استسلام بوتين غير المشروط.. أمل صعب المنال - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 5:30 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

استسلام بوتين غير المشروط.. أمل صعب المنال

نشر فى : الأربعاء 1 يونيو 2022 - 10:00 م | آخر تحديث : الأربعاء 1 يونيو 2022 - 10:00 م

نشر موقع Bloomberg مقالا بتاريخ 28 مايو للكاتب إيان بوروما تناول فيه آمال أوكرانيا فى الاستسلام التام لبوتين، ومقارنة سريعة بين الحرب العالمية الثانية وما يحدث فى أوكرانيا الآن.. نعرض من المقال ما يلى.

لا شىء يخلق البلبلة أكثر من الحرب، حيث صرح الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى أن «الدبلوماسية تؤدى إلى السلام، والسلام مرغوب فيه لكل إنسان». ومع ذلك، استنكر المسئولون الأوكرانيون بشدة اقتراحات وزير الخارجية الأمريكى السابق هنرى كيسنجر البالغ من العمر 99 عامًا، بالموافقة على العودة إلى الوضع السابق، تاركين لفلاديمير بوتين السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضى الأوكرانية. وعبر أحد كبار مستشارى زيلينسكى غاضبا أن أوكرانيا لا تتاجر بسيادتها مقابل المال، واقترح أن يعيد الأمريكيون قراءة مذكرات الحرب العالمية الثانية، لأن أى استرضاء لبوتين سوف يشجعه فقط على غزو المزيد من الدول الأوروبية. فى الواقع، ذكريات الحرب العالمية الثانية ما زالت حية فى دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. بالنسبة لعدد غير قليل من البريطانيين والأمريكيين، فإن ما يبدو وكأنه حرب عادلة فى أوكرانيا يعيد ذكريات أفضل الأوقات فى بلادهم. حيث يحب رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون بشدة أن يُنظر إليه على أنه ونستون تشرشل فى عصرنا. أبرزت بعض التصريحات الأقل دبلوماسية للرئيس الأمريكى جو بايدن وجهة النظر القائلة بأن الهزيمة الكاملة لبوتين هى وحدها التى ستثنيه عن الشروع فى المزيد من المغامرات العسكرية.

فى غضون ذلك، من يحاول إيجاد حلول دبلوماسية للأزمة يوصم بالجبن. تعرض الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون للسخرية بسبب محاولته التحدث مع بوتين بطريقة منطقية، بينما تعرض المستشار الألمانى أولاف شولتس لانتقادات لإبطائه تطبيق حظر كامل على استيراد النفط والغاز الروسى. ومع ذلك، فإن فكرة أن بوتين هو نسخة لأدولف هتلر هى مجرد صورة طبق الأصل لدعاية بوتين بأن روسيا تحارب النازيين فى أوكرانيا. هذه الحرب، على الرغم من كونها شرسة، لكنها ليست الحرب العالمية الثانية. ومطالبة الحلفاء فى عام 1945 بالاستسلام غير المشروط لألمانيا واليابان هو النموذج الخطأ الذى يمكن تطبيقه فى أوكرانيا. حتى فى ذلك الوقت تم الطعن فى هذا الطلب. أراد البريطانيون وبعض الأمريكيين تلبية بعض مطالب اليابانيين، مثل الاحتفاظ بإمبراطورهم، وهو الوعد الذى كان من الممكن أن ينهى الحرب عاجلا وينقذ أرواحًا لا تعد ولا تحصى. عادى الديمقراطيون الفكرة اعتقادا منهم أن الاستسلام الكامل لليابان هو فقط من سيمكن الحلفاء من تثبيت الديمقراطية فى طوكيو. بالفعل حدثت هذه العملية، وأصبحت اليابان مثل ألمانيا الغربية، دولة ديمقراطية وحليفًا قويًا للولايات المتحدة، مما عزز قناعة بعض الأمريكيين بعد سنوات عديدة بأنه يمكن تحقيق الشيء ذاته فى أفغانستان والعراق وربما الآن فى روسيا.

لكن الظروف اليوم مختلفة تمامًا. فى عام 1945، كانت قوات الحلفاء على وشك هزيمة أعدائهم. على الرغم من أن قواتها المسلحة قد تبدو غير كفء، إلا أن تدمير روسيا بعيد المنال. وأوكرانيا، بغض النظر عن شجاعة جنودها وأسلحتها الغربية الفعالة، إلا أنها بعيدة عن تحقيق الهيمنة فى الحرب. لا يوجد أى من الجانبين فى وضع يسمح له بالمطالبة باستسلام غير مشروط.
إن الفكرة القائلة بأن هزيمة الجيش الروسى فى أوكرانيا ستؤدى إلى تحول ديمقراطى فى روسيا هى فكرة بعيدة المنال. لا يوجد شىء مستحيل بالطبع، لكن الظروف فى روسيا لا تشبه إلى حد بعيد تلك الموجودة فى ألمانيا واليابان بعد انهيارهما. احتل الحلفاء كلا البلدين فى عام 1945، وساعدوا الألمان واليابانيين على استعادة المؤسسات الديمقراطية التى كانت موجودة فى السابق. (لم يكن هذا صحيحًا، بالطبع، فى المناطق التى احتلها الجيش الأحمر السوفياتى). لم يكن هناك فرصة لاحتلال روسيا، ومن غير المرجح أن تصبح روسيا ليبرالية فى القريب العاجل.

إن المطلب الأوكرانى بسحب روسيا جميع قواتها من الأراضى الأوكرانية هو موقف شرعى تمامًا يجب تبنيه، لكنه موقف وليس إنذارا. يمكن وينبغى التوصل إلى حلول وسط بمجرد بدء المفاوضات. قد يعنى هذا أن أوكرانيا توافق على عدم الانضمام إلى عضوية الناتو، أو أن روسيا تحتفظ ببعض السيطرة على دونباس أو شبه جزيرة القرم. كما أشار الصحفى والمؤرخ البريطانى نيل أشرسون، لا ينبغى الخلط بين وحدة الأراضى والسيادة الوطنية. حيث يوجد العديد من الدول فقدت أراضيها بعد الحروب دون أن تفقد استقلالها الوطنى. يمكن أن تكون الحلول الوسط محفوفة بالمخاطر بالتأكيد؛ لأن زيلينسكى سيكون عرضة للهجمات القومية داخل أوكرانيا إذا سلم أى بقعة من الأرض. لكن الأمر متروك له ولحكومته لتقرير المخاطر التى يستحق خوضها من أجل إنهاء حرب تدمر بلادهم. الجدال بأنه لا توجد تنازلات مقبولة وأن أى شىء أقل من إسقاط بوتين سيكون هزيمة للديمقراطية أمر غير مفيد. أوكرانيا ليست حجر شطرنج فى حرب عالمية بين الخير والشر. مساعدة أوكرانيا على محاربة الغزو الوحشى أمر ضرورى؛ لذلك إعطاء الأوكرانيين الوسائل للقيام بذلك هو أمر مشروع. يجب أن يكونوا فى أقوى وضع ممكن للتفاوض. ولكن ليس من حق مَن هم خارج أوكرانيا أن يخبروهم بالشكل الذى يجب أن تبدو عليه اللعبة النهائية.
ترجمة وتحرير: وفاء هانى عمر
النص لأصلى من هنا

التعليقات