انقلاب الساعات الست - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 2:13 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انقلاب الساعات الست

نشر فى : الأربعاء 4 ديسمبر 2024 - 8:15 م | آخر تحديث : الأربعاء 4 ديسمبر 2024 - 8:15 م

قدمت كوريا الجنوبية خلال أقل من 24 ساعة درسا لشعوب العالم فى التصدى للاستبداد والدفاع عن الديمقراطية عندما تصور الرئيس يون سول يول أنه رئيس لدولة تنتمى للعالم الثالث يمكنه فيها الإطاحة بالبرلمان وفرض الأحكام العرفية لأن الجمعية الوطنية (مجلس النواب) لا يسير على هواه، فقرر حل البرلمان وتعليق الأنشطة السياسية والحزبية وإعلان الأحكام العرفية فى البلاد.

 


وبعد 3 ساعات من إعلان الأحكام العرفية اجتمع أعضاء الجمعية الوطنية وقرروا بالإجماع إلغاء المرسوم الرئاسى لفرض الأحكام العرفية، وقال رئيس الجمعية الوطنية وو وون شيك إن الأحكام العرفية «باطلة» وإن أعضاء البرلمان «سيحمون الديمقراطية مع الشعب».
ولما فوجئ الرئيس بإجماع أعضاء البرلمان أغلبية ومعارضة على رفض تحركه الانقلابى، أعلن اعتزامه التراجع عن رفع الأحكام العرفية بعد أقل من 6 ساعات على إعلانها.
وكما يحدث فى الدول الشمولية استخدم الرئيس الكورى الجنوبى التعبيرات الوطنية الصارخة ليبرر بها «انقلابه الرئاسى»، فقال إنه يستهدف «القضاء على القوى المؤيدة لكوريا الشمالية وحماية النظام الديمقراطى الدستورى»، فى الوقت الذى يعانى فيه لتمرير أجندته السياسية فى البرلمان الذى تسيطر عليه المعارضة منذ توليه منصبه فى عام 2022. ورفض البرلمان مشروع الميزانية الذى قدمته حكومة الرئيس بسبب الخلاف على العديد من بنوده.
وبعد فشل «انقلاب الساعات الست» قدم كبار مساعدى الرئيس الكورى الجنوبى ومنهم تشونج جين ــ سوك، كبير موظفى الرئاسة، ومستشار الأمن القومى شين وون ــ سيك، وسونج تاى ــ يون، كبير موظفى السياسات، إلى جانب سبعة من كبار المساعدين الآخرين استقالاتهم احتجاجا على قرار الرئيس إعلان الأحكام العرفية.
كما دعا هان دونج هون زعيم حزب «سلطة الشعب» الحاكم الرئيس يون سيوك ــ يول إلى تفسير قراره بإعلان الأحكام العرفية الطارئة.
وقال هان للصحفيين فى الجمعية الوطنية: «بصفتنا الحزب الحاكم، فإننا نشعر بالأسف العميق تجاه الشعب عن الوضع الكارثى اليوم».
كما اضطر وزير الدفاع كيم يونج ــ هيون لتقديم استقالته بسبب اقتراحه فرض الأحكام العرفية وحل البرلمان للتخلص من معارضته للرئيس.
وبعد فشل «الانقلاب الرئاسى» قررت أحزاب المعارضة ملاحقة الرئيس وإجباره على الاستقالة أو عزله.
وقال الحزب الديمقراطى المعارض الرئيسى إنه سيتخذ إجراءات لعزل الرئيس يون إذا لم يتنح عن منصبه على الفور.
وأضاف أن الحزب الديمقراطى لن يجلس مكتوفى الأيدى أمام جريمة الرئيس يون المتمثلة فى تدمير الدستور والدوس على الديمقراطية، و«يجب على الرئيس يون التنحى عن منصبه طواعية على الفور».
انتهت المحاولة الانقلابية فى كوريا الجنوبية خلال ست ساعات فقط، ولم يحتج الشعب للنزول إلى الشارع والدخول فى صدامات مع قواه الأمنية والعسكرية لكى يحمى الديمقراطية، لأنه وجد من أحزابه السياسية وممثليها فى البرلمان من ينهض للدفاع عن الدستور والديمقراطية.
ولأن الرئيس أدرك على الفور أن كوريا الجنوبية التى تتمتع بحضور قوى لمؤسسات المجتمع المدنى من نقابات عمالية ومهنية وأحزاب سياسية اعتادت على مدى عقود على التداول السلمى للسلطة واحترام الفصل بين السلطات، فقد تراجع سريعا عن «انقلابه». واحتفظت البلاد بنظامها الدستورى الديمقراطى وتتجنب مستنقعات الفوضى والعنف التى تسقط فيها دول العالم الثالث إذا ما حاولت شعوبها التمرد على الاستبداد أو السعى لإقامة نظام ديمقراطى فيها.
وجود أحزاب وقوى سياسية واجتماعية تؤمن بسيادة الشعب والديمقراطية هو أفضل ضمانة لاي بلد من التردى فى دوامات العنف والاضطرابات، والتصدى لاستبداد اي سلطة فى مهده فهو يحمى العباد من شرور كثيرة. هذا هو الدرس الذى قدمته كوريا الجنوبية للعالم فى 6 ساعات.

التعليقات