سائق تاكسى ينقلب على الحكومة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:39 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سائق تاكسى ينقلب على الحكومة

نشر فى : الجمعة 1 نوفمبر 2013 - 8:40 ص | آخر تحديث : الجمعة 1 نوفمبر 2013 - 8:40 ص

قبل أيام ركبت «تاكسى».. وبدون سابق إنذار أو تمهيد سألنى السائق: إيه رأيك فى الحكومة؟.

ونتيجة خبرة فى النقاش العشوائى مع مواطنين لا أعرفهم، لم أجب بوضوح، خصوصا أن النقاش فى مثل هذه الأحوال ينتهى غالبا بالطريقة التى يتناقش فيها أهلاوى مع زملكاوى أو إخوانى مع ليبرالى، ويعتقد كل طرف أنه قادر على إفحام الطرف الثانى ودفعه لتغيير أفكاره فورا.

قلت للسائق: «والله الحكومة عملت أشياء جيدة وعجزت عن فعل أشياء أخرى»، بالطبع السائق لم تعجبه الإجابة وسأل مرة ثانية: «يعنى هى حكومة كويسة أو وحشة»، فقلت له: «يا حاج مفيش سؤال بالشكل ده»، ثم سألته هو نفس السؤال، فانطلق كالصاروخ قائلا: «دى حكومة بنت......»، اعترضت عليه لأن داخل الحكومة ناس كثيرة محترمة وأعرفها منذ زمن.

فرد قائلا: «يا باشا أنا مالى ومال الاحترام، أنا راجل على باب الله.. لو فيفى عبده هى رئيسة الحكومة وعملت شغلها صح وجعلتنى اشتغل وأكسب قوت يومى فسوف أؤيدها».

ثم واصل السائق هجومه على الحكومة التى وصفها بأنها حكومة «هق ومق» وعندما سألته ماذا يعنى هذا التعبير، قال يعنى تحاول أن تقول لنا كلاما معسولا كثيرا لكن بلا أثر على الأرض.

سألت الرجل: هل نزلت يوم 30 يونيو، فاستنكر السؤال مجيبا: «هو انا شكلى إخوان والا إيه، طبعا نزلت وكنت فاكر ان الحكومة هتلم الإخوان وتقضى عليهم تماما».

هنا سألته: يعنى حضرتك زعلان ان الحكومة لم تقض عليهم؟!. رد طبعا، لأنها لو فعلت لكان الحال بقى أفضل من الآن!

بعد نقاش طويل قال السائق إن كل الوزراء وكبار المسئولين يتسلمون رواتبهم فى آخر الشهر، أما «أمثالى فيدور مثل الفرخة ينقرون بحثا عن عشرة جنيهات هنا وعشرة هناك»، ودور الحكومة أن توفر المناخ السليم لأعمل أنا وغيرى، وعندما يقف الحال أو تنقطع الطرق ويكون هناك حظر تجول فعلى الحكومة أن تعوض أمثالى، فأنا لا أجد مالا لأجدد الرخصة.

قلت للسائق: لكن الحكومة أعلنت أنها ستتحمل تسديد جزء كبير من مديونيات سائقى التاكسى وهذا شىء جيد. رد بسرعة الواثق: هذا كله كلام، فقلت له: انتظر أولا وبعدها احكم.

أتمنى ألا يعتقد القارئ أننى أكتب هذا الكلام لأملأ المساحة بأى شىء، وتقديرى أن حالة هذا السائق ينبغى أن تشغل بال الحكومة، فهو نموذج لمواطن تظاهر ضد الإخوان ولايزال يعارضهم، لكنه يقول إنه لن ينزل الانتخابات المقبلة. يضيف إن نوايا الحكومة لا تشغله، المهم أن يصل للمواطن البسيط انها تعمل 72 ساعة فى اليوم لتتحسن حياة الناس.

لو كنت مكان الحكومة لكنت قد بدأت أقلق من نموذج هذا المواطن الذى قال بوضوح: «من يوفر لى الجنيهات العشرة فى المشوار فهو بطلى».

جماعة الإخوان تراهن على استمرار شل حال البلد بالمظاهرات والاشتباكات، وبالتالى يزيد أمثال هذا السائق، وعند لحظة معينة قد تنقلب الأحوال.

عندما دفعت الأجرة قال السائق وكأنه يصك حكمة: «اللى اتعود على المروحة.. ميحلمش بالتكييف»، ثم اضاف: «كل ما نريده من الحكومة ألا تتوقف المروحة، أى حال البلد».

رسالة هذا السائق بوضوح أن غالبية المواطنين تريد نتائج سريعة على الأرض.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي