توجه قطر نحو إثيوبيا - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:02 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

توجه قطر نحو إثيوبيا

نشر فى : السبت 1 يونيو 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : السبت 1 يونيو 2013 - 10:10 ص

اعداد/ أيمن أبو العلا

كتب نبيل الناصرى الباحث فى مجال السياسة الخارجية القطرية تقريرا بعنوان «آفاق العلاقات القطرية ــ الإثيوبية» نشر على الموقع الإلكترونى لمركز الجزيرة للدراسات، تناول فيه الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية لإثيوبيا وكيفية استفادة قطر منها. ويعتبر هذا الموضوع من المواضيع المهمة حيث إن قطر هى المساعد الأكبر لمصر فى أزماتها الاقتصادية فى فترة ما بعد الثورة، كما أن هناك رأيا عاما متبلورا فى مصر تجاه البلد الأفريقى الذى يعتزم بناء سد قد يؤثر على حصة مصر من مياه النيل.

 

بدأ التقرير بشرح مواطن القوة والضعف فى إثيوبيا، فتلك الأخيرة هى ثانى الدول الأفريقية من حيث عدد السكان بحوالى 90 مليون نسمة، وتليها مصر بفارق بسيط وتأتى نيجيريا فى المرتبة الأولى أفريقيا من حيث عدد السكان. وبالنسبة للمساحة، نجد أن إثيوبيا تأتى فى المرتبة التاسعة من حيث المساحة وتليها موريتانيا ثم مصر، إلا أن إثيوبيا لم تعد تطل على أية بحار بعد انفصال إريتريا عنها. ويجب أن نشير هنا إلى أن قضية الانفصال الإريترى تعد من أهم مواضع الخلاف بين إثيوبيا والدول العربية وخصوصا مصر وسوريا والعراق والسعودية الذين ساعدوا إريتريا فى كفاحها لنيل الاستقلال.

 

●●●

 

تعد مشكلة الفقر من أهم مواطن الضعف فى أفريقيا، فالمتوسط السنوى لدخل الفرد فى إثيوبيا يبلغ 370 دولارا فقط، كما عانت إثيوبيا ولسنوات من مجاعات حادة انتابتها فى الثمانينيات من القرن الماضى. لكن رغم ذلك تعتبر إثيوبيا من الدول التى من المتوقع أن تحقق صعودا اقتصاديا فى الفترة القادمة.

 

ففى الوقت الذى تسعى فيه مصر وبشدة إلى الانضمام إلى مجموعة الـ«بريكس» (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) تلك المجموعة التى يتوقع الخبراء أن تكون قطبا أساسيا فى عالم جديد متعدد الأقطاب، نجد إثيوبيا تتجه لتكوين دور مهم لمجموعة مشابهة وإن كانت أقل منها فى الأهمية. نبهنا التقرير إلى أن إثيوبيا تسعى لتطوير وضعها الإقليمى والدولى عن طريق تكوينها مع كل من بنجلاديش ونيجيريا وإندونيسيا وفيتنام والمكسيك، مجموعة جديدة يطلق عليها اسم «بانافم» وهى كلمة مكونة من الأحرف الأولى لدول المجموعة.

 

يبدو أن إثيوبيا قد بدأت بالفعل أولى خطواتها نحو التقدم الاقتصادى، فالنسبة المئوية لنموها الاقتصادى أصبحت فى السنوات الأخيرة تتكون من خانتين. وبالنسبة للموارد البشرية فإن النمو السكانى لإثيوبيا سيوصلها إلى 170 مليون نسمة بحلول عام 2050. واتجهت إثيوبيا فى الفترة الأخيرة إلى الاهتمام بالقطاع الصناعى وتنويع نسيجها الاقتصادى وإن كانت لم تقطع بعد شوطا كبيرا فى هذا الأمر.

 

إلا أنها حققت تقدما ملحوظا فى القطاعات الاقتصادية الأخرى غير القطاع الصناعى، فنجد أنها ستحقق بحلول عام 2015 اكتفاء ذاتيا من السلع الزراعية التى يعمل فى إنتاجها حوالى ثلاثة أرباع السكان، وبالنسبة للقطاع السياحى فرغم ضعفه الحالى فإن هناك إمكانية كبيرة لتطويره، فإثيوبيا تمتلك رصيدا ضخما من المناظر الطبيعية الخلابة. هذا بالإضافة إلى وجود أراض إثيوبية شاسعة لم يتم التنقيب فيها ومن المتوقع أن تكون مليئة بالثروات الطبيعية. وأخيرا فإن إثيوبيا من المتوقع أن تكون لها قدرات إنتاجية ضخمة للطاقة الكهرومائية وذلك نتيجة لسياسة بناء الجسور التى تتبعها الحكومة الحالية.

 

●●●

 

 أما عن كيفية استفادة قطر من المعطيات السابقة فقد قسمها الناصرى إلى محورين، الأول اقتصادى والثانى جيوسياسى استراتيجى. بالنسبة للمحور الأول فقد دعا فيه قطر إلى ضرورة الاستثمار فى أربعة قطاعات تتوافر فيهم فرص استثمارية مناسبة للأموال القطرية. أولا، النشاط الزراعى وهو المجال الذى أثبت جدوى الاستثمار فيه حيث سبقت قطر إليه دول مثل الصين والهند والسعودية والإمارات.

 

ويمكن لقطر أن تشترى جزءا من الأراضى الصالحة للرى والتى تغطى حوالى 65% من مساحة إثيوبيا مما سيوفر لتلك الأخيرة فرصة لاستثمار أراضيها ويوفر لقطر مصدرا جديدا للتمويل الغذائى، هذا بالإضافة إلى إمكانية الاستثمار فى مجال الثروة الحيوانية حيث تمتلك إثيوبيا الثروة الحيوانية الأكبر على مستوى القارة السمراء.

 

ثانيا، قطاع السياحة وهو القطاع الذى لا ينقصه سوى الاستثمارات ليحقق نموا كبيرا يكون إضافة لإثيوبيا ولقطر. ثالثا، قطاع العقارات وهو القطاع الأنسب للاستثمار حيث إن الزيادة السكانية الكبيرة التى سيشهدها البلد الأفريقى ستتزامن مع خلق فرص للاستثمار العقارى لسد الحاجة السكانية للمواطنين. أما القطاع الرابع الذى اقترحه الناصرى فهو قطاع الطاقة المتجددة ومنها الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية والطاقة الشمسية، حيث إن جغرافيا البلاد ومساحتها الكبيرة تجعلها مناسبة لهذا النوع من الاستثمارات.

 

بالنسبة للمحور الجيوسياسى الإستراتيجى فهناك عدة اعتبارات يجب أخذها فى الاعتبار قبل بناء إستراتيجية للتعامل مع إثيوبيا. فهذا البلد الافريقى يقع فى منطقة شديدة الحساسية فإثيوبيا لها حدود واسعة من جهة الشرق مع الصومال التى تعانى من حالة من عدم الاستقرار شديدة الخطورة كما أن لإثيوبيا حدودا مع أحدث بلدين افريقيين، وهما إريتريا التى استقلت عن إثيوبيا فى 1973 وجنوب السودان التى استقلت عن السودان بعد استفتاء جرى فى 2011.

 

وتمكنت إثيوبيا نتيجة لوضعها الجغرافى وقوتها الاقتصادية والديمغرافية بالإضافة إلى قوتها العسكرية التى لا تضاهيها قوة أى من جيرانها من لعب دور «شرطى المنطقة» عدة مرات ومن المتوقع أن تستمر فى قيامها بهذا الدور مما يعطيها أهمية استراتيجية كبيرة فى المنطقة. وهكذا فإن توجه قطر إلى تلك المنطقة من شأنه أن يكسبها ثقلا دوليا مهما.

 

●●●

 

ويجدر بنا قبل أن نختم المقال أن نشير إلى سياق قطعت فيه إثيوبيا علاقتها مع قطر حيث قامت حكومة إثيوبيا برئاسة «ميليس زيناوى» فى 2008 باتهام قطر بدعم إريتريا وحركة شباب الصومال المعادية لإثيوبيا. إلا أنه بعد وفاة رئيس الوزراء الإثيوبى الراحل «ميليس زيناوى» فى 2012 سعى رئيس الوزراء الجديد إلى تطبيع العلاقات مع قطر وهو الأمر الذى توج بزيارة أمير قطر إلى إثيوبيا فى 11 إبريل الماضى وهو الأمر الذى وصفه الناصرى بأنه فرصة لاستعراض واقع العلاقات الثنائية بين البلدين.

التعليقات