استقالة شعب - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:34 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

استقالة شعب

نشر فى : الثلاثاء 7 أبريل 2009 - 8:04 م | آخر تحديث : الثلاثاء 7 أبريل 2009 - 8:04 م

 سيكون الأمر أقرب إلى الكارثة إذا خرج علينا الحزب الوطنى وإعلامه ليؤكد أن ضعف الإقبال وعدم التجاوب مع إضراب 6 أبريل سببه شعبية الحزب الحاكم.. وسيكون الأمر أقرب إلى النكتة السمجة إذا تصور الحزب أن السبب يكمن فى حملة «عطاء الشباب» التى أطلقها الحزب لمواجهة الإضراب.

ما حدث فى 6 أبريل أمس الأول، أمر مقلق لمن لديه ذرة حب لهذا البلد، النتيجة النهائية هى أن مساحة انسحاب الناس من الحياة العامة تزداد وتتسع؛ يأسا من أى تغيير، ولذلك فعلى أى عاقل فى الحزب الوطنى أن يشعر بالخطر، فقد يأتى وقت لا يجد الحزب والحكومة بشرا يذهبون إلى استاد القاهرة مثلا لتشجيع المنتخب الوطنى، وقد يأتى وقت ــ إذا استمرت الأمور كما هى ــ ألا يجد هذا الحزب شعبا يحكمه!

دلالة ما حدث أمس الأول وقبله فى أحداث أخرى كثيرة تقول بوضوح إن الناس قد تتحرك بصورة واضحة، إذا كان الأمر يمسها مباشرة من قبيل زيادة أجور الأطباء، أو حافز إداريى التعليم، أو النماذج الناجحة لاحتجاجات عمالية حدثت فى المحلة الكبرى ونقابة العاملين فى الضرائب العقارية، والصيادلة، والمحامين.

لكن عندما يتعلق الأمر بقضايا وطنية كبرى مثل الحريات والديمقراطية والتغيير.. فإن الأمر يختلف إلى حد كبير.. السبب ربما كان كامنا فى وجود تنظيم جيد فى التحركات النقابية والفتوية، وغيابه عن القوى المطالبة بالتغيير الأكبر، وربما ليأس كثيرين من حدوث هذا التغيير.

عدم نجاح إضراب 6 أبريل كما كان يتمنى منظموه ليس عائدا للحزب الوطنى.. خريطة الشارع لا تحتاج لشرح كبير حتى فى غياب الاحصاءات والبيانات الرسمية.. الأحزاب جميعها لا تستطيع حشد تظاهرة من نصف مليون شخص فما بالك لو كان الأمر متعلقا بإضراب على مستوى قومى ويتحدث عن قضايا كبرى.. لكن فى المقابل فإن الحزب الوطنى ومعه الحكومة لا يستطيعان حشد تظاهرة من مليون شخص من طلبة المدارس وعمال المصانع فى مسيرات بالإكراه والأمر المباشر بشأن ما يحدث فى كل البلدان المتخلفة.

الإخوان بدورهم يتحدثون ليل نهار عن أن الشارع مهم.. وهو أمر فيه شك كبير ليس لضعف فى الإخوان، بل ربما لأن الشارع لم يعد مكترثا، ومن يكترث منهم.. فغالبيته قد لا يحبذ حكومة دينية.

ولذلك يستطيع المرء المجازفة قائلا: إن مؤيدى الفكرة الدينية قد لا يزيدون على 15٪ ومؤيدى بقية القوى السياسية الراهنة قد لا يزيدون على 5٪، ومؤيدى الحكومة إذا استبعدنا منهم المنتفعين والوصوليين والمنافقين فقد لا يزيد عددهم على ألف شخص، أما بقية الـ80٪ فهى قررت الاستقالة من كل شىء حتى إشعار آخر.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي