الغزل الدمشقي في حب تل أبيب - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الجمعة 3 يناير 2025 11:40 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الغزل الدمشقي في حب تل أبيب

نشر فى : الإثنين 30 ديسمبر 2024 - 6:45 م | آخر تحديث : الإثنين 30 ديسمبر 2024 - 6:45 م

ظلت غالبية تيارات الإسلام السياسى، وما تفرع عنها من منظمات، ترفع راية «الجهاد» والذهاب بالملايين لتحرير القدس وفلسطين، غير أن الأيام أثبتت أن تلك الشعارات مجرد كلمات استخدمها البعض وقودا للوصول إلى السلطة، وأطلقها البعض الآخر لتنفيذ أجندات صبت فى النهاية لمصلحة إسرائيل، وتدعيم أركانها خدمة للأهداف الأمريكية.
اليوم تتبختر بعض فصائل الإسلام السياسى التى دمغت فى وقت سابق بالإرهاب، وكانت رءوس قادتها مطلوبة فى أمريكا مقابل «حفنة دولارات»، فى ساحة الأمويين، ويتفاخر مؤيدوها بامتلاكهم مفاصل الحكم فى دمشق عاصمة «الخلافة»الأموية، غير أن هذا «النصر المبين» لا يعرف طريقه لتحرير فلسطين!!
تمر الرصاصات الإسرائيلية تحت أنوف عناصر «هيئة تحرير الشام» أو «جبهة النصرة» سابقا، وباقى الفصائل المتحالفة معها، على كتاب بايدن، وسنة حليفه نتنياهو، وتضرب الطائرات الإسرائيلية كل شبر فى سوريا، فيضع «المجاهدون» السابقون رءوسهم فى الرمال وشعارهم «لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم»!!
تتجاوز الدبابات الإسرائيلية المنطقة العازلة، وتتوغل فى الجولان المحتل، وتسيطر على جبل الشيخ، وتصبح العاصمة السورية على مرمى حجر للقوات الغازية.. تنفذ إسرائيل ضربات عنيفة ضد أهداف استراتيجية فى سوريا وتدمر معظم مقدرات جيشها، وسط مخاوف من محاولة ضم أجزاء من هضبة الجولان، فلا يعبر حكام دمشق الجدد عن أى قلق!!
الأكثر بؤسا رسائل التطمين المتكررة الصادرة عن حكام سوريا الجدد عن ضمان أمن إسرائيل، وليس آخرها ما أكده محافظ دمشق ماهر مروان، قبل أيام، فى حديث مع الإذاعة الوطنية العامة الأمريكية «إن بى آر»، من أن دمشق «لا تسعى للتدخل فى أى أمر يهدد أمن إسرائيل»، فـ«سوريا ليس لديها أى خوف تجاه إسرائيل»، والمشكلة فى نظره «ليست مع إسرائيل»، ولا نعلم مع من تكون المشكلة إذن؟!
مروان الذى تجاهل ذكر ما تتعرض له غزة من عدوان، كان يكرر بدوره ما قاله قائد الإدارة الجديدة فى سوريا، أحمد الشرع أو «أبو محمد الجولانى»، قبله بأيام، نصا: «لا نريد أى صراع سواء مع إسرائيل أو مع أى طرف آخر» فلا مجال إذن لحديث عن فلسطين، ولا عن «جهاد» لتحرير القدس، فلا وقت لمثل هذه الأمور فى العهد السورى الجديد تحت راية «جبهة النصرة» وأخواتها!
الغريب أن فصائل الإسلام السياسى، ومن لف لفها، المقيم منها فى الداخل أو تلك التى تعيش فى المنافى، تتجاهل عن عمد توجيه أى انتقاد لحكام دمشق الجدد، على تصريحاتهم العلنية التطمينية لتل أبيب، وعدم رفع أصواتهم عاليا كى تكف إسرائيل عن انتهاك السيادة السورية المهدرة، حتى ولو لحفظ ماء الوجه، أو التراجع التدريجى عن تاريخ من نضال وهمى بشكل لا يكشف العورات.
يتغنى الجولانى وإخوانه بقصائد تطمين تل أبيب التى تحتل أرضهم، وتدمر بقايا الجيش السورى، وتنتهك سيادتهم ليل نهار، بل يبعثون فى المقابل برسائل تحمل نوايا خبيثة إلى أهم عاصمة عربية، باستقبالهم فى دمشق الإرهابيين والمدانيين بجرائم القتل، وتترك لهم العنان لإطلاق حناجرهم بالتهديد والوعيد!
يذبح الفلسطينيون فى غزة، ويدمر الإسرائيليون مستشفى كمال عدوان، آخر منشأة صحية رئيسة كانت تعمل بشمال القطاع، ويعتدون على الأطباء والمرضى، وينتهكون كل محرم بتفتيش النساء بشكل مهين، فلا تسمع «وا جهاداه» من فصائل، طالما صدعت الرءوس بوعيدها الزائف: «خيبر خيبر يا يهود»!!
عدم خروج كلمة إدانة، أو شجب، على أقل تقدير من «فرسان» الساحة الدمشقية الجدد، المدعومين من تركيا وأمريكا برعاية إسرائيلية لما يجرى فى غزة قد يعلله البعض بانشغالهم داخليا، لكن الصمت على العدوان الإسرائيلى على أراضى سوريا ذاتها هل يمكن تبريره فى ظل رسائل الغزل غير البرىء فى حب تل أبيب؟!

التعليقات