من العار أن يستنكر بعضنا أى إجراءات مصرية لتخفيف الحصار المفروض على الأشقاء الفلسطينيين فى غزة ويعتبرها انحيازا إخوانيا إلى حركة حماس.
الأصل أن نساند الأشقاء فى كل فلسطين بكل السبل الممكنة ليتخلصوا من الاحتلال الصهيونى، لأن العكس يعنى أن نظام مبارك كنز إسرائيل الاستراتيجى كان على حق.
مبارك انحاز عمليا لإسرائيل عندما شارك فى حصار قطاع غزة عقب فوز حماس بالانتخابات التشريعية النزيهة عام 2006.. فهل المطلوب أن يواصل محمد مرسى نفس السياسة الإجرامية ليثبت لنا أنه ليس إخوانيا؟.
من قبيل العبث الحاصل حاليا أن يخلط البعض بين ما هو استراتيجى وما هو تكتيكى.
الاستراتيجى أننا عندما نساعد الفلسطينيين فإننا نفعل ذلك ليس فقط من قبيل اننا إخوة فى الدين والعروبة والمصير والتاريخ، ولكن لأنه أمن قومى بالنسبة لنا.
هذا الأمر اكتشفه الفراعنة قديما، واكتشفه الضابط الألبانى محمد على، وابنه إبراهيم الذى وصل إلى الإسكندرونة على الحدود التركية واكتشفه الضابط المصرى الصعيدى جمال عبدالناصر، لكن حسنى مبارك فعل عكسه مختزلا دور مصر داخل منزل أسرته فقط.
عندما نمد غزة ببعض المساعدات الرمزية فهذا واجب علينا، ولمن لا يقرأ عليه إدراك أن أوروبا التى يصفها بعضنا بالكافرة تتبرع للأشقاء المسلمين فى غزة والضفة بملايين اليوروهات سنويا أكثر مما نقدمه بآلاف المرات.
ثم إن المساعدات هى سلاح مهم فى العلاقات الدولية لتعظيم المصالح القومية ويعتقد البعض جهلا أنه طالما عندك فقراء فى بلدك فينبغى ألا تقدم مساعدات للخارج، وينسون أن هناك ملايين الفقراء فى أمريكا وفى الصين ورغم ذلك يقدمان معونات لبلدان أكثر فقرا، ليس حبا فيهم ولكن تعزيزا لمصالحها بالخارج. ثم إننا أيضا كنا أحد الأسباب الرئيسية فى ضياع الضفة وغزة فى يونيو 1967.
هذا عن الاستراتيجى أما عن التكتيكى، فعلينا أن نختلف مع الرئيس محمد مرسى ومع جماعة الإخوان إذا ساعدوا حماس فقط فى غزة ونسوا الأهل فى الضفة وفى عرب 1948.
جريمة حسنى مبارك أنه انحاز لحركة «فتح» والرئيس محمد عباس على حساب حركة حماس فى غزة، الأمر الذى جعل حكومتنا وسيطا غير نزيه فى بعض الأحيان، وبالتالى فالخطأ الأكبر ان يكرر مرسى الخطأ بالعكس بمعنى أن يدعم حماس فقط على حساب فتح.
علينا أن نستخدم كل أسلحتنا المعنوية لإقناع حماس وفتح بالمصالحة الحقيقية وليست التليفزيونية، ليس فقط دفاعا عن القضية، ولكن لأن المستفيد الوحيد من هذا الخصام هو عدونا المشترك إسرائيل، والخاسر الأكبر بعد الشعب الفلسطينى هو نحن فى مصر.
أفهم أن يتذمر البعض من إمداد غزة بالكهرباء والوقود إذا كان هناك نقص فادح فى مصر لكن كيف نفهم تذمر البعض واعتراضه على تسهيل دخول وخروج حركة الأشخاص والبضائع من وإلى غزة عبر معبر رفح.. هذا أقل مما يجب أن نفعله للأشقاء فى فلسطين.
ثم إن المصالحة وهذه التسهيلات فى إطار القانون هى أفضل وسيلة لمحاربة التهريب وتجارة الإنفاق التى لا نعلم ماذا يدخل فيها ويخرج منها؟!.
النقطة التى لا يجب أن يكون فيها نقاش هى وإذا كنا ضد أى محاولات لتوطين الفلسطينيين فى سوريا أو العراق وفى الأردن أو لبنان فمن باب أولى أن نعارض ذلك فى سيناء، ليس ضيقا بالأشقاء ولكن حتى لا نساعد المخطط الاستيطانى الصهيونى من دون أن ندرى.
تحية لكل مسئول مصرى يقدم أى خطوة لمساعدة الفلسطينيين شرط أن تكون لكل الفلسطينيين وليس لفصيل على حساب آخر.