الوزراء غير السياسيين - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:46 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الوزراء غير السياسيين

نشر فى : الأحد 6 سبتمبر 2015 - 6:35 ص | آخر تحديث : الأحد 6 سبتمبر 2015 - 6:35 ص

الحكومة تدفع الآن الثمن المؤجل، لأنها اختارت بعض الوزراء غير السياسيين.

لا أقصد أنهم ليسوا ناشطين أو أعضاء فى أحزاب أو منظمات أو حركات أو فصائل سياسية، بل أقصد فى الأساس أن يكون لديهم الحد الأدنى من المعرفة بقواعد اللعبة السياسية، حتى لا يكبدوا الحكومة هذه الأثمان المجانية كل يوم.

المؤكد أن الحكومة حققت إنجازات فى ملفات كثيرة مثل منظومة الخبز والسلع التموينية وبرامج الحماية الاجتماعية مثل كرامة وتكامل، وانتظام التيار الكهربائى رغم الصيف الأشد سخونة منذ سنوات، لكن للأسف فإن هذه الإنجازات وغيرها تتوارى حينما تقع بعض الوزارات فى أخطاء ساذجة، تخصم من رصيد الإيجابيات.

على سبيل المثال فى الأسبوعين الماضيين كانت هناك قضية التلميذة مريم التى فوجئت بأنها حصلت على صفر فى الثانوية العامة، وبعدها بأيام قليلة التفويض الذى حصل عليه الدكتور السيد عبدالخالق وزير التعليم العالى من المجلس الأعلى للجامعات كى يستثنى بعض أبناء الكبار فى عملية التحويل الجغرافى بين الجامعات المصرية.

أتصور أن هاتين الحالتين كلفتا الحكومة ثمنا باهظا، وخصمتا من رصيد الحكومة الكثير، وفى المقابل أضافت رصيدا مجانيا فى حساب كل مؤيدى الفساد والتطرف والإرهاب.

للأسف الشديد غابت السياسة فوقعت الحكومة فى مصيدة محكمة.

لو أن هناك حدا أدنى من الكفاءة الوظيفية أو الخبرة السياسية، ما وصلنا إلى الحالة التى وصلنا إليها فى قضية «صفر مريم»، لكن الجميع «ركب دماغه»، مثلما حدث بالضبط فى قضية خالد سعيد نهاية عام 2010 الذى قالت الشرطة إنه ابتلع لفافة بانجو!!.

وجاء تقرير لجنة الطب الشرعى الثلاثية الأولى ليؤكد رواية أجهزة الأمن، وعندما تأزم الموقف، وتحركت المظاهرات فى يناير ٢٠١١ تشكلت لجنة طب شرعى ثانية أكدت أن خالد سعيد مات مقتولا بعد أن أجبر على ابتلاع اللفافة.

غياب الخبرة السياسية الآن، اضطر إبراهيم محلب إلى استقبال الطالبة فى مكتبه قبل أيام، وانتهى الأمر بتشكيل لجنة طب شرعى ثانية من خمسة أشخاص يفترض أن تجد حلا لهذه المشكلة، وكان الله فى عونها، فالمنطق وغالبية الشعب يشعرون بأن مريم مظلومة، وإذا أنصفت اللجنة الجديدة مريم، فلابد من محاسبة كل المنظومة الفاسدة الراهنة.

سيقول البعض: ولماذا يتحمل الوزير ذنب فساد سابقيه؟ والإجابة أن هذه هى قواعد اللعبة السياسية، ففى اللحظة التى تتولى فيها منصبك «تحاسب على كل المشاريب» حتى لو كنت بريئا!.

كان يفترض أن تعترف الوزارة بأن هناك كوارث فى الكنترول و«لعب سفلى»، وأنها ستحقق بجدية فى كل ملفات الفساد بدلا من التكتل ضد فتاة بريئة ومحاولة قتلها معنويا.

نفس السيناريو تكرر مع وزير التعليم العالى الدكتور السيد عبدالخالق، لكن هذه المرة الوزير يتحمل المسئولية الكاملة عن حكاية التفويض فى استثناءات التحويل الجامعى.

الوزير أستاذ جامعى قديم، ومتخصص فى القانون، ويفترض أنه يفهم قواعد اللعبة السياسية، وبالتالى كيف فات عليه كل ذلك، خصوصا أن الحكومة بأكملها تتعرض لعملية قصف يومى ممنهجة من جماعة الإخوان ومن الإرهابيين الذين يقولون إنها تخدم الفاسدين؟!، كيف لم يفهم وزير التعليم العالى كل هذه التعقيدات، كيف لم يدرك أنه سيجعل الجميع يقف ضده وضد وزارته وحكومته فى ملف الاستثناءات؟!.

التفسير الوحيد ــ مع افتراض حسن النية عند وزيرى التعليم ــ هو أنهما ليسا سياسيين، لم يتدربا على ممارسة السياسة، لم يدخلا حزبا، الوزير التكنوقراطى مريح للحكومة فى لحظات كثيرة، لكنه يتحول إلى خنجر قاتل فى ظهرها، عندما يفشل فى قراءة المشهد السياسى.

ولكن السؤال هو: هل لدينا شخصيات مسيسة تصلح لتولى الوزارات؟ وماذا سنفعل فى الحكومة المقبلة التى ستقود البلاد بعد الانتخابات.. هل ننشر إعلانا ومسابقة قومية لتعيين وزراء سياسيين؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي