مصر تغيرت فعلا.. لكن هل للأحسن أم للأسوأ؟!.
فى عهد حسنى مبارك كان يستيقظ من نومه متعكر المزاج، فيقيل وزيرا أو حتى يغير الحكومة بأكملها دون أن يجرؤ حزب أو شخص أو صحيفة أو فضائية على مناقشته، والمسموح فقط هو الحديث عن كلمة الرئيس وفلسفته العميقة التى يدركها الشعب التى تقف وراء هذا التغيير.
الآن رئيس الجمهورية يطلب من رئيس الوزراء المكلف تشكيل حكومة، فيقوم الأخير باختيار من يرى أنه الأصلح ثم نفاجأ أن قوى ولوبيات ومجموعات مصالح ترفض اختيارات رئيس الوزراء.
رأينا المهندس إبراهيم محلب يختار الدكتور أسامة الغزالى حرب وزيرا للثقافة فتقوم قيامة مجموعة تقول إنها تحتكر الحديث باسم المثقفين برفض هذا الاختيار فيرضخ رئيس الوزراء لها ويختار شخصية أخرى.
نفس الوضع حدث مع الدكتور أشرف منصور الذى تم ترشيحه رسميا وزيرا للتعليم العالى، وفوجئنا بأن المجلس الأعلى للجامعات يجتمع يوم الخميس الماضى ويرفض رسميا الترشيح بحجة أن منصور يدير الجامعة الألمانية الخاصة.
قبل ذلك كان محلب رشح الدكتور طارق قطب وزيرا للرى، وفوجئنا بأن مجموعات قيل إنها محسوبة على الوزير المستقيل د. محمد عبدالمطلب تقتحم مكتبه وتأخذ أوراقه وترسلها لمؤسسة الرئاسة وتتهمه بالفساد. وبعدها تم وقف الترشيح.
بعدها بقليل فوجئنا بنادى القضاء يرفض ترشيح أسماء معينة لشغل منصب وزير العدل، ويطالب باستمرار عادل عبدالحميد فى منصبه.
فوجئنا أيضا بأن العاملين فى وزارة التنمية الإدارية يرفضون الاندماج فى وزارة التنمية المحلية.
بطبيعة الحال من حق العاملين أو الموظفين أو جماعات المصالح الطبيعية أن ترشح شخصا لشغل منصب الوزير، او ترفض ترشيح آخر، وربما كان ذلك دليلا على قوة المجتمع المدنى وبدء دوران عجلة السياسة، وعدم الاستسلام لما يقرره الحاكم الفرد فى برجه العاجى ،لكن السؤال الجوهرى هو: هل يكون من حق أى جهة ان تجبر الدولة على تغيير الترشيح بالقوة؟!.
كان ينبغى على محلب أن يدرس بهدوء الأسماء المرشحة وتاريخها وسيرتها، والأهم مدى كفاءته وقدرته على إدارة وزارته بطريقة سليمة.
الطريقة التى رأيناها تعنى أن محلب تسرع فى تسمية بعض المرشحين وتعرض لموقف محرج بسبب تراجعه.
لكن المغزى الأخطر أن هناك قوى ضغط صارت تتمرد على الدولة وتجبرها على تغيير توجهاتها وقراراتها.
هذه القوى قد تكون علامة صحية تدل على حيوية المجتمع وقوته إذا كانت تعبر فعلا عن قطاع عريض من الناس وبالتالى فعندما يصر كل العمال مثلا أو غالبيتهم على شخص معين وزيرا ففى هذه الحالة وجب الاستماع لهم.
لكن أن يتحول الأمر إلى فرض وجهة نظر مجموعة ضيقة فلا يعنى ذلك إلا كلمة واحدة اسمها البلطجة.
فى بعض حالات التمرد التى تمت كانت هناك جماعات مصالح منظمة رأيناها تتحرك بشراسة للحفاظ على مصالحها وتحدى سلطة الدولة، ومن لا يصدق عليه تأمل ما حدث فى رفض تعيين الدكتور أسامة الغزالى حرب وزيرا للثقافة.
ما حدث فى الأيام الماضية خطير جدا، بعضه إيجابى ويدل على وجود حيوية سياسية ووعى فى بعض المؤسسات، وبعضه غاية فى السلبية لأنه يدل على أن بعض جماعات المصالح «خلعت البرقع»، وأسفرت عن وجهها القبيح لتخرج لسانها للجميع وتبعث للمجتمع برسالة خلاصتها أن دولة الفساد صارت أكثر فسادا والأهم أكثر تبجحا.