نشر الموقع الإخبارى يوريشيا ريفيو مقالا تحليليا للكاتب سفيان بن عزير يتحدث فيه عن حالة الاضطراب الطائفى فى العراق. حيث يبدو أن صراعا طائفيا كاملا على وشك النشوب بين السنة والشيعة. ربما سيكون على الولايات المتحدة التدخل مرة أخرى (مع وجود البترول على المحك)، وانكشاف عدم كفاءة حكم نورى المالكى. وأشار الكاتب إلى أمر آخر يستحق المناقشة هنا. فقد أظهرت رسالة ودوافع داعش بوضوح أنها تنوى استعادة الخلافة، شئنا أم أبينا. ويدق هذا أجراس الإنذار: الخلافة تشكل خطرا على كل من الهيمنة الغربية فى المنطقة، فضلا عن سوء حكم الطغاة الإقليميين. ومن الواضح تماما، أن نجاح داعش نبه الجميع. وتضيف حقيقة أن داعش أظهرت استياءها من حكم الشيعة فى العراق.. بعد جديد إلى السؤال القديم: الخلافة السنية أم الإمامة الشيعية؟ أيهما أفضل كخيار للحكم الذاتى للمسلمين، والأهم من ذلك، للحفاظ على السلام فى المنطقة بأسرها؟
•••
أضاف سفيان أنه على مدى عدة قرون، حاولت المسيحية القضاء على فكرة الخلافة، وفشلت (فشلا ذريعا). ومع ذلك، استطاعت العلمانية الغبية قبيل بداية العالم الحديث، من إسقاط الخلافة. ومع مرور الزمن منذ ذلك الحين، يشعر معظم المسلمين فى الوقت الحاضر، بالانفصال عن أيام الخلافة.
•••
ويرى الكاتب أنه يمكن مقارنة النزاع الأخير بالحرب بين إيران والعراق. فى ذلك الوقت، كانت إيران تنظر إلى الصراع باعتباره نضال دولة دينية شيعية، ضد النظام الاشتراكى العربى الملحد بقيادة صدام حسين، فى حين كان ذلك النظام يرى فى الحرب، أحد منتجات التعدى الفارسى الآخذ فى التوسع على الثقافة العربية. غير أن الزمن تغير. ففى ذلك الوقت، كان الغرب ينظر إلى السنة باعتبارهم جماعة سلمية، فى حين أن الشيعة كانوا المتعصبين الذين يرددون «الموت لأمريكا! الموت لإسرائيل!». واليوم، يبدو المناخ الغربى مواليا للشيعة، وينظر إلى السنة باعتبارها المشكلة. والمعروف أن هذا الصراع الطائفى له جذور تاريخية. حيث يعتقد مجموعة صغيرة من الناس أن الخلافة كانت حقا لعلى، ولم يكن ينبغى أن تذهب إلى أبى بكر وعمر وعثمان. وبعد أن كان التشيع، قد برز كصورة للخلاف السياسى، سرعان ما اتخذ شكل جماعة دينية فى الإسلام، تنظم نفسها فى إطار عقيدة الإمامة. وبالنسبة للشيعة، يعتبر الأئمة المقدسون معصومين وغير قابلين للفساد؛ فهم لا يخطئون ومحصنون ضد عيوب البشر. وفى هذا الصدد، تماثل الإمامة الشيعية؛ نموذج البابا فى الكاثوليكية ـ القائد الأعلى، الذى يسمو فوق العيوب والأخطاء فى العالم، ويصل إلى القيادة من دون هستيريا الانتخابات الجماهيرية. ومن ثم، فهناك فرصة جيدة للتطلعات الديمقراطية فى نموذج الخلافة السنية: حيث يفترض أن يسترشد الخليفة بالمصالح المشتركة للجماهير.
•••
وأوضح سفيان أن الخلافة السنية تختلف عن الإمامة الشيعية من الناحيتين الأيديولوجية والعملية. فلدى الأولى إمكانات إجراء إصلاحات ديمقراطية (طبعا، هذا لا يعنى أن داعش ستكون حريصة على أن تصبح تنظيما ديمقراطيا فى وقت قريب)، فى حين أن الأخيرة لديها بنية ثيوقراطية توفر سلطات اجتماعية وسياسية غير محدودة للإمام المعصوم. واختتم الكاتب مقاله بالتأكيد على أن القيادة السياسية مجرد غيض من فيض، ولدى كل من الطائفتين الكثير من الخلافات. ولن يفيد سفك الدماء والفوضى أيا من الطرفين، ولهذا يعتبر دور كل من علماء الشيعة والسنة مهما. ولا يمكن فرض الخلافة و/ أو الإمامة عن طريق البنادق والقنابل؛ ويبدو أن توافق الآراء، والمناقشات المتحضرة، خيار أفضل .