نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية مقالا للكاتب"أندرو بونكومب" يتناول الانتخابات النصفية فى الولايات المتحدة الأمريكية والتى من المقرر أن تعقد فى نوفمبر القادم، والتى تشمل جميع الأعضاء ال 435 فى مجلس النواب و33 عضوا فى مجلس الشيوخ بالإضافة إلى عدد من حكام الولايات، كما أنها تمثل فرصة لاقتراح مشاريع قوانين محلية، وترجع أهمية هذه الانتخابات إلى كونها تمثل استفتاء على الرئيس وعلى سياساته ويترتب عليها العديد من التداعيات الهامة فى الحياة السياسية. ويشير الكاتب أيضا إلى تحذيرات ستيف بانون للجمهوريين من هذه الانتخابات.
يتحدث الكاتب بداية عن أنه أصبح من «الكليشيهات البالية» أن نقول أن مثل هذه الانتخابات ذات أهمية حيوية ومهمة لإحداث تغيرات فى الحياة السياسية. فى حين يرى بعض الأفراد أنها الانتخابات الأكثر أهمية على الإطلاق، وأن لها العديد من التداعيات على الحياة السياسية. صحيح أن القول بذلك فيه مبالغة كثيرة ولكنه يصدق فى بعض الأحيان.
إن الانتخابات النصفية الأمريكية 2018 تندرج تحت الفئة الثانية. على الرغم من أن اسم دونالد ترامب ليس على بطاقة الاقتراع، إلا أنه سيكون له تأثير على المعركة الانتخابية والتى تشمل المقاعد الـ 435 فى مجلس النواب و35 مقعدا فى مجلس الشيوخ، و39 من حكام الولايات، إلى جانب العديد من المجالس التشريعية المحلية.
ومع ذلك، فإن الأمر أكثر من مجرد استفتاء على الرجل الذى تميزت فترة ولايته الأولى بانخفاض شعبيته ومدى الرضاء عن سياساته إلى مستويات قياسية، ومن ثم فإن مستقبل ترامب السياسى قد يعتمد على نتائج هذه الانتخابات.
إذا سيطر الديموقراطيون على الكونجرس ــ وهو ما يتوقعه معظم المحللين ــ، فسيكون هناك عمليات إقالة. فبالرغم من أن السيد ترامب قد نجح ــ مخالفا تنبؤات الكثيرين ــ فى السيطرة على الحزب الجمهورى، إلا أنه فى استطلاع للرأى أجرته مؤسسة غالوب أخيرا، حصل على نسبة تأييد بلغت 42 فى المائة فقط، فى حين أن نسبة تأييده بين الجمهوريين تصل إلى 87 فى المائة.
• تحذير للجمهوريين
ويضيف الكاتب أن «المعارضة» تقوم بتنظيم الحملات الانتخابية وتسجيل الناخبين لأول مرة وجمع الأموال بحماسة شديدة. وفى وقت سابق من الشهر الماضى، تم الكشف عن أنه فى 56 منطقة سكنية، جمع الجمهوريون أموالا أقل من الديمقراطيين. وفى هذا الربيع، ظهرت صورة مماثلة خلال جمع التبرعات لانتخابات مجلس الشيوخ. وقالت مؤسسة أكسيوس الإخبارية إن لجنة حملة الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ لديها ضعف ما يمكن إنفاقه فى لجنة السيناتور الجمهورى القومى، حيث تبلغ 29.9 مليون دولار مقارنة بـ 14.8 مليون دولار للجمهوريين.
كما تظهر استطلاعات الرأى الكثير من الحماس بين الديمقراطيين. وأوضح استطلاع رأى أجرته صحيفة واشنطن بوست أن 46 فى المائة من الناخبين المسجلين يشعرون أنه من «المهم للغاية» التصويت فى الانتخابات النصفية لهذا العام، وارتفع الرقم إلى 58 فى المائة بين الديمقراطيين وانخفض إلى 38 فى المائة فى أوساط الجمهوريين. ومن ثم تلقى الجمهوريون دعوة تحذير من ستيف بانون، كبير المستشارين الاستراتيجيين السابق فى إدارة ترامب. حيث صرح من خلال شبكة فوكس نيوز محذرا الجمهوريين بأن هذه الانتخابات هى «استفتاء على رئاسة ترامب.. حيث أن المعارضة ستركز على محاولة الفوز فى الكونجرس من أجل إقالة الرئيس ترامب وإيقاف التقدم الكامل... وأنتم من يختار ذلك.. سيحاولون إبعاده».
• الكونجرس مهم للغاية
وتظهر بعض استطلاعات الرأى أن الديمقراطيين لديهم فرصة تتعدى ال50 فى المائة لاستعادة الكونجرس.
وصرحت جين زينو، أستاذة العلوم السياسية فى كلية إيونا فى نيويورك، لصحيفة «الإندبندنت» إن الديمقراطيين سوف يستعيدون السيطرة على الكونجرس.. وتتوقع أنهم سيفوزون بما يقرب من 35 مقعدا، فى حين أنهم يحتاجون 23 مقعدا فقط للسيطرة على الكونجرس. وأضافت أنه إذا سيطر الديمقراطيون على مجلس النواب، فإن ذلك سيثير مشاكل للسيد ترامب. ومن المرجح أيضا أن يحاول الديموقراطيون منع الكثير من التشريعات الجمهورية مما يؤدى إلى إعاقة عمل الكونجرس.
• مجلس الشيوخ
إن التركيبة الحالية لمجلس الشيوخ قد جعلت الجمهوريين يسيطرون على الأمور لكن نظرا للغياب الطويل لجون ماكين من الكونجرس، جعل الديمقراطيين يضغطون بقوة على الجمهوريين المعتدلين، مثل سوزان كولينز من ولاية ماين بشأن التصويت المؤيد لاختيار قاض المحكمة العليا الأخير لترامب بريت كافانو. لبعض الوقت، اعتقد الديمقراطيون أن لديهم فرصة للسيطرة على مجلس الشيوخ كذلك. ولكن يبدو هذا الآن أقل احتمالا. هذه السباقات الأربعة هى الأكثر تنافسية فى البلاد. وبالنسبة للديمقراطيين الذين سيسيطرون على مجلس الشيوخ، فإنهم على الأرجح سيفوزون فى ثلاثة منهم على الأقل، أو ربما الأربعة.
ومن الجدير بالذكر أن الكثير من المقاعد التى يتنافس عليها الديمقراطيون هى فى «الولايات الحمراء» ــ التى يختار ناخبوها فى الغالب الجمهوريين ــ، ولكن وفقا لجريدة التايمز فإن الديمقراطيين يحتاجون إلى الفوز بـ 28 مقعدا للسيطرة على مجلس الشيوخ، بينما يحتاج الجمهوريون إلى تسعة مقاعد فقط. وبشكل حاسم، عليهم أن يدافعوا عن 10 مقاعد فى ولايات فاز بها دونالد ترامب، مثل إنديانا، حيث يقاتل السيناتور الديمقراطى جو دونيللى.
«لست متشائما بشأن الموقف العام للديمقراطيين العام المقبل»، هكذا كتب نيت سيلفر من مؤسسة Five Thirty Eight فى وقت سابق من هذا العام. «وعلى النقيض من ذلك، أعتقد أن معظم المراقبين السياسيين لم يدركوا حتى وقت قصير مدى سوء الأمور بالنسبة للجمهوريين». وأضاف: « لكن خريطة مجلس الشيوخ صعبة حقا بالنسبة للديمقراطيين» ويضيف أنها أسوأ خريطة فى مجلس الشيوخ قد واجهها أى حزب على الإطلاق، أو على الأقل منذ أن بدأت الانتخابات المباشرة لأعضاء مجلس الشيوخ فى عام 1913».
• أهمية الحكم المحلى
إن حكام الولايات الـ 36 وأقاليم الولايات المتحدة الثلاثة ــ غوام وجزر العذراء الأمريكية وجزر ماريانا الشمالية ــ يتم التنافس عليها هذا العام، إلى جانب المعارك الدائرة فى دوائر العديد من الولايات.
فى الأسبوع الماضى، فاز بريان كيمب فى الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى، بما يصل إلى 40 نقطة، حيث سعى هو ومنافسه للتحالف مع ترامب. وحصل كايسى كاغل ــ أحد معارضى كيمب ــ على تسجيل صوتى وجاء فيه أن الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى قد أصبحت اختبارا لـ «من يمتلك أكبر سلاح، ولديه أكبر شاحنة، والذى يمكن أن يكون الأكثر جنونا».
ويواجه كيمب الآن مواجهة فى نوفمبر المقبل ضد مرشحة الحزب الديمقراطى ستايسى أبرامز، التى تتطلع إلى أن تصبح أول حاكم أمريكى إفريقى فى البلاد.. ويشير المعلقون إلى أن كيمب يواجه تحديا صعبا فى إعادة توحيد الحزب الجمهورى فى الولاية بعد هذه المنافسة الشديدة، كما أن سياساته المتشددة قد لا تكون مرضية للكثيرين.
وفى نوفمبر القادم، سيجرى 87 من الدوائر التشريعية الـ 99 انتخابات لـ 6070 مقعدا، مما يعنى أن ما يقرب من 82 فى المائة من جميع المقاعد التشريعية فى الولاية سيتم انتخابهم. وفى الوقت الحاضر، يسيطر الجمهوريون على 67 من أصل 99 دائرة، ويسيطرون على المجلسين فى 32 ولاية. ويسيطر الديموقراطيون على 32 غرفة، وكلا المجلسين فى 14 ولاية. هناك أربع ولايات فقط هي التي ستحسم الفوز إما للديمقراطيين أو للجمهورين، حسبما أفادت مجلة نيويورك فى الآونة الأخيرة.
• أهمية الهيئات التشريعية فى الولايات
وختاما يضيف الكاتب أن هناك العديد من القضايا مثل السيطرة على السلاح، وتغير المناخ، وحقوق المتحولين جنسيا، حق الاجهاض ترغب إدارة ترامب، بدعم من المحكمة العليا المحافظة القوية، فى تسليم القرار ــ فى العديد من القضايا التى تؤثر على حياة الناس إلى الدولة نفسها. وإذا كانت المحكمة العليا قد نقضت «روفايد»، وهو الحكم الصادر عام 1973 الذى يضمن للنساء حق الإجهاض الآمن والقانونى، فإن النساء فى البلاد قد يجدن أنفسهن يواجهن مشاكل جديدة.
• إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
• النص الأصلى: