قبل ثلاثة أيام أعلنت الحكومة العراقية رسميا تعيين اللواء قاسم سليمانى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثورى الإيرانى مستشارا عسكريا لها.
وقبل يومين قال قائد الحرس الثورى الإيرانى السابق محسن دوست ان إيران مستعدة لمساعدة العراق فى إنشاء حرس ثورى، إذا فكر فى ذلك لأنها تملك نموذجا جيدا فى هذا الصدد. وألمحت إيران إلى امكانية تحويل قوات «الحشد الشعبى» إلى حرس ثورى عراقى.
قبل حوالى عامين ساهمت إيران فى إنشاء ما يسمى بـ«الحشد الشعبى» وهى ميليشيات تضم فقط مسلحين ينتمون إلى الطئفة الشيعية، للتصدى لتنظيم داعش الذى تمكن من احتلال أجزاء كبيرة من غرب العراق وشماله خصوصا مدينة الموصل فى قضاء نينوى ومدينة الفلوجة غرب العاصمة بغداد.
تنظيم داعش السنى متطرف وإرهابى، وصار مؤكدا أن «الحشد الشعبى» الشيعى متطرف وإرهابى أيضا، الأول يتطرف باسم السنة ويمارس أبشع أنواع القتل والإرهاب ضد الشيعة والسنة معا، والثانى يتطرف باسم الشيعة وارتكب ويرتكب أبشع أنواع القتل والإرهاب ضد السنة فقط، خصوصا الذين لم يكن لهم ذنب سوى أنهم كانوا يقيمون فى المناطق التى تحررت من سيطرة داعش فى العراق.
قبل أيام قليلة بدأت القوات العراقية فى محاولة إخراج داعش من مدينة الفلوجة، وحاولت ميليشيات «الحشد الشعبى» المشاركة فى المعارك وارتكبت نفس الممارسات الطائفية البغيضة التى كانت تقول إن داعش يرتكبها، ولولا الضغوط الدولية والإصرار على تحييد هذه الميليشيات، لربما رأينا مذابح اكثر.
وبدلا من أن تقوم الحكومة العراقية بصهر الجميع فى جيش وطنى موحد، رأيناها عاجزة عن كبح جماح ميليشيات «الحشد الشعبى» الطائفية. والأسوأ أنها بدلا من تخفى دور الإيرانى قاسم سليمانى وقيادته للمعارك فى العديد من الجبهات من الأنبار إلى الفلوجة، سارعت بتعيينه رسميا مستشارلها، وحجتها فى ذلك أن هناك العديد من المستشارين الأجانب خصوصا الأمريكيين والبريطانيين والكنديين.
لو قدر لإيران ان تنجح فى مسعاها بإنشاء حرس ثورى فى العراق، فإن ذلك لا معنى له إلا اتمام تحويل العراق العربى الشقيق إلى فرع صغير لولاية «ولى الفقيه» فى قم.
عندما قامت الثورة الإسلامية فى إيران بقيادة آية الله الخومينى فى فبراير ١٩٧٩، فإن أخطر ما فعلته هو تأسيس «الحرس الثورى» ليكون قوة منافسة للجيش النظامى الوطنى الموحد الذى يضم جميع أبناء الشعب.
هذا الحرس هو الذى رسخ أركان نظام الملالى الطائفى بالحديد والنار، وبعض الديكور الديمقراطى تحت إشراف مجلس الخبراء ومجلس تشخيص مصلحة النظام، بحيث لا يترشح أى شخص لأى منصب من عضو المجلس المحلى إلى الوزراء والرئيس إلا بموافقة هذه المجالس.
نتمنى أن يفيق السياسيون العراقيون قبل فوات الأوان. القضاء على تنظيم داعش الإرهابى، لا يكون بإقامة نظام طائفى إرهابى جديد ترعاه إيران. لو حدث ذلك لا قدر الله سوف تتواصل العدوى إلى بقية المنطقة، او يكون البديل هو التقسيم على اساس مذهبى وعرقى، وللأسف فإن التربة ممهدة لذلك فى سوريا ولبنان واليمن حيث تتواجه الميليشيات والمنظمات السنية الإرهابية والمتطرفة، ضد الميليشيات الشيعية المتطرفة من الحوثيين فى اليمن إلى حزب الله فى لبنان.
وسبق لقاسم سليمانى أن قاد العديد من المعارك فى سوريا تحت الراية الطائفية الشيعية وليس بطبيعة الحال تحت رايه القومية العربية!.
الحمد لله الذى خلصنا من كابوس الإخوان فى مصر، لأنهم فكروا أكثر من مرة فى تشكيل حرس ثورى ايضا تحت نفس المسمى الإيرانى أى «فيلق القدس»، وراجعوا تصريحات محددة فى هذا الصدد لصفوت حجازى وصلاح سلطان.
لو حدث ذلك لكنا تعيش الآن كابوسا مماثلا لما يحدث لى العراق وسويا واليمن.
السؤال الجوهرى: هل يتعظ من ما زالوا يدافعون عن الدولة الدينية أو خلط الدين بالسياسة فى مصر؟! نرجو ذلك. والأهم ان يفيق البسطاء والمغرر بهم وحسنو النية، من وهم السير وراء تجار الدين.
ختاما لا سامح الله أمريكا التى أطلقت المارد الطائفى والمذهبى بغزوها العراق عام ٢٠٠٣ خدمة للمصالح الصهيونية.