بسهولة يمكنك أن ترصد حالة فريدة من النشوة سرت فى عروق معظم المجتمعات العربية ومازالت تتعالى مع توالى أنباء عملية (عاصفة الحزم ).. صعب أن نفسر هذا الانتشاء بعطش شعوبنا لمزيد من الدماء مثلا أو شغفها بإضافة دولة عربية جديدة إلى قائمة الدول الفاشلة أو الرخوة، رصيدنا السابق كاف وزيادة.. ومن يحلو له تفسير الانتشاء بالبعد الطائفى فهذا شأنه وكذلك بإزائه من يصر على النفى باستماتةٍ فهذا شأنه أيضا .
(النشوة) التى اجتاحتنا هى خليط ٌمن مشاعر مركبة يصعب أن يستأثر فريق ٌواحد ٌبتفسيرها، نعم يحق للبعض الحديث عن البعد الطائفى الذى استخدمته إيران ومازالت لتمزيق جسد الأمة الإسلامية، ومن ثم تصلح ( عاصفة الحزم ) ردا سُنيا خالصا ــ لاسيما بمشاركة باكستان ــ على كل انتهاك غير انسانى مارسته الكتائب الشيعية المدعومة فارسيا فى العراق وسوريا ولبنان وأخيرا فى اليمن .
و(النشوة) من ناحية أخرى مبعثها انتفاضة العرب، حسم العرب، دقة تخطيط العرب، سرعة اجتماع العرب.. إلى آخر قائمة طويلة من أفعال اختفت من قاموسنا منذ زمن بعيد.
و(النشوة) قد تكون لاستعادتنا زمام المبادرة مرة أخرى بعد انقطاع دام أربعين عاما منذ حرب أكتوبر، ودع عنك تثبيط كل مخذل يتحدث عن دعم ٍأمريكى وغربى.. إن لم يكن مفاجئا للغرب تحرك السعودية عسكريا فلقد كان مفاجئا لهم بلاشك انضمام كل هؤلاء.. كان مفاجئا انضمام يرمى كل من وقف فى وجه الغطرسة الفارسية بالعمالة للغرب.
و(النشوة) زادت عند كثير من الشباب برؤية وجه شاب ٍهادئ ثابت يقود أول معركة كبرى لبلاده فى القرن الحادى والعشرين وهو فى بداية الثلاثينيات من عمره.
و(النشوة) لأن العرب قادرون على تمرير قرار استراتيجى مرشح ٍلتغيير وجه المنطقة إلى الأبد مثل تكوين قوة ٍعربية مشتركة بهذه السلاسة والمرونة.. وبالمناسبة كنت قد تحدثت بالتفصيل فى هذه الزاوية عن حاجتنا لتحالف عسرى عربى للتدخل فى بؤر الصراع العربى فى مقالات مفصلة عن خيارات التدخل المصرى فى ليبيا نهاية العام الماضى.