 

يحلل الكاتب الفيديوهات التى نشرها ترامب على تويتر ويرى أن تلك الفيديوهات عليها خلاف، حيث إنه فى الفيديو الأول من المرجح أن المهاجم لم يكن مهاجرا أو حتى مسلما، أما الفيديو الآخر فيبدو أنه مرتبط بتنظيم القاعدة فى سوريا، وأن ترامب لم يكن دقيقا عندما نشر تلك الفيديوهات. ويرى الكاتب أن الهدف من وراء نشر هذه الفيديوهات هو نشر السلوكيات السيئة للمتطرفين المسلمين، الذين يهدفون إلى تدمير الحضارة والثقافة الغربية. ويبدو أن وجهة نظر ترامب تجاه المسلمين كانت واضحة منذ حملته الانتخابية واستمرت معه حتى بعد أن أصبح رئيسا.

***

عادة يقوم ترامب بالخلط بين الجهاديين المتطرفين وبين المسلمين العاديين، كما يعتقد أن الإسلام هو تهديد لأمريكا. وذكر فى أثناء حملته الانتخابية أن «الإسلام يكرهنا».. على النقيض قام الرئيس السابق باراك أوباما بزيارة مسجد فى أثناء رئاسته فى السنة الماضية، وعلق الجمهوريون عليها قائلين: «ربما شعر براحة هناك... كان متاحا أمامه العديد من الأماكن لزيارتها ولكنه اختار الذهاب إلى المسجد».

وقد أكد مسح تجريبى ــ أجراه المركز الأمريكى (American National Election Study) المهتم باستطلاعات رأى الناخبين الأمريكيين فى أثناء الانتخابات الرئاسية عام 2016 ــ أن سبب اتجاه الناخبين الأمريكيين إلى الإدلاء بأصواتهم لصالح المرشح دونالد ترامب وتفضيله على هيلارى كلينتون هو اعتقادهم بأن أوباما كان مسلما.

فى الأيام السبعة الأولى من وصوله للبيت الأبيض قام بإصدار قانون تنفيذى رقم (13169) نص على حظر سفر مواطنى ست دول ذات أغلبية إسلامية إلى الولايات المتحدة الأمريكية إلا أن هناك فئات معفاة من هذا القرار وهم المواطنون الأمريكيون، والمقيمون الدائمون «حاملو البطاقات الخضراء (الجرين كارد) والمواطنون مزدوجو الجنسية، ونلاحظ أن هناك اثنين شاركا فى وضع هذا القانون هما ستيف بانون وستيفين ميلر اللذين ينتميان إلى اليمين المتطرف، وهذا يعنى أن أول سياسة لترامب كانت مكتوبة على يد اليمين المتطرف. على الرغم من أن هذا القرار كان مطروحا وأعيد كتابته إلى أن أصبح قرارا نافذا من قبل المحكمة العليا الأمريكية، وبالتالى تم حظر مواطنى الدول الست بالإضافة إلى كوريا الشمالية وبعض مواطنى فنزويلا. وبصرف النظر عن إخفاقات البيت الأبيض إلا أن هذا القرار يعتبر انتصارا للقوميين البيض، ولم تكن هناك احتجاجات هذه المرة ضد هذا القرار. 

لم تكن هذه السياسة الوحيدة الناجحة بل أصدر قرار آخر وهو «خفض برنامج اللاجئين ــ وفقا لمعايير دقيقة ومتطرفة ــ وتطبيقه على معظم المسافرين المسلمين. وانخفضت تدفقات اللاجئين إلى الولايات المتحدة بنسبة 94% من يناير إلى نوفمبر 2017، كما انخفضت التأشيرات الممنوحة للمسلمين سواء كانت بغرض الهجرة أو التأشيرة المؤقتة، فكل التأشيرات الممنوحة للمسلمين انخفضت بشكل حاد. وسوف يمتد هذا القانون ليشمل ممارسات أمنية أكثر عنصرية ضد المسلمين والمواطنين الذين يبدو أنهم مسلمون مثل الهندوس والمسيحيون العرب.

***

ونتيجة لتصريحات وسياسات ترامب المعادية للمسلمين أثر ذلك على الشارع حيث انتشرت الأعمال الإجرامية. لقد ذكر مركز دراسة الكراهية والتطرف فى جامعة ولاية كاليفورنيا، سان برناردينو، أن الحوادث المعادية للمسلمين تضاعفت منذ عام 2014، ولقد صرح مدير مركز «برلين ليفين» لصحيفة نيويورك تايمز بـ«أنه على الرغم من تصريحات وسياسات ترامب المعادية للمسلمين والإسلام إلا أن ذلك لا ينفى وجود تعاون مع الدول الإسلامية، مثل صفقات السلاح الموقعة مع المملكة العربية السعودية والتى تقدر بمليارات الدولارات».

إن ما قام به ترامب وتعصبه الشديد ضد المسلمين يمكن تفسيره وفقا لما ذكره صمويل هنتجتون عن «صراع الحضارات». حيث إن ستيف بانون ومؤيديه، على الجانب الآخر يؤيدون فرضية صراع الحضارات حيث توصلوا إلى نتيجة مفادها أن هناك اختلافات دينية وثقافية وديموغرافية مما يجعل الحرب بين المسيحين واليهود من جانب والمسلمين من جانب آخر أمر لا مفر منه. وقال بانون فى المؤتمر الكاثوليكى للفاتيكان: «نحن فى المراحل الأولى من الصراع الوحشى والدموى نحن فى حرب علنية ضد الفاشية الإسلامية الجهادية» إن هذا السرطان على حد قول القوميون البيض يصيب أيضا المسلمين المعتدلين فى الواقع، إن كل اليمينيين الداعمين للرئيس ترامب يعتقدون أن كلا من المسلمين المعتدلين والإرهابيين لا يوجد اختلاف بينهما. ويجب على صناع القرار أن يحاولوا على الأقل التمييز بين الإرهابيين والمسلمين المعتدلين، فهم يرون أن كل المسلمين وقفوا مكتوفى الأيدى أمام العمليات الإرهابية التى تحدث فى الغرب المسيحى، وأن ما يفعله ترامب والقوميون البيض هو مثل ما يفعله ويعتقده المسلمون الأصوليون والمتطرفون. فإذا كانت روما تعنى شيئا لزعماء داعش الذين ينتظرون معركة نهائية مع الكفار فإن فيينا لها نفس الأهمية للقوميين البيض الذين يشيدون بانتصار المسيحية على الإمبراطورية العثمانية منذ 400 سنة كمقدمة للصراع القادم. إن الرئيس ترامب يؤيد االحركات التى تهدف إلى شن حروب صليبية ضد الإسلام ويجب أن يوضع فى الاعتبار أن هذا الدين يؤمن به نحو بليون نسمة، والذى من الممكن أن يمثل رعبا بالنسبة للأمريكيين.

يختتم الكاتب حديثه بأن ترامب لم ينجح فى فرض الحظر على جميع المسلمين، كما ينتقد ترامب وصناع القرار فى الولايات المتحدة حيث إن هذه القرارات ضد الإنسانية. وإذا كان الصراع مع الإسلام هو حرب ترامب الطويلة، فإن هذه السنة تعتبر المرحلة الأولى فى تلك الحرب. لقد أصبحت الأفكار الراديكالية والفاشية هى السمة الأساسية للخطاب الأمريكى والغربى. ومن الصعب التنبؤ بما سيحدث فى المستقبل.. ولكن من المؤكد أن الأحداث التى تنتظرنا ستبدو غير متوقعة ولا مفر منها. 

إعداد: زينب حسنى عزالدين
التعليقات