فى مصر شعارات المظاهرات حول أسعار اللحم «بلاها لحمة» وفى لبنان حول النفايات «طلعت ريحتكم»، وفى العراق حول الكهرباء والماء «وين فلوس النفط يا حرامية» وفى الكويت يبدو بأننا قد تأثرنا بالاوضاع ورفعنا شعار مقاطعة شراء الاسماك «خلوها تخيس».
هذه الشعارات التى تشغل بال الناس فى جميع ارجاء العالم العربى والاسلامى وتقود إلى العنف ومواجهة قوات الأمن هى حالة من اللا استقرار والغليان الداخلى الذى تشهده بلداننا اليوم!! لئن خاضت بلداننا اصعب مراحل الربيع العربى منذ بداية عام 2011 بثورات غاضبة واسقاط زعامات وآمال عريضة، لكن سرعان ما انقلب السحر على الساحر وعادت الانظمة المخلوعة إلى الحكم من النافذة كما حصل فى مصر واليمن وتونس (مع تبديل الواجهات)، ثم قامت الثورة السورية لتعطى الشعوب درسا قاسيا فى ان (موكل مدلقم يوز) أى ان بعض الانظمة تمثل خطا احمر للبعض وغير ممكن الاقتراب منها!! وبما ان حالة الغليان ما زالت موجودة فى العالم العربى، والفساد اكبر من ان يتم التخلص منه بسهولة، اذا فليس امام الشعوب المقهورة الا التعبير عن نفسها بهذه الشعارات التى لا يمكن ان تحقق الاهداف من ورائها، والتى سريعا ما قد تتحول إلى اعمال شغب تأكل الاخضر واليابس وتقود إلى انقسام اكبر فى المجتمع!!
ولو تتبعنا الخيوط المؤدية إلى تلك المظاهر الغاضبة لوجدنا ان الفساد هو السبب الرئيسى، ففى الكويت وضعت هيئة الزراعة والثروة السمكية شروطا قاسية على صائدى الاسماك (سابقا).
وطفشتهم من ممارسة الصيد، يحدثنى احد الاخوة الاعزاء عن تجربته بعد ان تقاعد من وظيفة واشترى لنفسه بضعة قوارب صيد، ووظف مجموعة من الصيادين المصريين لصيد السمك وبيعه، يقول بأن قوانين هيئة الزراعة وسكوتها على التجاوزات الكثيرة للشركات الكبيرة قد كان غريبا، فقد منعت الصيد فى اغلب الاماكن واقتصرتها على تلك الشركات حتى اضطررنا للصيد فى اماكن بعيدة، ثم ضيقت علينا الخناق فى تسويق السمك إلى ان اضطررنا لترك المهنة.
ويروى لى هذا الاخ قصة طريفة حصلت له بعد ان ارسل الصيادين إلى مصر وطلب منهم الا يحضروا الا بعد ان يرسل لهم برقية يطلب منهم الحضور، فارسل لهم برقية تقول: «البحر جميل والصيد وفير، ارجعوا حالا»، فما كان من أمن الدولة الى ان استدعاه بحجة ان هذه البرقية تمثل شيفرة سرية لعمل خطير!!
اما فى لبنان فقد ادركت الحكومة بان السر فى ازمة النفايات سببه ترسية مناقصات الشركات الكبرى لتنظيف النفايات على كبار قادة الاحزاب السياسية بنظام المحاصصة، فما كان منها الا الغاء جميع تلك المناقصات، ولكن يبدو بعد ذلك أنه قد تم بعد فوات الأوان!!
فى العراق رصدت الحكومة العراقية منذ العام 2005 ميزانية تبلغ 27 مليار دولار لانتاج الكهرباء والماء، لكن اكتشف الشعب العراقى بأن غالبية تلك الاموال قد تم سرقتها فى عهد المالكى، وما زالت الكهرباء لا تصل إلى معظم العراق وتنقطع ساعات طويلة يوميا بالرغم من الحر الشديد!!
إذا فالربيع العربى الجديد الذى بدأ بالتشكل قد يكون «تسونامى» جديدا يقتحم ما تبقى من البلاد العربية ليبدد ما تبقى لنا من أمل فى العيش الكريم «ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت ايدى الناس»!!
وائل الحساوى
الرأى ــ الكويت