سؤال افتراضى: هل من الوارد أن نشهد تنافسا فى الانتخابات الرئاسية العام المقبل بين الرئيس حسنى مبارك ونجله جمال مبارك؟
الإجابة بالطبع لا.. ولو حتى فى الأحلام.هذا السيناريو كان يمكن أن يتحقق نظريا لو أن الرئيس حسنى مبارك أصر على الترشح عن الحزب الوطنى مقابل ترشح جمال مبارك على قوائم أحد الأحزاب الممثلة فى مجلس الشعب فى المواعيد الدستورية المقررة.
سؤال آخر أقل افتراضية: هل يمكن أن يحدث التنافس بينهما على أرض الواقع؟
بالمنطق والعقل وطبائع الأمور فإن الإجابة هى لا، والسبب أن أى والد طبيعى لا يتمنى أن يجد من هو أحسن منه فى الحياة باستثناء أن يكون هذا الشخص هو ابنه.
سؤال ثالث أكثر عملية وواقعية وأقل استغراقا فى الافتراضات والتخمينات: هل هناك تنافس بين المقربين والمستفيدين المحيطين بكل من الرئيس ونجله؟!الإجابة هى بالطبع واليقين والمشاهدات والتلميحات نعم.. وبالثلث. ولعل الحملات والحملات المضادة على أرض الواقع وفى عالم الإنترنت الافتراضى هى خير دليل على ذلك.
نسمع ونقرأ ونشاهد تحركات كثيرة تدعو جمال مبارك للترشح، آخرها «الائتلاف الشعبى لدعم جمال مبارك»، لكننا سمعنا أيضا مؤخرا عن «حملة شعبية عليا لتأييد الرئيس مبارك» تطالبه بالاستمرار مرشحا «ضمانا للاستقرار ولمواجهة البرادعى وتطهير مصر من سموم المعارضة» على حسب ما جاء فى بيان الحملة يوم الأربعاء الماضى.
جميع المسئولين بالحزب الوطنى من جمال مبارك وحتى أصغر مسئول يؤكدون ويقسمون أن الحزب غير مسئول عن هذه الحملات، وأنها من بنات أفكار أصحابها، وأنهم تطبيقا للتعددية والشفافية والمجتمع المدنى لا يملكون منعها أو وقفها وبالطبع أيضا فإن من حقنا ألا نصدق كل هذه الاسطوانات باعبتار أنه يصعب إن لم يكن يستحيل أن يتطوع أى شخص لعمل حملة سياسية تجمع توقيعات من دون أن يستشير أولى الأمر، وقد لا يكون ولى الأمر بالضرورة هو السيد جمال مبارك، وربما كان شخصا ذا منزلة وظيفة وسيطة.
وحتى إذا صدقنا أنه لا يوجد ضوء أخضر، فهل نستبعد وجود التنافس بين المعسكرين؟
مرة أخرى وحتى يكون الأمر واضحا فنحن لا نتحدث عن تنافس بين الرئيس ونجله لأنه غير منطقى لكننا نتحدث عن تنافس آخذ فى الاتضاح والتبلور بين أنصار المعسكرين.
ولمن لا يريد أن يصدق عليه أن يتصفح الصحف التى صدرت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ويمعن النظر فيها ويقرأ ما بين سطورها وما تحتها وما فوقها.
هناك معسكر يلح ويسرب ويؤكد أن مبارك سيكون هو المرشح الوحيد للحزب فى انتخابات 2011.. ومعظم أعضاء هذا الفريق يعرفون أن الافول والموت سيكون هو النهاية الطبيعية لمسيرتهم الوظيفية والسياسية فى اللحظة التى سيتم فيها الإعلان عن ترشح جمال مبارك وليس حسنى مبارك.
فى المقابل فإن الفريق الذى يصر ويشجع ويدعم ترشيح جمال مبارك يعرف أن عدم ترشح النجل يعنى أن كل مصالحهم الاقتصادية قد تتعرض لتهديد خطير.
وبالتالى فإن جزءا كبيرا من هؤلاء لا يصيبه اليأس فى دعم الابن ليس حبا فى الأخير بالضرورة، ولكنه بالأساس دفاعا وتأمينا لمصالحهم الاقتصادية.
هل يمكن أن يصل الأمر إلى التناقض بين المعسكرين؟!
الإجابة هى ربما، رغم أن كثيرين يقولون إن التناقض موجود بالفعل بين الفريقين منذ زمن بعيد، خصوصا أن الحرس القديم أو رجال الرئيس هم فى الأساس موظفون تدرجوا فى العمل السياسى حتى بلغوا القمة، فى حين أن الحرس الجديد أو أنصار الابن معظمهم رجال أعمال دخلوا السياسة بفلوسهم لتحقيق النفوذ الذى يحمى هذه الأموال ويزيدها.
التنافس عبر الإنترنت قد يكون أمرا سطحيا، لكن الصراع فى العمق وعلى أرض الواقع هو المشكلة، خصوصا أننا لا نملك حتى الآن بديلا ثالثا على أرض الواقع يستطيع أن يكسر الدائرة الجهنمية ما بين صراع رجال الأب وأنصار الابن. حتى لا يكون الثمن هو ضياع روح الوطن نفسه.