معضلة أسامة بن لادن - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:37 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

معضلة أسامة بن لادن

نشر فى : الثلاثاء 3 مايو 2011 - 8:28 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 3 مايو 2011 - 8:28 ص

 رحم الله أسامة بن لادن.. اجتهد وظن أنه يخدم الإسلام والمسلمين، لكن النتيجة على الأرض هى أن أمريكا وإسرائيل لو دفعتا تريليونات الدولارات لتشويه صورة الإسلام والمسلمين ما فعلوا مثلما فعل تنظيم القاعدة منذ نشأته وحتى إعلان خبر مقتل «بن لادن» فى شمال إسلام آباد صباح أمس.

الحديث عن «بن لادن» يصطدم دائما بعقبة إما أن يكون معه فيرضى عنك أتباعه، أو تكون ضده فيرضى عنك أعداؤه، لكن الحديث بصورة منطقية وهادئة ستجعل الغالبية تراك عدوا لهما.

فى السياسة وفى الحياة عموما تقاس الأفكار والدعوات والحركات والمنظمات والأحزاب بنتائجها على الأرض، هل حققت أهدافها، أم كانت وبالا على أصحابها؟!.

قد تكون نوايا «بن لادن» وسائر أعضاء القاعدة طيبة ونبيلة وأنهم أرادوا خدمة الإسلام، لكن عليهم جميعا أن ينظروا ماذا فعلوا وما هى نتيجة أعمالهم منذ عام 1998 وحتى هذه اللحظة؟!.

العامل الدينى ليس ملحا، كما نعتقد فى تفكير الولايات المتحدة، ولذلك استخدمت «بن لادن» و«القاعدة» ومن قبلهما السعودية ومصر أيام انور السادات فى استنزاف الاتحاد السوفييتى ، ثم استخدمته كفزاعة أو عدو جديد لاستنزاف العرب والمسلمين والسطو على ثرواتهم وأراضيهم ومستقبلهم.

قد يكون جورج بوش الابن مجنونا أو تم غسل دماغه من قبل «اليمين الجديد» لكن المؤسسات الأمريكية الراسخة لا يشغلها شىء سوى المصالح الاستراتيجية الكبرى لبلادها، وبالتالى فهى تتعاون مع خادم الحرمين المسلم إذا حقق لها مصالحها وتعادى كاسترو أو شافيز المسيحيين إذا وقفا عقبة ضد هذه المصالح.

للأسف الشديد أسامة بن لادن وبقية أنصاره لم يفهموا اللعبة السياسية جيدا.

هم تحدثوا عن قضية عادلة جدا هى الظلم الواقع على العالم الإسلامى من جراء السياسات الأمريكية والأوروبية والاحتلال الاسرائيلى لكنهم لم يعرفوا كيف يواجهون هذا الغرب الاستعمارى جيدا.. فجروا سفارتين فى أفريقيا وبرج التجارة فى نيويورك وعشرات العمليات فى مناطق متفرقة، والنتيجة أن المواطن العادى فى كل العالم، خصوصا أوروبا وأمريكا، صار يعتقد أن الإسلام هو دين الإرهاب، وأن المسلمين كائنات لا عهد لها ولا أمان عندها.

عمليات القاعدة قتلت من المسلمين أكثر مما قتلت من أعدائهم وأصابت المسلمين بضرر لا يمكن وصفه، لكنها لم تضر الولايات المتحدة والغرب بشىء جوهرى.

اغتيال أسامة بن لادن قد يضعف «القاعدة»، لكنه لن ينهيها.. مثل هذه المنظمات القائمة على أفكار عقائدية لا تموت بموت مؤسسيها أو قادتها.

مواجهة الغرب تحتاج أن نكون أقوياء، ولن يحدث ذلك إلا إذا كنا أحرارا وديمقراطيين ومتعلمين جيدا.. إذا حدث ذلك لن تتجبر علينا إسرائيل، ولن يحتلنا الغرب، بل ربما يعيدوا لنا كل حقوقنا من دون طلقة رصاص، لكن أن نحصر كل علاقتنا فى الغرب فى أن نكون تابعين له كما كان يفعل مبارك وأمثاله، أو نكون على صدام دائم معه كما أراد «بن لادن»، فتلك هى المأساة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي