خطورة منطق (إما مع الشيخ أو ضده) - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:53 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خطورة منطق (إما مع الشيخ أو ضده)

نشر فى : الأحد 8 أبريل 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأحد 8 أبريل 2012 - 8:00 ص

بعد صلاة الجمعة مباشرة كانت هناك منصتان فى ميدان التحرير. الأولى للمطالبة بإعادة تشكيل اللجنة التأسيسية لكتابة «دستور مدنى لكل المصريين» والثانية للاحتجاج على تسريبات باستبعاد حازم صلاح أبوإسماعيل من الترشح للرئاسة على خلفية ما يثار بأن والدته حصلت على الجنسية الأمريكية. أمام كل منصة لم يكن هناك أكثر من مائتى شخص وكل يصدح بهتافاته، فى المنصة الأولى هتفوا «مدنية مدنية لا دينية ولا عسكرية».. وفى المنصة الثانية كان الشعار الغالب «يا طنطاوى قول لعنان الأسود نزلوا الميدان». بعد قليل بدأت المسيرات المؤيدة لأبوإسماعيل والقادمة من المحافظات ومسجد الفتح برمسيس تصل الميدان، ومع حلول الثانية والنصف ظهرا كان أنصار أبوإسماعيل يحاصرون منصة الدستور بهتافات هادرة.

 

ثم بدأ التراشق بالألفاظ وبعدها بزجاجات المياه وأخيرا تمكن أنصار أبوإسماعيل من الصعود إلى منصة أنصار الدستور ورفعوا المصاحف وهتفوا «الدستور فين القرآن اهو».

 

قبل هذا الاشتباك بقليل كنت أقف أمام منصة أنصار أبوإسماعيل.. استوقفنى احد المؤيدين وبدأ يناقشنى فى «المؤامرة المحاكة ضد أبوإسماعيل» وعندما قلت له إن الفيصل هو صحة الأوراق وتطابقها مع شروط الترشح قال لى بوضوح: «لا نعترف بهذا، هات لى دليل من الشرع يمنع أبوإسماعيل من الترشح».

 

قلت له القانون يشترط ألا يكون والد أو والدة المرشح سبق له الحصول على جنسية اجنبية، رد بإصرار قائلا: «الشرع هو الفيصل.. وإن الحكم إلا لله. عند هذه اللحظة كانت حلقة النقاش قد اتسعت، كنت وحيدا وسط بحر من مؤيدى الشيخ.. فجأة دخل شخص ضخم وطويل وسألنى: «هل أنت مع الشيخ حازم أم ضده؟» قلت له أنا صحفى أرصد وأكتب، كرر السؤال ثانية بنفس طريقة أسامة بن لادن عن الفسطاطين، قلت له أرفض الإجابة على سؤالك بهذه الصيغة، قال بأدب: إذن أنت تريد أن تفسد مجموعتنا بالمجادلة، قلت له هم الذين استوقفونى لمناقشتى ثم هل أنتم ضعفاء الحجة كى أؤثر فيكم؟رد بأدب ثانية يرجونى أن أنصرف من المكان.

 

وللأمانة فإن معظم زملائه الذين أحاطوا بى كانوا مهذبين واعترضوا على سلوكه لكنهم لم يستطيعوا التصدى لإصراره بإما أن أكون معهم وأبقى أو ضدهم وأنصرف.

 

لم يكن ما أزعجنى هو سلوك هذا الشخص متين البنيان بل تفكير غالبية زملائه المهذبين الذين لا يعترفون أصلا بقرارات لجنة الانتخابات وشروطها.

 

نظرت إلى وجوه أنصار أبوإسماعيل الذين احتلوا منصة المنادين بمدنية الدستور.. كانوا كأنهم انتصروا على الصهاينة وحرروا القدس.

 

لا أحد يؤمن بالديمقراطية يقبل أن يمنع أنصار التيار الليبرالى مثلا غيرهم من التظاهر لكن المشكلة فى الناحية الأخرى أن بعض أنصار التيار الدينى يتعاملون مع الأمر باعتباره واجبا دينيا.

 

كان من الخطأ أساسا أن يختار الطرفان التظاهر فى مكان واحد وفى نفس التوقيت.. من المنطقى أن تتقاطع الهتافات وتتصادم.

 

خطورة ما حدث بعد ظهر الجمعة أنه قد يكون «بروفة جديدة» على سيناريو قد يتكرر كثيرا فى المستقبل، خلاصته أن القوى الإسلامية قد تسحب اعترافها حتى بالدستور الذى تريد الانفراد بوضعه وأن يكون مرجعها القرآن الكريم فقط. والأكثر خطورة أن تتطور المصادمات ليكون الفيصل هو الصعود إلى المنصة ــ أى منصة ــ وطرد أصحابها ورفع راية الشيخ أبوإسماعيل أو الأمير الشاطر أو أى شخص آخر.

 

المؤكد أننا مقبلون على أيام صعبة لكن لا مفر من خوضها حتى يدرك غالبية الشعب أن نيل الحرية والديمقراطية مطلب غال يتطلب تضحيات كثيرة ووقتا أطول.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي