الهندسة الانتخابية - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:44 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الهندسة الانتخابية

نشر فى : الثلاثاء 1 يوليه 2014 - 7:20 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 1 يوليه 2014 - 7:20 ص

يبدو أن الانتخابات النيابية المقبلة سوف تشهد عودة منطق ومنهج البرلمانى الراحل كمال الشاذلى. بعبارة أخرى يبدو أن «هندسة انتخابية» سوف تتم على الارض وهى لا تعنى تزويرا، كما انها لا تعنى تزييفا، لكنها ربما تعنى تظبيطا» بما يعطى الكتل السياسية والاجتماعية والاقتصادية فى المجتمع أوزانا تساوى حجمها على الأرض تقريبا.

الهندسة الانتخابية قد تكون تعبيرا محملا بدلالات سيئة، لكنه يعمل ويزدهر عندما تفشل الصناديق الانتخابية الشفافة فى أداء وظيفتها الطبيعية وهى ان يكون لكل حزب أو طائفة أو كتلة مجتمعية تمثيلا فى البرلمان يتوافق وحجمها على الأرض.

الكثير منا نظر بامتعاض إلى ما كان يفعله كمال الشاذلى فى برلمانات حسنى مبارك.

الرجل ــ رحمه الله ــ كان يضمن تمثيلا ما ــ ليس بالضرورة عادلا ــ لكل القوى السياسية فى المجتمع بما فيها جماعة الإخوان المسلمين التى كان النظام يصفها بالمحظورة. صحيح أنه لم يكن يوزع المقاعد بالعدل والقسطاس لكنه على الأقل كان يضمن وجود التنفيس وعدم الانفجار.

تم ابعاد كمال الشاذلى وجاء الثنائى جمال مبارك وأحمد عز ولجنة السياسات لتطيح بهذا التفاهم، وكانت النتيجة مهزلة انتخابات 2010 وابعاد كل مظاهر المعارضة عن البرلمان، الأمر الذى كان سببا رئيسا فى ثورة 25 يناير 2011.

تفاءلنا خيرا بالثورة، وجرت انتخابات نيابية انتهت بسيطرة الاخوان وبقية التيار الإسلامى على أكثر من ثلثى مقاعد البرلمان بفعل التنظيم الجيد والدعاية والتمويل الكبير. والنتيجة النهائية ان قوى سياسية واجتماعية كثيرة لم تكن متمثلة بما فيه الكفاية لتشرذمها ونخبويتها وافتقادها للتمويل اللازم والقواعد الجماهيرية.

ولأنها لم تعد شرعية، وبسبب وصفها بالإرهابية من جانب الحكومة فلن تشارك جماعة الإخوان فى الانتخابات النيابية المقبلة، وربما تدعم من بعيد بعض كوادرها المتخفين أو المقربين منها. إذن المجلس النيابى المقبل لن يكون به إخوان، والسؤال كيف سيكون شكله؟.

التقديرات المبدئية تقول انه سيكون برلمانا غريبا لم يسبق لمصر ان شهدته، بمعنى ان القوى التقليدية ستعود بقوة، مع تمثيل سلفى بسيط، ثم فسيسفاء من قوى صغيرة متنوعة، بسبب النظام الانتخابى المعقد الذى لا نعرف ما هى فلسفته بالضبط؟.

والسؤال هو: كيف يمكن التأكد ان البرلمان المقبل سيعبر قدر الامكان عن المجتمع أو القوى الرئيسة الفاعلة فيه باستثناء الإخوان؟!.

هنا يأتى دور الهندسة الانتخابية وهى تحتاج إلى مهندس سياسى ماهر يفهم القوى المجتمعية والسياسية وأوزانها الحقيقية، وعبرها يمكن التوافق على التنسيق الانتخابى فى الدوائر الفردية والقائمة وبالتالى يمكن تمثيل غالبية قوى المجتمع .

لا أحد يزعم أنه ستكون هناك منافسة انتخابية كاملة وشفافة فى انتخابات مجلس النواب المقبل والسبب حالة الاستقطاب الحاد التى يشهدها المجتمع.

فى هذا الصدد يصبح السؤال التقليدى هو كيف تخرج كل القوى السياسية الرئيسية راضية من الانتخابات المقبلة، وربما يمكن طرح السؤال بصورة معكوسة وهو: كيف يمكن تجنب تكرار سيناريو أحمد عز وجمال مبارك عام 2010 حتى لا يتفاجأ النظام الجديد بأن كل القوى المعارضة قد اصطفت بجانب الإخوان؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي