نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالا للكاتبة شيماء المرزوقى، تناولت فيه مساويء الاعتماد على الآخرين بشكل كامل فى مراحل الاستقلال فى الحياة. مبينة فضائل الاعتماد على النفس ومحذرة فى ذات الوقت من مخاطر المبالغة فى الاعتماد على النفس ورفض مساعدة الآخرين... نعرض منه ما يلى.
نعتاد منذ نعومة أظفارنا على الاعتماد على أمهاتنا وآبائنا فى مختلف جوانب الحياة حتى نصل إلى مرحلة عمرية معينة، نبدأ خلالها بالسعى نحو الاستقلال ومواجهة الحياة. فى تلك المرحلة نكتسب الخبرات الحقيقية، وتبدأ آراؤنا ووجهات نظرنا بالتكون، ونتخذ القرارات المصيرية والمتواضعة، حتى تلك التى تتعلق بمن سيرافقنا فى مسيرتنا.
فى هذه المرحلة، يواجه البعض مشاكل فى الانتقال إلى مرحلة الاعتماد على النفس، سواء كان الخلل من الأهل، حيث يبالغون فى الخوف على أبنائهم ويرفضون السماح لهم باتخاذ قراراتهم الخاصة أو البدء بالعمل، أو كان الخلل ذاتيا، ففى بعض الأحيان يكون السبب الخوف من مواجهة الحياة، أو أى سبب آخر. ويعلق البعض فى تلك المرحلة ليستمر بالاعتماد على أحدهم، حتى يصل إلى موقف معين أو حدث ما، مثل وفاة الشخص الذى يقوم بإعالته، ليُصدم بحقيقة أنه وحيد، ويجب أن يواجه الحياة بمفرده.
الذين يصلون إلى هذه المرحلة عادة يواجهون قسوة بشكل مضاعف، لأنهم اعتادوا على نمط مختلف، ولم تتم تهيئتهم لمواجهة العقبات والصعوبات الحياتية بشكل تدريجى. هذه الفئة يجب عليها أن تدرك بأن الحياة لا تدوم، والاعتماد على الآخرين سلوك غير صحيح، يصنع شخصية ضعيفة، وعقلية تفتقر للخبرات والقدرة على اتخاذ القرار، كما أن الشخص الذى يعتمد على الآخرين فى مختلف جوانب حياته سيكون لديه وقت فراغ كبير غير مستغل، وهذا قد يجعل بوابة الانحراف مفتوحة على مصراعيها، لأنها فى العادة ترحب بهذا النوع من الأشخاص.
مواجهة صعوبات الحياة والاعتماد على النفس ليسا مهمة سهلة، ولكن فى اللحظة نفسها، فيهما متعة فى الكسب والسعى والشعور بالإنجاز. ومع هذا يجب التنبيه للخطأ الذى يقع فيه البعض من الناس، وهو المبالغة فى الاعتماد على النفس، ورفض مساعدة الآخرين، واعتبارها ضعفا وتنم عن الفشل، وهذا غير صحيح، فمن الطبيعى أن تحتاج للمساعدة فى بعض الأوقات من حياتك، كما أن الآخرين قد يطلبون خبرتك ومساعدتك.
طلب المساعدة ليس عيبا ولا ينم عن الفشل، هذا أحد أهم أدوار الأسرة والأصدقاء والمجتمع. فقط تنبه ألا تتحول إلى الاتكالية والاعتماد الكلى على الآخرين بل المحافظة على التوازن. وكما قال الممثل الكوميدى الراحل شارلى شابلن: «نريد مساعدة بعضنا، لأن الإنسان يحب الحياة ومن حوله سعداء لا تعساء».